المنيا (مصر)- قتل الجمعة 29 شخصا على الاقل في هجوم شنه مسلحون على حافلة كانت تقل اقباطا لزيارة دير في المنيا بوسط مصر، في اعتداء رد عليه الرئيس عبد الفتاح السياسي مساء ب"توجيه ضربة" لمعسكرات لتدريب التنظيمات الارهابية في ليبيا.
وقال السيسي في كلمة الى الشعب مساء الجمعة عبر التلفزيون الرسمي "ان ما رأيناه اليوم لن يمر هكذا"، مستطردا "وانا اتحدث اليكم تم توجيه ضربة لاحد المعسكرات التي يتم فيها تدريب هذه العناصر" الارهابية التابعة لتنظيم داعش.
ولاحقا قالت وزارة الدفاع المصرية في بيان بثته على صفحتها الرسمية على فيس بوك ان "القوات الجوية قامت بتنفيذ ضربة جوية مركزة ضد تجمعات من العناصر الارهابية بالاراضي الليبية بعد التأكد من اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ للحادث الارهابي الغادر الذي وقع بمحافظة المنيا وما زالت العملية مستمرة حتى الان".
بالمقابل قال محمد المنصوري المتحدث باسم "مجلس شورى مجاهدي درنة" في شريط فيديو ان الطيران المصري شن "عند صلاة المغرب ثماني غارات على مدينة درنة لم تسفر عن اي استهداف لاي موقع من مواقع" المجلس "انما استهدفت مواقع مدنية"، مؤكدا ان "الاضرار كلها مادية، ولم تتسبب هذه الغارات بأية اضرار بشرية".
وفي كلمته اكد السيسي ان الحدود الغربية للبلاد مع ليبيا تشكل مصدر تهديد.
وقال "خلال السنتين الاخيرتين تم تدمير الف سيارة دفع رباعي" كانت تريد ان تدخل مصر عبر الحدود مع ليبيا، مضيفا انه "خلال الثلاثة اشهر الاخيرة فقط تم تدمير 300 سيارة دفع رباعي" كانت في طريقها الى مصر من ليبيا. واضاف انه توقع "منذ خمسة اشهر" ان يأتي عناصر تنظيم داعش الى مصر "بعد انتهاء مهمتهم في سورية".
وشدد على ان "مصر لن تتردد في توجيه ضربات ضد معسكرات الإرهاب في اي مكان سواء في الداخل أو الخارج"، متابعا "سنحافظ على شعبنا وعلى الأمن القومي المصري وسنتصدى لاي مساس بهما كما ينبغي (...) داخل مصر وخارج مصر".
ودعا الرئيس المصري "إلى معاقبة الدول التي تدعم الإرهاب وتمده بالسلاح والتمويل والتدريب"، موجها "نداء" الى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال له فيه "أعلنت ان مهمتك الأولى هي مواجهة الإرهاب وانا واثق من انك قادر على ذلك".
وقال الرئيس الأميركي الجمعة إن "سفك دماء المسيحيين يجب أن يتوقف".
وفي بيان أصدره مكتبه الصحفي قال ترامب إن "الإرهابيين يخوضون حربا ضد الحضارة، وعلى جميع من يقدّرون قيمة الحياة أن يواجهوا هذا الشر وأن يهزموه"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تقف الى جانب الرئيس السيسي وكل الشعب الشعب المصري".
وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت في بيان أن "مجهولين يستقلون ثلاث سيارات رباعية الدفع اطلقوا النيران بشكل عشوائي" على حافلة الاقباط.
وأضافت أن الهجوم وقع "على طريق صحراوية فرعية" تؤدي إلى دير الانبا صموئيل، مشيرة إلى انها تكثف جهودها لضبط الجناة.
وقالت وزارة الصحة إن الاعتداء اوقع 28 قتيلا و24 جريحا.
وليلا أعلن مجلس الوزراء المصري في بيان ارتفاع عدد القتلى إلى 29.
وأكد مستشار وزير الصحة المصري للرعاية العاجلة شريف وديع للتلفزيون الرسمي أن هناك "عددا كبيرا من الأطفال" بين الضحايا.
وفي مدينة مغاغة الواقعة بشمال محافظة المنيا تجمع نحو خمسين شخصا مساء الجمعة أمام مطرانية الاقباط الارثوذكس، حيث اقيمت صلاة الجنازة على اثنين من الضحايا قبل تشييعهما، بحسب صحفي من فرانس برس.
وهتف المشاركون في التشييع "ارحل يا وزير الداخلية" و"يسقط يسقط وزير الداخلية"، في حين كان عدد من النسوة ينتحبن بصوت مرتفع.
والقى الانبا اغاثون اسقف مغاغة كلمة امام المشيعين أكد فيها ان مرتكبي هذا الاعتداء "واهمون إذا كانوا يظنون انهم يكسرون الدولة المصرية" بمثل هذه الأعمال، مضيفا "كما انهم واهمون ان كانوا يظنون انهم يستطيعون كسر الاقباط".
وأضاف "أن الناجين من الحادث رووا لي أن الإرهابيين طلبوا من ابنائنا ان ينكروا ايمانهم ولكنهم قالوا لهم عشنا مسيحيين وسنموت مسيحيين".
وطالبت الكنيسة القبطية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك السلطات ب"اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفادي خطر هذه الحوادث التي تشوه صورة مصر وتتسبب في آلام العديد من المصريين".
واكدت مواساتها ل"كل الاسر المجروحة وتألمها مع كل الوطن لهذا العنف والشر الذي يستهدف قلب مصر ووحدتنا الوطنية التي هي اثمن ما نملكه ونحفظه ونحميه".
واعتبر السيسي كذلك ان "استراتيجية" تنظيم داعش "في مواجهة مصر هي إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين وان يقولوا للمسيحيين ان الدولة المصرية لا تقوم بحمايتكم بشكل كاف وانتم غير آمنين في مصر".
وتابع ان الاعتداءات على الاقباط تستهدف "كسر التماسك القائم بين الشعب المصري كله بمسلميه ومسيحييه".
ويأتي هجوم الجمعة بعد شهر ونصف الشهر على اعتداءين ضد كنيستين قبطيتين اوقعا 45 قتيلا وتبناهما تنظيم داعش.
وخلال الأشهر الاخيرة توعد تنظيم الدولة الإسلامية بمضاعفة الهجمات على الاقلية القبطية في مصر التي تشكل اكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط وتمثل 10 % من قرابة 90 مليون نسمة هم عدد سكان مصر. وكان التنظيم الإرهابي تبنى ايضا مسؤولية هجوم على كنيسة قبطية في القاهرة اوقع 29 قتيلا في كانون الأول(ديسمبر) الماضي.
ويتمركز الفرع المصري من تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سيناء ويهاجم بانتظام قوات الجيش والشرطة في هذه المنطقة.
كما نفذ التنظيم هجمات استهدفت الاقباط في شمال سيناء ما دفع عشرات الأسر المسيحية الى النزوح.
ويأتي اعتداء الجمعة كذلك بعد زيارة تاريخية قام بها البابا فرنسيس الى مصر للاعراب عن تضامنه مع المسيحيين المصريين. وقال البابا تعليقا على الاعتداء انه "شعر بحزن عميق لدى ابلاغه بالاعتداء الوحشي في وسط مصر"، واصفا ما حدث بـ"العمل الحاقد"، ومعربا عن "تضامنه العميق مع كل الذين طالتهم هذه الفظاعات".
وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي مؤكدا ان سقوط هؤلاء الضحايا "دليل جديد على بربرية ووحشية الارهاب" مؤكدا ان "منفذي ومدبري هذه الجريمة لا ينبغي ان يفلتوا من العقاب".
من جهته دان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان "بأشد العبارات هذا العمل الجبان"، مؤكدا ان "فرنسا تقف بشكل حاسم مع مصر في حربها ضد الارهاب".
كما ندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان نقلته وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) ب"الحادث الآثم".
ودانت الخرطوم الاعتداء، مشيرة في بيان لوزارة الخارجية انها تعرب عن "ادانتها واستنكارها الشديدين للهجوم المسلح الذي (...) راح ضحيته العشرات من الأبرياء الآمنين في جريمة مروعة تتنافى مع كافة القيم والمبادئ الإنسانية".-(ا ف ب)