معلمون أسرى الجشع!!

مع اقتراب العطلة المدرسية الصيفية، تزداد مخاوف معلمين في مدارس خاصة؛ من معاناة قادمة، ضمن دوامة لا تنتهي من القهر.
هي معضلة قديمة جديدة، تتمثل في ظلم يقع على هذه الشريحة التي يفترض أن تنال حقوقها كافة، لكنها بدلاً من ذلك تضطر للخضوع لشروط قاسية تفرضها إدارات مدارس “جشعة”، فتستغلهم أبشع استغلال، كما تتركهم أشهرا من العام، هي العطلة الصيفية، يتذقون طعم العوز.اضافة اعلان
فكثير من المدارس الخاصة تتعاقد مع المعلمين بداية العام الدراسي الجديد، بحيث ينتهي العقد مع حلول العطلة الصيفية. فتتوقف رواتب المعلمين لأكثر من شهرين، كما ينقطع اشتراكهم في الضمان الاجتماعي، وبما يؤدي أيضا إلى حرمان المعلمات من بدل إجازة الأمومة في حال استحقاقها أثناء فترة الإجازة.
مأساة المعلمين هذه، من خلال بطالة قسرية ولو مؤقتة، يرافقها انعدام الشعور بالاستقرار الوظيفي والمعيشي. والسبب هو غياب شبكة الحماية؛ من قبل وزارة التربية والتعليم، وجمعية أصحاب المدارس الخاصة، ونقابة المعلمين، ومؤسسة الضمان الاجتماعي التي يبدو أنها لا تقوم بـ”الرقابة” على أسماء المدارس التي تقوم بوقف رواتب الموظفين خلال العطلة الصيفية، رغم وجود أرقام تشير إلى إيقاف اشتراك أكثر من 8 آلاف معلم ومعلّمة بالضمان، بسبب انتهاء خدماتهم من مدارسهم العام الماضي!
والخلل لا يقتصر على حرمان آلاف المعلمين من رواتب العطلة الصيفية، بل هو يمتد أيضا إلى الرواتب المتدنية خلال العام الدراسي، والتي لا تتناسب وكفاءات هؤلاء المعلمين. وفي أحيان كثيرة يتم توقيع معلمين على عقود برواتب معينة، لكنهم في الواقع لا يتسلمون نصفها!
للأسف، يضطر المعلم في كثير من الحالات، إلى الرضوخ لكل تلك الشروط المجحفة وغير المقبولة؛ إذ لا خيار آخر لديه، ولا جهة تحميه وتضمن حقوقه فعلاً، وتحارب هذا “الفساد” المتفشي في بعض المدارس الخاصة، مع ما يرافق ذلك من “خوف” من التوجه إلى الجهات المعنية للشكوى، فيبقون أسرى هذا الجشع!
وقد تناول التقرير الذي نشرته “الغد”، أمس، للزميل أحمد التميمي، تحت عنوان “شبح يطارد معلمات بالمدارس الخاصة بالعطلة الصيفية”، هذه القضية التي يعاني منها الكثير من المعلمين، وخصوصا المعلمات اللواتي يترقبن أياما صعبة بتوقف رواتبهن لمدة شهرين على الأقل، وتجاوزات ومخالفات لا تنتهي من قبل أصحاب مدارس خاصة.
التقرير أشار أيضا إلى أن معظم المدارس في قصبة إربد، والبالغ عددها 140 مدرسة، لا تلتزم بدفع الحد الأدنى للأجور البالغ 190 دينارا. ويقوم أصحاب هذه المدارس بتوقيع المعلم على عقد وهمي بمبلغ الحد الأدنى للأجور، لكن على أرض الواقع ما تزال المعلمة تتقاضى 120–150 دينارا.
أين شبكة الحماية للمعلمين الذين تنتهك حقوقهم؟! ما هو دور النقابة التي تتلقى الشكاوى باستمرار؟ وأين العقوبات التي على وزارة التربية والتعليم إيقاعها بحق أصحاب المدارس المخالفة، وإن وصل الأمر إلى عدم تجديد ترخيص لها؟!
ينبغي أن يكون هناك تقييم شامل لواقع المدارس، تحديدا لجهة احترام حقوق المعلمين، لضمان أمانهم الوظيفي، والتأكد من أنهم يتلقون أجورا مناسبة لا يتم الإخلال بها لاحقا. وهو ما يستدعي تدخلا حكوميا صارما، بدءا من شروط التأسيس، وليس انتهاء بالمتابعة والرقابة المستمرتين.
مع بداية كل عام، يتغول كثير جداً من المدارس الخاصة على الآباء والأمهات من رفع الأقساط السنوية، من دون أي مبرر ناهيك عن مراعاة ظروف الأهالي. وفي المقابل، يُظلم المعلمون وتسلب حقوقهم في كثير من هذه المدارس أيضا!
لكن، كيف يستقيم توقع أن يقوم المعلم بتخريج جيل واع مثقف، يزدهر الوطن على يديه، في وقت يتعرض هو ذاته للظلم والقهرعبر إنكار حقوقه؟!