نائبات فقط بـ"الكوتا".. المطلوب رأس قانون الانتخاب

Untitled-1
Untitled-1

فرح عبدالله

عمان - شهدت انتخابات المجلس النيابي التاسع عشر مفاجآت عديدة، فلم تشهد اقبالا كبيرا من المواطنين، حيث شارك فيها 29.9 % مقابل أغلبية امتنعوا عن التصويت، كما شهدت خسارة النساء 5 مقاعد و44 ألف صوت مقارنة مع مجلس النواب الثامن عشر.

اضافة اعلان

وللمرة الأولى منذ العام 2007 لا تحصل فيها النساء على مقاعد بالتنافس، واقتصر فوزهن بخمسة عشر مقعدا على نظام الكوتا النسائية بحسب تقرير "عين على النساء" التابع لجمعية معهد تضامن النساء الأردني.

تقول الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة د. سلمى النمس إن "قانون الانتخاب هو السبب الرئيسي وراء انخفاض عدد النساء في البرلمان الأردني لأنه يعزز التنافس الفردي بين أعضاء القائمة الواحدة والثقل السياسي يكون عادة مرتبطا برأس القائمة وبالتالي وجدنا العديد من القوائم التي خافت أن تحصل المرأة الموجودة فيها على مقعد تنافسي، فقرروا اللجوء إلى كسب أكبر عدد ممكن من المقاعد من خلال دعم المرأة عن طريق الكوتا ودعم رأس القائمة على المقعد التنافسي وهنا كانت النتيجة عدم حصول القائمة الا على مقعد واحد تنافسي وخسارة مقعد الكوتا التي تنافست عليه المرأة".

وأضافت أن هذه "اللعبة" كانت خطرة لكنهم لم يفهموا قواعدها وبالتالي خسرت نساء لم يكن من المتوقع خسارتهن، وكذلك توجد العديد من التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بالنسبة للنائبات فحتى في الفضاء العام لا توجد نسبة عالية من النساء المشتبكة والقادرة على بناء قواعد جماهيرية، وبالتالي نسبة النساء الفائزات تعكس هذه الصورة الواقعية.

وللمرة الأولى انخفضت نسبة اقتراع النساء عن نسبة اقتراع الذكور على الرغم من أن أعداد الناخبات تفوق أعداد الناخبين الذكور بحسب تقرير "عين على النساء".

وقالت النائبة السابقة وفاء بني مصطفى إن السبب خلف انخفاض نسبة اقتراع النساء هو الحالة الوبائية وانتشار الكورونا. بالعادة ربة المنزل الأم هي المنوطة بالبقاء مع أولادها وبالتالي تكون خائفة بشكل أكبر، إضافة إلى المقاطعة الكبيرة من الشارع الأردني التي أدت بتلك النتائج.

الكوتا النسائية بين إيجابية التمييز ونمطية الصورة

86 % من المقاعد التي حصدتها النساء منذ العام 1974 كانت على نظام الكوتا النسائية .. بالرغم من زيادة عدد المترشحات الإناث بنسبة 46 % هذه المرة مقارنة بالانتخابات النيابية السابقة، حيث وصل تعداد المترشحات الإناث في هذه الانتخابات إلى 396 مترشحة فيما كان تعدادهن في الانتخابات السابقة 256 مترشحة فقط بحسب تقرير راصد الا أنها لم تحصل على أي مقعد تنافسي واكتفت بالكوتا فقط.

تقول المديرة التنفيذية لمركز تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش إن الكوتا النسائية هي تمييز إيجابي لكنها ترى أنها صنعت صورة نمطية ولم تعد قادرة على إخراج مخرجات قوية لأن الكوتا جعلت المرأة موجودة في البرلمان الأردني لكونها امرأة فقط بعيدا عن الكفاءات الموجودة لديها ونحن الآن بحاجة لنساء قويات يتصدرن المشهد الانتخابي وللأسف قانون الانتخاب ونظام القوائم جعل وجود المرأة في القائمة "حشوة" كما ساد في المجتمع بعيدا عن كفاءتها.

أما النائبة صفاء المومني فتظن أن الكوتا النسائية هي الصوت الوحيد المتبقي للمرأة داخل قبة البرلمان لذلك تقترح المطالبة بتعديل قانون الانتخاب حيث تصبح المرشحة قادرة على الترشح على مقعد مستقل أو مقعد ضمن الكوتا النسائية .. فالكوتا النسائية يجب أن تصبح كالمقعد المسيحي أو الشركسي هو خيار يمكنها الترشح له.

ومن وجهة نظر النائبة السابقة حياة المسيمي، فإن الحل لزيادة عدد النائبات بالبرلمان يكمن بتغيير قانون الانتخاب وعمل كوتات حزبية وليس كوتات على مستوى البرلمان فقط، انما كوتات حزبية بمعنى إلزام القوائم الحزبية بوضع نساء في قوائمها بمواقع متقدمة وهذا كله يحتاج إلى تعديل القانون والا ستصبح الكوتا النسائية "تحصيل حاصل لا يأتي لنا بجديد مع مرور الأيام وبالتالي ستبقى ضمانة لحفظ الحد الأدني من السيدات من باب العدد فقط، وليس لنوعية النائبات وبرامجهن الانتخابية".

في موازاة ذلك تؤكد د.النمس أن الحل الجذري لحل مشكلة انخفاض عدد النساء بالبرلمان يكمن بتعديل شمولي للقانون لأنه أثبت "فشلا ذريعا" بالمساهمة بتشكيل برلمان يوصل نوابا حزبيين ذوي ثقل سياسي وكذلك لم يدعم وصول الكتل التي تمثل التنوعات السياسية بالمجتمع.

15 نائبة في برلمان 2020.. ماذا بعد ذلك!

تقول د. النمس إن وجود 15 نائبة فقط قد يعزز الاهتمام بهن من قبل اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وباقي منظمات المجتمع المدني المهتمة بتمكين المرأة سياسيا، فالوجوه الجديدة مبشرة بالخير لأن معظمهن بحسب المؤشرات الأولية لديهن خبرة جيدة بالمجتمع المحلي فمشروع تمكين وصول النساء لمواقع القرار هو مشروع مستمر وردة فعل المنظمات النسوية كانت واضحة منذ البداية فهي تحتضن القيادات السياسية بصرف النظر عن ازدياد أعداد النائبات أو انخفاضه ومازلنا غير قادرين على تحديد الأثر الذي سنلمسه بشكل مباشر.

وفيما إذا ستزداد المسؤوليات على المراة تحت قبة البرلمان بسبب انخفاض عددهن، تقول النائبة المومني انها ليست خائفة تحديدا من هذه النقطة لأن الجهد الذي تبذله النائبة دائما مضاعف والأعين تكون مركزة عليها أكثر من الذكور بسبب التمييز المبني على الجنس المرتبط بدورها كأنثى، إضافة إلى أن النائبات داخل المجلس لا يعملن كتحالف ولا يشكلن قوة ضاغطة مع بعضهن بل يعملن بشكل فردي وهذه النقطة مؤسفة لكنها هي الحقيقة.

وكشفت النائبة صفاء المومني التي فازت بالمجلس النيابي السابق بمقعد تنافسي وفازت هذه المرة بمقعد كوتا ، أن عشيرتها كانت تفضل فوزها هذه المرة ضمن الكوتا النسائية لأنها تؤيد وجود رجل في المقعد التنافسي.

في هذا الصدد، تقول بني مصطفى إن الحكم ما زال مبكرا لأننا لا نعلم بالتحديد ما الخلفية السياسية والفكرية التي تمتلكها السيدات الجدد في البرلمان الأردني، وبالنهاية أي امرأة تصل لهذا المنصب تكون قد بذلت جهودا كبيرة مجتمعية وسياسية للوصول لهذا المكان.

فاعلية النائبات.. نسبة وتناسب

في مجلس النواب الثامن عشر لم تصبح أي نائبة رئيسة لجنة دائمة أو مؤقتة باستثناء لجنة المرأة وشؤون الأسرة. واقتصرت أدوارهن في اللجان الدائمة في مجلس النواب الثامن عشر على مقررة أو نائبة رئيس في بعض الحالات بحسب المعلومات الواردة في الموقع الرسمي لمجلس النواب.

وكذلك كانت مشاركتهن ضعيفة في الكتل النيابية واقتصرت على وجودهن ضمن مسميات "مقرر أو عضو" فقط.

وبررت المسيمي هذا الوضع بأن أداء الثامن عشر انخفض من ناحية نوعية النواب وبالتالي انعكس على الأداء، أي منذ العام 2011 إلى 2019 انخفض المسار البرلماني وانعكس هذا الانخفاض على تشكيل اللجان فأصبحت" تعتمد على الشخصنة والمحسوبية "وللأسف كانت تبنى هذه اللجان على من هو الرئيس فقط وكنا نحاول ترشيح نواب أفضل لكن أبعد الاعتبارات كان العمل السياسي والكفاءة.

وقالت د.النمس إنها تعتقد أن أداء النائبات كان جيدا بحسب عدد المداخلات والفاعلية كنسبة وتناسب مقارنة مع عدد النواب ولكن موضوع الكورونا تحديدا كان موضوعا مغيبا تماما بسبب تعامل الحكومة مع البرلمانيين بشكل إقصائي وتهميشي أبعدهم عن هذا الملف المهم لكن بشكل عام كانت النساء فاعلات بنسبة جيدة بخصوص الملفات الساخنة الأخرى.

وأكدت بني مصطفى أن النائبات كان لهن رأي مهم بالملفات الساخنة التي عرضت ببرلمان 2016، فكانت- مثلا- هي التي طالبت لجنة “قانونية النواب” بالإسراع في اتخاذ قرار بشأن مشروع قانون إلغاء اتفاقية الغاز الاسرائيلي.

وكذلك كان لدى النائبة السابقة ديمة طهبوب رأي واضح في موضوع حادثة البحر الميت حيث طالبت باتخاذ إجراءات سريعة وعملية ضد الحكومة ومن بينها طرح الثقة بخمسة وزراء على الأقل إضافة إلى أن النائبة ريم أبو دلبوح كانت ضمن لجنة التحقيق النيابية بحادثة البحر الميت.

برغم الارث الذي جسدته المرأة في تاريخ مجلس النواب، ستظل مخرجات المجلس التاسع عشر تمثل انتكاسة في تاريخ مشروع التمكين السياسي للمرأة، وتدفع نظر الناشطات والخبيرات في العمل النسوي للمطالبة برأس قانون الانتخاب رقم 16 لسنة 2016، على الاقل من جهة نظرهن.