نعم نستطيع تعليم التفكير: منهاج التربية الإسلامية (3 - 5)

الدكتور ذوقان عبيدات-(أرشيفية)
الدكتور ذوقان عبيدات-(أرشيفية)

الدكتور ذوقان عبيدات

عمان-الغد- بعد تزايد الحديث عن التلقين والتفكير، والحديث عن تحديات صعوبة الانتقال من التعليم بالتلقين الى التعليم بالتفكير، واستناداً الى تقهقر طلابنا في الاختبارات الدولية التي تركز على عمليات تفكير.
ونظراً لوجود آلاف من الطلبة غير المتقنين للمهارات الاساسية (حسب تصريحات وزارة التربية والتعليم).
وعودة بالنقاش من نص تم حذفه وآخر تم وضعه الى جوهر العملية التعليمية.
وبعد وعي المجتمع المتنامي منذ سنتين بأهمية مناهج التفكير، فقد قمت بخوض تجربة الانتقال من التلقين الى التفكير، من خلال سلسلة من انشطة تعليم التفكير، أو التفكير من خلال التعليم او التعليم بالتفكير، في مختلف المواد الدراسية، تنشر تباعاً في جريدة "الغد"، حيث تحتوي كل مقالة على عدد من انشطة التفكير في مادة دراسية، مثل التربية الاسلامية، اللغة، العلوم، الرياضيات، التربية الوطنية، موضحاً الاعتبارات الآتية:
اولاً: انها امثلة تفكير بسيطة، شملت عددا من مهارات التفكير في دروس عشوائية من كتبنا المدرسية ومناهجنا، يمكن تدريب مشرفينا ومعلمينا عليها في اسبوع واحد.
ثانياً: لم يتطلب الامر أي تغيير في الكتاب أو المنهج، حيث تم تحويل مادة الكتاب أو اهدافه الى انشطة تفكير.
ثالثاً: ان كتابة انشطة تفكير في مختلف المواد الدراسية من قبل شخص واحد امر غير معقول، فهذا عمل يحتاج الى فريق من مواد دراسية مختلفة برئاسة شخص تربوي يوجه ويعلم ويرشد.
رابعاً: تم ربط انشطة التفكير بالمهارات الحياتية، والثقافة المجتمعية، وحاجات الطلاب، ولذلك تم استخدام مفاهيم مثل المواطنة وحقوق الانسان وحقوق المرأة والكرامة والديمقراطية والانسانية في مختلف الامثلة، وبذلك نقدم مثالاً على ان هذه المفاهيم يمكن ان تتخلل المواد الدراسية كلها، دون ان تكون موضوعات مستقلة تشكل اعباء على الطالب والمنهج دون اضافة أية فوائد.
خامساً: نأمل أن نتلقى التغذية الراجعة من المختصين، الذين فضلوا البقاء على حافة الامن والسلامة في النقاش الدائر حول تطوير التعليم، وكذلك الأمل من الجهات ذات العلاقة، خاصة من يهتمون بتدريب المعلمين.
وفيما يلي المقال الثالث حول تعليم التفكير ومنهاج التربية الإسلامية.

اضافة اعلان

هل يمكن تعليم تفكير في منهاج التربية الإسلامية؟
خلافاً لما هو شائع من أن الدين يستند إلى الإيمان والتسليم والتصديق بما جاء من الوحي، وبعيداً عن الجدل بين العقل والنقل، فإنني سأقدم محاولة لادماج التفكير حتى في مادة التربية الإسلامية، آخذاً بالاعتبار الملاحظات الآتية:
1- إن مادة التربية الاسلامية أساساً تقوم على الحفظ والتلقين، فالقرآن الكريم يجب ان يحفظ، والاحاديث النبوية كذلك، فما مجال التفكير هنا؟
ان مدارسنا ومناهجنا استسلمت لهذه المسلمات، وركزت على الحفظ والتلقين، ولو بعيداً عن المعنى أو حتى بدون معنى في كثير من الأحيان.
2- ان السلوك الاسلامي كما ورد في منهج التربية الاسلامية يركز على ضرورة تمثل العقيدة الاسلامية، والالتزام بها فكراً وسلوكاً وعملاً، فهل بقي مجال للخيار والاختيار؟ لقد ورد هدف ان يلتزم الطالب او ان يمتثل الطالب عشرات المرات، ولم يرد ما يسمح له بمناقشة ما سيلتزم به.
على كل هذه هي تقاليد التدريس في مادة التربية الاسلامية وغيرها من المواد، فالمطلوب أن يلتزم الطالب ويطبق حرفياً ما يقال له.
3- وقد يعترض كثيرون على فكرة ادماج التفكير في تعليم الدين. اذن، ما الهامش المتاح امام ادماج التفكير؟
 نقول الدين او التربية الاسلامية هي مادة دراسية مثل العلوم والرياضيات وغيرها! فهل ما يمنع من التفكير؟
ان التربية الاسلامية، واستناداً الى القرآن الكريم والاحاديث الشريفة، وحتي الاحداث تدعو الى التفكير والتأمل، وسأقدم ادلتي المباشرة من القرآن الكريم حتى دون توثيق:
- "كذلك بيّن الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون".
- "افلا تفكرون".
- "او لم يتفكروا في انفسهم"؟
- "ويتفكرون في خلق السماوات والأرض".
- "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون".
- "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
- "لعلهم يتفكرون".
- "وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون".
تشير هذه الآيات الكريمة إلى أن القرآن يدعونا الى التفكّر والتفكير، سواء في الطبيعة، او الذات،  او الاحداث. وهذا ما يشجع فعلاً كل مسلم على أن يفكر. ولقد قلنا في مقالات سابقة أن التفكر يعني:
- الملاحظة الدقيقة والوصف الدقيق والتسجيل والتوثيق.
- الفهم والاستنتاج والاستدلال، وليس مجرد الحفظ.
- المقارنة بين الافعال والافكار والاحداث والبينات.
- الترتيب والتصنيف الزماني والمكاني، ووفق النوع او أي أساس آخر.
- وضع فروض لتفسير الموقف وعدم الاكتفاء بغرض واحد.
- الشك في الافتراضات والمسلمات، وفحصها بشكل مستمر.
- جمع الأدلة المؤيدة والأدلة المعارضة، وعدم الاكتفاء بأي منها.
- النظر بعمق الى الجوانب الايجابية والسلبية في أي موقف.
- الاهتمام بالمرتبات والنتائج القريبة والبعيدة المدى لأي فكر أو سلوك.
- اصدار القرار، وتقييم الأشخاص والافكار والحكم عليها بموجب معايير موضوعية.
-  التنبؤ بما سيحدث وتوقع المترتبات.
- التخطيط للتدخل بالاحداث المستقبلية وعدم الركون الى حتميتها.
هل هذا يمكن ان يحدث في مدارسنا؟ وفي صفوفها؟ وفي مادة التربية الاسلامية؟
الجواب: بالطبع نعم، فما يمكن ان يحدث في مادة العلوم، يمكن ان يحدث في التربية الاسلامية بالتأكيد. مع الاعلان بوضوح ان ذلك لم يحدث بعد في مدارسنا، لا في العلوم ولا اللغة ولا التربية الاسلامية.
إذن؛ نحن نتحدث عن منهج وطرق تدريس، يمكن ان تطبق في كل المواد، ولكنها لا تطبق حالياً لاسباب عديدة منها:
- إننا غير مهتمين بالتفكير، لا رسمياً ولا مجتمعياً.
- ان قياداتنا التربوية ليست مسكونة بهاجس التفكير.
- أن من يتقنون تعليم التفكير لا تتاح لهم الفرص لتنفيذ معارفهم ومهاراتهم.
- اننا نعيش تراثاً هائلاً من التلقين.
- ان كثيراً من قيادات المجتمع ومؤسساته ترفض التفكير باعتباره خارجاً عن مألوفهم، او جهلاً بأهميته، او اعتقاداً خاطئاً  بان الدين تسليم وقبول وخضوع.
واشير الى ملاحظة، انني اجتهاداً مني، سأقدم انشطة دينية من خلال التفكير بمهاراته المختلفة، فهي انشطة اجتهادية لا تمس الدين اطلاقاً، بل ترتبط بتدريس الدين كأي مادة دراسية اخرى. فالتفكير في محتوى المادة لا يعني تشكيكاً أو رفضاً أو نقداً بل تمحيص وتحليل وتأمل. وهذا ضروري ومفيد للدين اصلاً، وليكن هذا واضحاً؛ التفكير في تدريس الدين بطريقة تفكير ناقد وابداعي.
وسأقدم بعض امثلة انشطة تفكير في مادة التربية الاسلامية على الرغم من المحددات التي ذكرتها سابقاً.
نشاط 1: تقديم مقترحات وأفكار:
"حلم طالب بأن عمه سيذهب الى الجنة، بسبب عدة اعمال كان يقوم بها في حياته".
اذكر خمسة من هذه الأعمال؟
كم عملاً قمت به يمكن ان يقودك الى الجنة؟
- اذكر خمسة اعمال قد تبعدك عنها؟

نشاط 2: يقوم المسلم بأعمال عديدة، صنفها الى: دائماً، غالباً، احياناً، نادراً ابداً.
- يصلي.
- يقوم بأعمال تطوعية.
- يحترم المرأة.
- يميز بين الولد والبنت.
- يكفر الاخرين.
- يساعد الفقراء.
- .... الخ

نشاط 3: وضع فرضيات:
كان ثلاثة شباب يتنزهون في حديقة، سمعوا آذان العصر، ذهب اثنان منهم الى المسجد، ولم يذهب الثالث،
اذكر خمسة أسباب تفسر بها عدم ذهابه الى المسجد؟
نشاط 4: مناقشة العوامل الايجابية والسلبية.
في نص مختلف عليه: "ناقصات عقل ودين"، اذكر ثلاثة ادلة تجعلك تدعم هذا النص، واذكر ثلاثة ادلة تجعلك تشك في صحته.

نشاط 5: الربط بين المعاني:
قال تعالى: "قل يا ايها الكافرون، لا اعبد ما تعبدون".
أي العبارات التالية تتفق مع هذه الآية الكريمة، وايها لا تتفق:
- الكفار يذهبون الى النار.
- الكفار يعبدون الله.
- الكفار يعبدون غير الله.
- الكفار لهم الحق في اختيار ما يعبدون.
- المسلمون يذهبون الى الجنة.
- تختلف عبارة الكفار عن عبارة المسلمين.
- .... الخ
نشاط 6: لكل قضية جانبان:
"يصوم المسلم في رمضان".
اذكر خمسة سلوكات ايجابية يمارسها المسلم وهو صائم. اذكر خمسة سلوكات تتمنى ان لا يمارسها بعض الصائمين.

نشاط 7: قواعد إيمانية أم قوانين علمية:
في صلاة الاستسقاء
- يدعو المسلمون ربهم لنزول المطر.
- ينزل المطر غالباً بعد كل استسقاء.
- قد ينزل المطر بعد الاستسقاء.
- ربما لا ينزل المطر بعد الاستسقاء.
- متى برأيك يستجيب الله؟
- هل يمكن نزول المطر قبل صلاة الاستسقاء؟ ام بعدها؟
نشاط 8: ميز بين الآراء والحقائق.
- حدثت معركة بدر بين المسلمين واعدائهم.
- لولا معركة بدر لما انتشر الاسلام.
- انتصر المسلمون في بدر.
- الكفار جبناء دائماً.
- .... الخ

نشاط 9: التشابه والاختلاف في المعنى (سورة القارعة).
في الجمل الآتية جملتان متشابهتان في المعنى:
- احداث يوم القيامة مرعبة.
- يخرج الناس من القبور.
- يحاسب الناس على أعمالهم.
- تتفتت الجبال كالعهن المنفوش.
- يخاف الناس من احداث يوم القيامة.
- يلتزم المسلمون بالشهادتين.
ما الجملتان المتشابهتان؟
ما الجملة التي تختلف عن بقية الجمل؟

نشاط 10: السبب والنتيجة:
ميز بين الاسباب والنتائج في كل عملية مما يأتي:
- غشّ التاجر فغضب منه الناس.
- يلقى الكافر عذاباً شديداً.
- خافت زميلتك من الله فلبست لباساً شرعياً.
-  يدخل المؤمن الجنة لانه قام بعمل جيد.
- المؤمن الجيد يحترم المرأة.

نشاط 11: ربط النتائج بأسبابها:
كانت باسمة صادقة، تحترم الآخرين. أي الاستنتاجات الآتية صحيحة:
- ستدخل الجنة.
- قد تدخل الجنة.
- الصدق ليس طريقاً للجنة.
- ما دامت صادقة فهي مؤمنة.
- الله أعلم.

نشاط 12: ما أولوياتك؟
حصلت على مبلغ من المال قيمته عشرون ألف دينار، أين تنفقه؟ حدد نسبة لكل مما يأتي:
- دعم صندوق البحث العلمي.
- تأهيل خطباء المساجد.
- بناء مسجد.
- دعم طلاب جامعة محتاجين.
- دعم جمعية حقوق الأنسان.
- دعم جمعية حقوق المرأة.
- لأمك وأبيك.
- جمعية إسلامية.
-

نشاط 13: اصدار احكام:
قال خطيب المسجد يوم الجمعة: لا يجوز أن نهنئ غير المسلمين بأعيادهم. هذا يعكس:
- حقيقة الدين الاسلامي.
- جهل الخطيب.
- التطرف والتعصب.
- كراهية غير المسلمين.
- الفهم الخاطئ للخطيب للدين.

نشاط 14: الترتيب:
"تسود في مجتمعنا قيم سلبية تؤثر على بعض الأفراد". رتب هذه القيم حسب شدة سلبيتها من الاعلى الى الادنى:
- انتهاك حقوق المرأة.
- التعصب والتحيز.
- كراهية الآخر.
- اهمال الصلاة في مواعيدها.
- الغش والكسب الحرام.
لماذا رتبت هكذا؟ هل لديك سلوك أكثر سلبية مما سبق؟ ما هو؟

نشاط 15: اصدار احكام تعميمية:
قيل لسيدة في الخمسين من عمرها "انت قمت بعشرة أعمال ايجابية، ستدخلك الجنة".
برأيك: ما هذه الأعمال؟
وقيل لرجل: "قمت بسلوكات عشر سلبية ستحاسب عليها".
برأيك  ما هذه السلوكات؟
ما افضل عمل يقوم به انسان؟
ما أسوأ عمل يقوم به انسان؟

نشاط 16: الربط:
في درس "دار الارقم":
ما أكثر المؤسسات شبهاً بدار الأرقم؟
- المدرسة
- المسجد
- النادي
- مركز تحفيظ القرآن
- حزب سياسي
- دار ضيافة
رتبها حسب درجة تشابهها مع دار الأرقم.

نشاط 17: ابداع
اركان الاسلام خمسة وهي ثابتة:
- ما الركن الذي يتوجب عليك ممارسته دائماً!
- ما الركن الذي يمكن تأجيله؟
* هل يمكن اعتبار ما يأتي اركاناً مهمة لأي سلوك أو فكر:
- العمل
- الاخلاص
- الحب
- احترام الآخر

نشاط 18: المرجع الموثوق
اردت ان تسأل شخصاً عن قضية دينية. أيا من هؤلاء تثق فيه؟ رتبهم حسب درجة ثقتك باجاباتهم:
- معلم تربية اسلامية.
- معلمة  تربية اسلامية.
- مدير مدرسة.
- فتاة محجبة.
- والدك.
- رجل ملتح.
- رجل يلبس ثوباً قصيراً.
- شيخ
- رجل دين مسيحي.

 نشاط 19: انتاج افكار جديدة
في سورة "الكافرون":
- "لا اعبد ما تعبدون، ولا انتم عابدون ما اعبد".
لا اشاهد.. ولا...
لا آكل... ولا...
لا.... ولا..
لا... ولا

نشاط 20: وضع فروض متنوعة
في مسجد ما يزداد  عدد المصلين باستمرار، وفي مسجد آخر يقل عدد المصلين باستمرار.
اكتب خمسة اسباب تفسر فيها زيادة عدد المصلين في المسجد الأول وخمسة أسباب تفسر فيها تناقص عدد المصلين في المسجد الثاني.
استفد من الافكار الآتية:
- مكان المسجد.
- مؤهلات إمام المسجد.
- محتوى الخطب والدروس.
نشاط: 21: الموازنة بين الحلول.
رأى زملاء لك في الفصل ان عدداً من الطلاب لا يصلون. ان السلوك الصحيح في مثل هذا الموقف:
- ان نهددهم.
- ان نذكرهم بالعقاب.
- ان نشكوهم.
- ان نقاطعهم.
- ان نناقشهم.
رتب هذه السلوكات حسب اهميتها عندك. أي السلوكيات مرفوض لديك؟
مرة اخرى اكرر:
هذه انشطة اجتهادية، ليس مطلوباً تحليل مضمونها او تطبيقها، وقد يكون المختصون اكثر قدرة على وضع انشطة تفكير أكثر سلامة منها، فأي خطأ فيها لا يكون صادراً بسوء نية؟
يرجى من المختصين، ان يقرأوا الانشطة بروح ايجابية، وان يعدوا انشطة بعيدة عن أي شبهة، فالانشطة الواردة في المقالة هي امثلة لما يمكن ان يعمل وليست نماذج للتطبيق.
ولا شك أن المختصين اكثر قدرة على وضع محتوى ايجابي، او تصحيح أي خطأ غير مقصود.