فارِهٌ بِالريحِ
بِالطَعَناتِ
بِالصَمْتِ المُعَمَدِ بِالكَرامَةِ
وَالنِداءاتِ الشَفيفةِ في صَباحِ الآهِ
بِاُلْحُلمِ الجَميلِ وَصعْدَة الأَنْفاسِ
بِالنايِ المُعَطَّشِ في مَوَاويلِ العَتابا
بِالْعِناقِ عَلى مَواجِعِ قَلْبِنا العَفْويِّ
حِينَ تَرُدُّ غُرَتهُ الصَبابا في المَساءْ
فَيَا شَجَري صَباحُ النَارِ وَالطَلَقاتِ
يا سَروَ المَنازِلِ
يا هُدى البَحْرِ العَتيقِ
وَمُنْذُ آلافِ السِنينِ يَصيحُ
غَزَةَ اِحْملينا فَوقَ أَكْتافِ النَهارِ
وَسافِري فينا لِنُصْبَحَ مِلْحَ بَحْرِكِ
مِلْحَ صَوْتِكِ
مِلْحَ وَرْدِكِ في الشَوارِعِ
وَالْبِناياتِ الكَثيفةِ بِالحَياةِ
وَبِمَرْجِ دَحْنونٍ تَفَقَدَنا لِيَضْحَكَ
عِنْدَما اسْتَرْخَتْ مَلامِحنا عَلى دِفءْ السَماءِ
صَباحُكِ الَلوزِيُّ يا عُنْقودَنا الْمَجْروح
يا قِنْديلَنا المَكْسور في بَرِّ السَلامِ المُرِّ
يا أُمَّ المَصابيحِ الحَزينةِ
يا مَشاعِلَنا نُعَلِّقها لِنَفْضَحَ عُرْيَ مَنْ مَروا عَلَيْنا
ثُمَ خَلونا عَلى الطُرُقاتِ نَحْمِلُ حُزْنَنَا لِنَغيبَ
لَكِنا بَقينا كَالْسَناسِلِ حَولَ أَرْياحِ الرَدى
مُتَعَلِقينَ بِصَوْتِكِ الْبَريِّ
لَمْ نَتْرُكْ رَصاصَكِ تائِهاً
وَسَنَحْمِلُ التُفاحَ فَوقَ جِراحِنا
لِنَقولَ غَزَةَ مِنْ جَديدْ
لِنَقولَ اسْمكِ فارهاً بِالتينِ وَالزَيْتونِ
وَالمَعْنى الجَليلِ لِشَهْقَةٍ
تُلْقي مَفاتِنها عََلَينا
كُلَّما مَرَتْ قَنابِلهمْ
عَلى أَوْجاعِنا في الَليلِ
..
يا سَمَكاً يُقاوِمُ في النَهارِ وَفي الظَلامِ
وَيَحْتَمي بِالْفَرفَحينا
وَهيَ تَرْقُصُ في السُهولِ عَلى سُهولِكِ
وَهيَ تَغْزِلُ نَظْرَةً مَجْنونَةً بِالْعِطْرِ
لِلصيّادِ يَسْري مِنْ صَباحِ الله
حَتى عَوْدةَ العُشاقِِ مِنْ أَحْلامِهمْ
وَيسيرُ مَشْدودَاً إلى أَعْناقِنا
..
الله يا صَوتَ المُغَني في رِياضِ جُموحِنا
هَذي أَصابِعنا عَلى صَوتِ المَناراتِ الرَشيقةِ
وَهيَ تَصْهلُ
وَهيَ تُشَرِّعُ بَابَها لِلْفَتْحِ
تَدْخُلُ مِنْ نَوافِذِنا المُغَلَّقَةِ الحَزينَةِ
كَيْ تُعَلِقُها عَلى أَرْضِ الجِراحِ
وَتَزْرَع المَعْنى لِتَبْقى وَرْدَةً في القَلْبِ
تُشْعِلُنا لِنَصْعَدَ لِلسْماءِ معاً
وَنَسْألُ عَنْ مَنازِلِنا التي احْتَرَقَتْ هُناكَ
وَصارَ لَها حُقولٌ من يَتامانا
نُعيدُ لَها مُغَناة الرَبيعِ العَذْبِ
نَحْمِلُها عَلى أَكْتافِنا
وَنَطيرُ مَعْ راياتِنا الخَضْراءِ
قُرْبَ طَهارَةِ الشُهَداءِ يا غَزَة.