عمان- السيطرة على ضغوطات المشاكل الحياتية، أحد أهم الأسباب التي تدعو لممارسة رياضة التأمل، إلا أن الدراسات الحديثة التي أجريت على هذا الصعيد أظهرت أن رياضة التأمل ليست مجرد تقنية تساعد على الاسترخاء، وبأنها تشمل العديد من الفوائد التي تعود على ممارسيها.
وتنطوي رياضة التأمل على الكثير من الإيجابيات التي تحسن من أداء العقل والجسد على حد سواء، ومن هذه الإيجابيات:
- المساعدة على التركيز: يحكم الكثير من الناس على التأمل بأنه رياضة مبطنة، ويصعب تعلمها. إلا أن هذا الاعتقاد الشائع بين الناس، أثبت بأنه خاطئ، حيث تبين بأن ممارسة التأمل لا تحتاج سوى لقيام المرء وبشكل مقصود بتركيز ذهنه على شيء أو نشاط معين، الأمر الذي يجعل من المنطقي أن تقوم رياضة التأمل بشحذ طاقات المرء التركيزية وتحسينها.
وأثبتت إحدى الدراسات الحديثة صحة هذا الأمر، حيث تبين أن الممارسة الكثيفة لرياضة التأمل لمدة ثلاثة شهور أدى لزيادة تحسن الانتباه والتركيز لمدة طويلة من دون انقطاع متكرر.
- خفض ضغط الدم: ذكر الباحثون بأن رياضة التأمل قد تلعب دورا فاعلا بالمساهمة بتخفيض ضغط الدم لدى من يمارسها. فقد أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن رياضة التأمل ساعدت الأشخاص الذين يمارسونها على تقليل الحزن النفسي لديهم وزيادة قدرتهم على التعامل إيجابيا مع الظروف المحيطة بهم. والأهم من هذا هو قيام رياضة التأمل بالتقليل من ضغط الدم لدى الأشخاص الذين لديهم الميل بالإصابة بارتفاع ضغط الدم في مراحل عمرية لاحقة.
وتعد هذه النتائج مهمة فعلا، خصوصا لو علم بأن المرء كان يعاني بسن المراهقة من ارتفاع بسيط بضغط الدم، فإن هذا سيجعل نسبة احتمالية إصابته بارتفاع ضغط الدم ومضاعفاته تزيد بثلاثة أضعاف عن غيره، وهنا يمكن الاستفادة من رياضة التأمل في السيطرة على هذا الأمر قبل تفاقمه.
- تحسين القدرة على النوم: يشير الباحثون إلى احتمالية أن تساهم رياضة التأمل بخفض أعراض حالات الأرق التي يعاني منها الكثير من الناس. فقد قام الباحثون من خلال إحدى الدراسات الحديثة بمراقبة تأثير أحد أنواع التأمل والذي يسمى vipassana على النوم. علما بأن هذا النوع من التأمل يساعد على جعل من يمارسه يركز على العمليات الجسدية والذهنية لديه.
وشارك بالدراسة 105 أشخاص تتراوح أعمارهم بين (30-60 عاما). حوالي نصف هؤلاء المشاركين كانوا يمارسون تلك النوعية من التأمل، بينما لم يكن النصف الآخر يمارسها إطلاقا. وتبين بأن مجموعة الأشخاص الذين يمارسون التأمل قد أظهروا تحسنا في كفاءة النوم العميق لديهم بعكس المجموعة الأخرى.
- السيطرة على الألم: تعد السيطرة على الآلام المزمنة من أكثر الأسباب التي بحثت لاستخدام رياضة التأمل. ويتم لهذا الغرض استخدام نوع معين من التأمل يسمى mindfulness، حيث أن هذا النوع يجعل المرء يركز تركيزا كاملا لحظة بلحظة على النشاط الذي يقوم به، وذلك من أجل جعل المرء يكتفي بمعرفة كيف تم هذا النشاط من دون أن يحكم أو يتفاعل معه. علما بأن هذه النوعية من التأمل قد تساعد من يعاني من آلام مزمنة على التعرف على ألمه وتقبله بدلا من شعوره بالتوتر والشكوى الدائمة التي تزيد الأمر سوءا.
- التواصل مع الآخرين: قد تكون النظرة لرياضة التأمل على أنها فقط محاولة لاستيعاب النفس الداخلية للشخص، إلا أن نوعية واحدة على الأقل من التأمل وتسمى loving-kindness، تبين بأن لها القدرة على بناء قاعدة من التواصل الاجتماعي. حيث يتم من خلال هذه النوعية من التأمل التركيز على مشاعر المرء العاطفية الموجهة نحو أشخاص حقيقيين أو خياليين. وأثبتت التجارب بأن المواظبة على ممارسة هذه النوعية من التأمل لدقائق قليلة فقط ساهمت بتغيير طرق التعامل مع الغرباء بشكل إيجابي.
علاء علي عبد
عن موقع: Psychology Today