المحجبات يؤكدن المشكلة والموظفون ينفونها
جمانة مصطفى
عمان - يعتقد كثيرون أن حجاب الفتاة العاملة يشكل عائقا بينها وبين متطلبات سوق العمل الحالية. فهل يختلف أسلوب التعامل المباشر مع العملاء بين الموظفة المحجبة أو تلك غير المحجبة؟
تكمن المشكلة، كما تصفها معظم الفتيات، في الظن الغالب أن الحجاب يفرض على الفتاة ان تكون محافظة وملتزمة الأمر الذي لا يجيء في مصلحة العمل ويؤثر على سرعته، وهو ما يدفع بعض أرباب العمل لتوظيف الفتاة غير المحجبة ظنا منهم أنها ستكون أنسب وأكثر مرونة خصوصا في تلك الوظائف التي تتطلب احتكاكا مباشرا مع الجمهور.
منال (31 عاما) شابة عملت كمحاسبة في احدى الشركات لأكثر من أربع سنوات تقول "طوال السنوات الماضية لم أكن أرتدي الحجاب، منذ نحو شهرين تعرضت لحادث سير كدت أفقد فيه حياتي، ما حدا بي إلى إعادة التفكير في كل شيء بما في ذلك لباسي، وقررت أن أصنع تغييرا جذريا وأرتدي الحجاب".
وتكمل: "تغيرت معاملة أصحاب الشركة معي كليا. كان واضحا أن حجابي استفزهم ولم يعد لديهم أدنى رغبة بأن استمر في وظيفتي، وتعرضت من قبلهم لضغوطات هائلة طوال فترة شهر، سواء من التلفظ بالألفاظ البذيئة أمامي أو وضعي تحت ضغط عمل غير مبرر ولا فائدة منه، إلى غير ذلك من محاولات التهميش والتجاهل، الأمر الذي اضطرني في نهاية الشهر إلى تقديم استقالتي والجلوس في المنزل بلا عمل برغم أنني أتحمل أقساطا شهرية كبيرة".
قصة منال قد تكون أكثر حدة من غيرها وغير قابلة للتعميم إلا أنها توضح بالضرورة ميل بعض أرباب العمل إلى انتقاء الفتاة غير المحجبة.
وعلى الطرف الآخر يؤكد محمد البلوطي أنه حين طلب مكتب التوظيف ترشيح فتاة لوظيفة سكرتيرة اشترط على أن تكون الفتاة محجبة، يقول "أعمل في تأجير الأجنحة الفندقية، وكثيرا ما نقابل بحكم المهنة طلبات تأجير من غير المتزوجين أو فئات غير مقبولة من الناس، لذلك فكرت أن وجود سكرتيرة وعاملة استقبال محجبة سيعطي انطباعا محافظا للشقق. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأنا أنظر إلى الموضوع من ناحية دينية - حلال وحرام".
وفي ذات السياق يتحدث التاجر حسام الترك قائلا: "في الحقيقة لا آخذ بعين الاعتبار إذا كانت الفتاة محجبة أو غير محجبة، ما يهمني هو كفاءتها ونشاطها في العمل, كما يهمني أن تكون مرنة في التعامل في أوقات الضغط وحين تسترعي ظروف العمل التأخير.
لكنني أرفض أن تكون مرتدية للنقاب تماما مثلما أرفض أن ترتدي الملابس الفاضحة والمكشوفة، وفي النهاية الكفاءة هي الأهم".
إلا أن المطلع على أعمدة طلبات التوظيف في الصحف الأسبوعية أو اليومية قد يخرج بقراءة أن المطلوب هي الفتاة غير المحجبة، خصوصا مع تكرار عبارات مثل "حسنة المظهر، ذات مظهر لائق، مقبولة الشكل".
جيهان عرفات شابة محجبة تقول: "تقدمت بعدة طلبات من خلال مكاتب التوظيف التي تمتلئ باعلاناتها الصحف للعمل كسكرتيرة، وبعد عدة مقابلات لاحظت وجود تفضيل لغير المحجبة في بعض المهن ولدى بعض أرباب العمل".
وتؤكد جيهان أن التعميم غير وارد على الإطلاق. ففي الوقت الذي يفضل فيه البعض توظيف غير المحجبة لا يقبل البعض الآخر إلا بالمحجبات، وتختم: "رغم أن الحجاب كثيرا ما يؤخذ بعين الاعتبار، إلا أن الأهمية الأكبر تعطى للكفاءة والخبرة والقدرة على العمل تحت الضغط. فأنا أعمل منذ أن كنت طالبة في المعهد، وأعرف أن أكثر ما يهم صاحب رأس المال هو أن يحصل على عمل وجهد بمقدار ما يدفعه للموظف من راتب".
وبرغم تأكيد المحجبات لوجود المشكلة ونفي أرباب العمل لها، إلا أن هناك بعض المهن في المجتمع الأردني، كغيره من المجتمعات المحافظة، تظهر فيها المشكلة أكثر من غيرها.
