أحلام ذوي الإعاقة.. هل تكفي الإرادة لتتحقق وتكون واقعا؟

أحلام ذوي الإعاقة.. هل تكفي الإرادة لتتحقق وتكون واقعا؟
أحلام ذوي الإعاقة.. هل تكفي الإرادة لتتحقق وتكون واقعا؟

 أحلام وأمنيات على قيد الانتظار، تشرعها إرادة أشخاص قرروا أن يكونوا متميزين بتحديهم وبصماتهم الخاصة أشخاص بإيمانهم رسموا خريطة الطريق، ورأوا في الإعاقة الأمل لحياة مختلفة. 

اضافة اعلان


بالعزيمة والشغف علوا سقف أحلامهم وأرادوها حقيقة لا تقبل أن تظل رهينة للخيال يكبلها الخوف والإحباط. "يكفي أن تؤمن بحلمك ليتحقق"؛ هذا الشعار الذي يطلقه الأشخاص من ذوي الإعاقة بل ويؤمنون به قولا وفعلا فهم كغيرهم يرفضون أن تهمش أحلامهم. الوظيفة، والعلاج الجيد، ونظرة عادلة، وأسرة مستقرة، ومجتمع واع ومتقبل وبيئة آمنة هي كلها أحلام تحتاج للصبر والإرادة والإيمان. 


الحلم هو ما يحرضها على الحياة؛ هذا ما تؤكده صفاء حسن (21 عاما) والتي تتكئ على طموحها في أن تكون مستقلة يوما ما، قادرة على الاهتمام بنفسها. إصابتها بالشلل الدماغي حرمها من الحركة، لكنه لم يقتل فيها الشغف لأن تتعالج وتكون قادرة نوعا ما على تدبير أمورها، وتحلم بأن تحصل على شهادة الثانوية العامة وتدخل الجامعة ومن ثم تحصن نفسها بالوظيفة التي ستمنحها الأمان النفسي والمادي معا. صفاء استطاعت أن تقطع شوطا كبيرا في العلاج، مبينة أن العقبات لم تحد من أحلامها بل على العكس هي الدافع لها لكي تواصل مشوارها وتكون جديرة بكل ما ستحققه. 


عمر أيضا هو الآخر يحلم بمجتمع أكثر وعيا واحتراما لذوي الإعاقة. يقول أتمنى بأن يأتي يوم يكون فيه الأشخاص من ذوي الإعاقة متساوين مع غيرهم في كل شيء وأن ترى قدراتهم وتقدر كما يجب. هو عن نفسه يحلم بأن يفهم عليه الناس رغم الصعوبات التي يعاني منها في النطق، يحلم بأن يتحدث وكله ثقة بأنه لن يرى الاستياء أو حتى الملل في وجوه من حوله. ولأنه يؤمن بأن الحلم يصبح حقيقة بالصبر والإيمان والإرادة. قرر عمر أن يظل قويا له بصمته الخاصة في كل مكان يمر فيه وتحديدا في عمله هو رأى في اختلافه سببا للتميز واقتنع أن الاختلاف ليس دائما سيئا فهناك اختلاف كفيل بأن ينقلك الى القمة بشرط أن نؤمن بما نريد. 


وتشاركهم الأحلام نفسها هالة القادري والتي تطمح بما لديها من شغف وعزيمة أن تؤسس مشروعها الخاص. تقول "حارب لأجل أحلامك.. وإن لم يحارب معك أحد".

إيمانها بحلمها هو ما يجعلها تستيقظ كل يوم بذلك اليقين الذي يطمئنها بأن الله معها ينظر إلى محاولاتها وبأن كل ما تفعله لن يذهب سدى. 


هالة أصبحت موقنة تماما أن الأحلام لا يمكن أن تتحقق إلا إذا وجدت الإرادة، لذا فإن إعاقتها الحركية لم تمنعها من الركض خلف حلمها، مشيرة إلى أن النجاح يصقل ويكون له قيمة بالصعوبات. حاجتها للدعم المادي هو ما يقف عائقا حتى الآن أمام مشروعها الخاص بالمنسوجات اليدوية والتي تحلم بأن تطوره ويكون لها مصدر دخل في المستقبل لكنها مع ذلك متفائلة ومتأكدة من أنها ستنال ما تمنته يوما ما.


الاختصاصية النفسية بذوي الإعاقة الدكتورة سلام عاشور تبين لـ "الغد" أن سؤال الأشخاص ذوي الإعاقة عن أحلامهم يكشف في الدرجة الأولى مدى صحتهم النفسية، فهناك من يتوقف عند إعاقته ويحصر نفسه في تلك الدائرة فقط ويرى أن حلمه الأول والأهم هو أن يتخلص من إعاقته. وهناك أشخاص من ذوي الإعاقة ينسون إعاقتهم تماما لكونهم قد اعتادوا عليها وأصبحت جزءا منهم هؤلاء تحديدا يتطلعون لتحقيق أحلام لطالما تمنوا الوصول إليها مثل الوظيفة أو تكوين عائلة وغيرها من الأحلام الأخرى. وبحسب عاشور، فإن الشخص الشغوف والطموح لا يسمح للعوائق بأن تقف بينه وبين حلمه بل على العكس يأخذ من العوائق حافزا يدفعه ليحقق كل ما يطمح إليه هو ينظر إلى حلمه بعيدا عن ظروفه الحالية لأن الأحلام عموما ليس لها حد والشخص من ذوي الإعاقة عندما يؤمن بأحلامه وطموحاته يتحدث عنها بثقة كبيرة ودافعية متجاوزا كل الحواجز والعقبات.


وهنا، تشير عاشور إلى أن الشخص الذي يحلم هو شخص واثق من نفسه ويتمتع بصحة نفسية عالية. فالأحلام بالنسبة لذوي الإعاقة مهمة جدا فهي تعلقهم أكثر بالحياة وتجعل لحياتهم معنى وهدفا يعيشون من أجله لذلك يتمسكون بأحلامهم أكثر من غيرهم. 


وتبين أن الشخص من ذوي الإعاقة يكون أهلا لأحلامه جديرا بها ولديه الشغف والإرادة والإمكانات لتحقيقها عندما يجد الدعم والمساندة من الدائرة المقربة كالأهل والأصدقاء الدعم هنا له دور كبير في منح الشخص ثقة أكبر ورغبة في التحدي، وبالتالي يكون بعيدا عن مشاعر الإحباط والقلق هذا ما يجعله يعلي سقف توقعاته لأنه في قرارة نفسه يعي جيدا أنه قادر وأن لديه كل المقومات ليصل لهدفه. 


وهناك نقطة مهمة على الجميع أن يفهمها أولهم الشخص من ذوي الإعاقة وهي أن ينظر لنفسه على أنه إنسان يمر بفترات صعود ونزول وأنه أحيانا قد يفقد الشغف مؤقتا لكنه سرعان ما يعاود النهوض متحصنا بأحلامه. 


وترى عاشور أن المجتمع معيق بالنسبة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وخاصة إذا لم توجد هناك تهيئة مجتمعية فهو قد يحبط الشخص أو قد يرفع من همته ويزيده ثقة وإصرارا. وتؤكد عاشور أن الإرادة كافية لتحقيق ما نؤمن به فهي تكسر أي حاجز وبالتالي فإن كل شخص استطاع أن ينجح لا بد من أن يكون هناك طرف مساند حتى ولو نفسيا ساعده لأن يصل لهدفه. 


وترى خبيرة علم الاجتماع فادية إبراهيم أن أحلام وطموحات الإنسان العادي تواجه الكثير من التحديات والصعوبات من أجل تحقيقها، اما الإنسان الذي يواجه تحديات واحتياجات خاصة قد تُصعب عليه المهمة اكثر أو قد تُعيق أحلامه أكثر وأكثر وتجعل من مهمة الوصول إليها مهمة صعبة جدا وقد يستحيل تحقيقها. نظرة هؤلاء لأنفسهم ونظرتهم للحياة ونظرة الناس لهم تغيرت كثيرا أو تغيرت كليا مع التقدم في الحياة والتطور والنهضة الشمولية في حماية حقوق الإنسان وكرامته والاهتمام الخاص بهذه الفئة من قبل الدول والمنظمات والمؤسسات المعنية ساعد بشكل كبير في إندماجها في الحياة العامة وأعطائها الدعم من أجل تحقيق أحلامها وطموحاتها وتحقيق المشاركة الفاعلة الحقيقية كباقي المواطنين في المجتمع. 


وهناك نماذج وقصص نجاح رائدة لذوي الإعاقة اثبتوا بها تميزهم وإبداعهم وأن لا شيء يقف أمام طموحاتهم وأحلامهم في جميع المجالات الأكاديمية والمهنية والفنية والرياضية. وساهم التطور في مجال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في نقل نماذج وخبرات النجاح التي حققها ذوو الإعاقة، ودعمت العديد من الدول والحكومات وساهمت بشكل حقيقي في مساعدة هؤلاء الأشخاص على التحليق عالياً بأحلامهم 


ويبقى العامل المجتمعي والثقافي والأسري هو الأساس لأنه يشكل الهوية النفسية لذوي الإعاقة فقد يكون سببا في استسلامهم وتقاعسهم أو سببا في إحياء كل رغبة وحلم داخلهم، فالدعم المعنوي والنفسي يجب أن يسبق كل دعم وكل اهتمام، "فلا نتغافل أبدا عن هواياتهم ورغباتهم وأحلامهم بل نشجعهم من أجل أن يؤمنوا بها ويسعوا جاهدين لتحقيقها". والأسر التي لديها طفل من ذوي الإعاقة يجب البدء معه في مرحلة مبكرة من أجل ان يكون فردا منتجا ومبدعا ومميزا في هذا المجتمع، مع أهمية أن تتغير الصورة النمطية عن ذوي الإعاقة بأنهم ضعفاء وأن حياتهم معقدة وصعبة لأن بالرضا والسعادة والتصالح يصبح الإنسان حُرا طليقا يستطيع أن يُحلق بكل حرية ويبعد إلى أقصى مدى.

 

اقرأ أيضاً: 

 ذوو الإعاقة وحلم الوظيفة.. قصص محملة بالمعاناة