الحناء وحمام العريس.. مفردات تراثية متوارثة عبر الأجيال

الأمير الحسين خلال حفل "حمام العريس"- أرشيفية
الأمير الحسين خلال حفل "حمام العريس"- أرشيفية

 "بخور.. حناء.. سنابل القمح الذهبية.. الحلوى والقهوة العربية.. وغيرها" مفردات تراثية أردنية تجدد حضورها وتجسد معاني الفرح بمناسبة زفاف ولي العهد الأمير الحسين.

اضافة اعلان

 

تصدح أصوات السامر والدحية والأهازيج الشعبية في جميع مدن وقرى وأرياف المملكة، لتعيد الألق من جديد للعادات والتقاليد الأردنية الأصيلة التي غابت لدى البعض في ظل التطور الحضاري.


"نفرح بالحسين"، عرس وطني جمع بين التقاليد التراثية الأردنية، ابتداء من حفل الحناء وحمام العريس، والتي تلاشت في العقد الأخير، حيث عمد الهاشميون من خلال زفاف ولي العهد توجيه رسالة مفادها التمسك بالموروث الثقافي والهوية الأردنية، ورسالة عربية وعالمية فاخروا بها بتراث الأردن وحضارته.


وبدا التراث الأردني حاضرا في زفة الأمير الحسين بحفل "القرا" الذي أقامه الملك عبدالله الذي جمع الأردنيين من كافة الأطياف والمنابت فرحا بالحسين.


وشهد الحفل أداءً مميزا لفقرات السامر والدحية والدبكة، وهي من التراثيات الأردنية في سهرات الأعراس. وشارك في الحفل نخبة من الفنانين الأردنيين: حسين السلمان، وسعد أبو تايه وحسام ووسام اللوزي وبشار السرحان، مما أضفى سحرًا خاصًا على الأجواء.


وارتدى الأمير الحسين بن عبدالله الثاني "الثوب"، وهو من التقاليد والثقافة العربية في ارتداء اللباس التراثي العربي، كما ارتدى سموه الشماغ الأحمر الذي أهدته إياه الحاجة ترفة عبيدات تقديراً للبادرة الكريمة من الحاجة البالغة من العمر 83 عاماً، وقامت بتهديب الشماغ بنفسها، كهدية لسموّه بمناسبة زفافه.


لم يجمع زفاف الحسين قلوب الأردنيين على الفرح فحسب، وإنما أحيا ذكريات الأجداد والجدات الذين بدأوا يستحضرون تلك العادات التي ميزت المجتمع الأردني قبل عقود والذي أحياه "عرس الحسين"، من جديد.


مديرة مشروع مهدبات الهدب وبيت خيرات السلط، خبيرة التراث الأردني، ثائرة عربيات تشير بدورها إلى أن زفاف ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني هو عرس وطني بامتياز بطابع تراثي وجسد الهوية الأردنية.


وجمع حفل الزفاف الملكي بحسب عربيات، بين القديم والمتحضر الذي نقل بصورة جلية تراث الأجداد والجدات للجيل القادم، وردم الفجوة بين الجيلين القديم والجديد الذي ابتعد عن التراث والعادات الأردنية الأصيلة والفلكلورية التي تعتبر جزءا من هوية الأردن وثقافتها.


وبدا اهتمام الهاشميين وسعيهم لإحياء التراث الأردني بترسيخ معانيه للعلم أجمع وفق عربيات، منذ إقامة حفل حناء سمو الأميرة إيمان الذي كان مثالا حقيقيا للتراث الأردني الذي هو إرث الأجداد، وحتى مراسم حفل زفاف ولي العهد الذي كان بطابع أردني "بحت"، فرح به الكبير والصغير وتأثر به الأجيال الكبيرة الذين استذكروا تلك الأيام والليالي التي كانت تجمع أبناء المجتمع.


وتقول عربيات، "زفاف سموه كان ممزوجا برائحة جدودنا"، بدا ذلك من خلال حفلات السامر والدحية والأهازيج حتى رسم الحناء على أكف النساء والفتيات التي كانت تقام في القديم في بيت العروس بحضور أهل العروس وأهل العريس، ويرافق الحفل أغاني قديمة تجمع الحضور على قلب واحد.


وتضيف عربيات، المزيج بين الطابع التراثي والنكهة الوطنية التي وسمت "عرس الحسين"، والتي تكشف أصالتهم أبا عن جد أثبت للجميع أنه عرس وطني بامتياز، لأنه جمع قلوب الأردنيين من الشمال الى الجنوب، صغارا وكبارا، مؤسسات حكومية وخاصة، مدارس وجامعات، حتى ربات البيوت اللواتي حضرن حفل الحناء ووزعن الحلويات فرحا للحسين.


وتقول عربيات، "لمست الفرحة عند ربات البيوت اللواتي يسألن عن أماكن الاحتفال، وعن رغبتهن في رش الملبس وتوزيع الحلوى"، في حين أقامت معظم العائلات مأدبة عشاء (القرا) للحسين تجمع بها الاقارب والجميع، لأن فرح الأردنيين واحد.


وتضيف عربيات، "عدنا لجزء كبير من التراث، والهاشميون هم من فعلوا ذلك"، لافتة إلى الإقبال الكبير على ارتداء الملابس التراثية والشمغ المهدبة منذ حفل سمو الأميرة إيمان.


وتلفت إلى اهتمام الصبايا واقبالهن على أزياء المحافظات، الأمر الذي رصدته من خلال الاقبال على بيت خيرات السلط الذي يتضمن الأزياء التراثية من جميع محافظات المملكة.


خبيرة التاريخ الشفاهي وقضايا المرأة الدكتور ديمة الكرادشة رئيسة جمعية بناء الجسور تلفت بدورها إلى أن الموروث الشعبي من أهم مقومات الهوية الوطنية، وهو جزء من التراث وتسليط الضوء على أحد الموروثات الشعبية، كالملتبس والأغاني بمناسبة خاصة كالأعراس، أعاد إحياء الهوية الأردنية الحقيقية.


وحمل حفل زفاف ولي العهد بحسب الكرادشة، الكثير من القيم والمعاني، وكل أردني يتشارك مع ذات القيم والعادات والمعاني الوطنية، وبالتالي فهذه المناسبات التي فرح بها الأردنيون هذا الشهر وزفاف ولي العهد وخروج تفاصيل الزفات للشعب الأردني ومشاركته بهذا الإطار الشعبي التقليدي، أعاد هذه القيم من جديد والتآزر واللحمة والفرح والانتماء.


وتذكر الكرادشة أن الأعراس في عهد أجداد الأردنيين، كانت سائدة بأن يحتفل أهل القرية جميعها عند زفاف أحدهم، وهو ما حدث في زفاف ولي العهد، فكل بيت أردني احتفل فيه، كما أعاد إحياء الملابس التراثية التي ابتعد عنها الكثيرون مع الحضارة والتحضر.


وتقول الكرادشة، "عرس الحسين اليوم أعاد اللحمة بين النمط الحضاري والتراث الأردني الذي بدا واضحا في كل تفاصيل الزفاف ابتداء من الحناء وسهرات السامر والدحية وحمام العريس والقرا التي أعادت للكبار الذاكرة والحنين للماضي ورسخت الفخر والاعتزاز عند الأجيال الجديدة".


ويكمن البعد الثالث في زفاف الحسين بحسب الكرادشة، بأهمية هذه التفاصيل على الشباب، حيث بدأ ذلك في حفل سمو الأميرة إيمان، وفي مراسم حفل الأمير الحسين، بما يجسد التراث والقيم والمعاني الأردنية الأصيلة، كل ذلك بث إلهاما وشحنة انتماء قوية للشباب الأردني للتمسك بالتراث الأردني والموروث الشعبي، وليس فقط في الملابس والعادات والطقوس وإنما في منظومة القيم التي أعادت هذه الطقوس.


جانب من حفل الحناء الذي أقامته جلالة الملكة رانيا بمناسبة زفاف ولي العهد-(أرشيفية)

 

اقرأ أيضاً: 

أقارب ورفاق ولي العهد في القوات المسلحة يقيمون حمام العريس لسموه