"لم يثنيني العمر ولا التقاعد عن إكمال مسيرتي واهتمامتي في الحياة.. وممارسة شغفي في الفن". هذا ما تقوله ليلى الوهادنة (63 عاما)، التي أحبت الفن منذ الصغر.
الوهادنة مديرة مدرسة متقاعدة من محافظة جرش، وكان تقاعدها من عملها حافزا كبيرا لبدء رحلتها بتعلم فن "الديكوباج" وممارسته، حتى أصبحت اليوم من رائداته ومدرباته أيضا.
يعرف "الديكوباج": بعملية القص واللصق على الأسطح بمختلف أنواعها مثل: الخشب والبلاستيك والزجاج والأحجار والحديد والقماش والفخار، لتزيينها وإضفاء اللمسة الجمالية عليها، عن طريق استخدام بعض المؤثرات والألوان مثل، الرسومات والتعتيق والاستنسل والمكسيمديا. وهو فن- قديم حديث- يعتمد بشكل رئيسي على إعادة التدوير.
تشير الوهادنة إلى بدايتها في تعلم فن الديكوباج قائلة: "من خلال تصفحي لمنصات التواصل الاجتماعي أحببت هذا الفن ولفتتني بساطته وجماليته، وبدأت بالبحث للتعرف عليه عبر "يوتيوب" و"إنستغرام" بشغف وحب المعرفة والتطبيق، حتى تمكنت من إنتاج قطع بسيطة لبيتي وأسرتي والأصدقاء، وقد نالت إعجابهم وهم من شجعوني على الاستمرار والاحتراف".
تستخدم الوهادنة في عملها العديد من الأدوات أهمها: التصاميم الورقية المطبوعة، ألوان اكريلك، غراء، فرشاة إسفنجية، ورنييش، وورق ترانسفير وأوراق الأرز وغيرها، من الأدوات التي تسخرها لإخراج قطعة فنية فريدة بصنعها وجمالها.
وتوضح الوهادنة طريقتها في العمل، حيث تبدأ بتحضير الأوراق المقصوصة والألوان والإضافات المرغوبة للتزيين، ثم تقوم بتجهيز السطح المراد تزيينه، بالتنظيف والسنفرة، ومن بعدها تبدأ بعملية اللصق والدهن أو التعتيق والإضافة على السطح، وفي الخطوة النهائية تضع طبقة الحماية على القطعة وتجففها لتظهر بصورتها النهائية.
وتكمل الوهادنة، أنها بدأت بالاحتراف في العام 2019، إذ كان للتغذية البصرية المستمرة والرؤية المعمقة لتفاصيل هذا الفن الدور الأكبر لما وصلت إليه في الوقت الحالي. وتضيف، أن لكل فنان بصمة خاصة تميزه عن غيره، ولا سيما مع الاستمرار والممارسة.
وبعد احتراف الوهادنة لصناعة التحف الفنية المزينة بـ"الديكوباج"، بدأت في تطوير مهاراتها في الأساليب التدريبية. حيث دربت كثيرين في جمعيات عدة في مختلف أنحاء المملكة، إضافة إلى المديريات الواقعة في محافظة جرش، مثل مديرية الثقافة، ومديرية السياحة، والبلدية. وجمعية الحرف اليدوية وجمعية سيدات جرش. حيث كان لتلك المشاركات الدور الأكبر في حثها على المزيد من التعلم والمثابرة والتطور.
وتشير الوهادنة في حديثها لـ"الغد"، إلى جملة من التحديات التي واجهتها بدءا من صعوبة إيجاد بعض المواد والأدوات التي تخدم هذا الفن، وارتفاع كلفة الحصول عليها من خارج الأردن، إضافة إلى صعوبة التسويق للمنتجات والمشاركة في البازارات والمعارض، كون جرش بعيدة نوعا ما عن العاصمة التي تأخذ "حصة الأسد" في مثل هذه الأنشطة، على حد تعبيرها.
وتعبر الوهادنة عن طموحها إلى تكبير مشروعها مستقبلا وترخيص مشغل مخصص للعمل على فن "الديكوباج"، وتشغيل مجموعة من السيدات للعمل معها. ليتضمن إنتاج تحف فنية مميزة من أبسط المواد المتاحة، وتحديث قطع الأثاث القديمة وتجديدها، ما يسهم في توفير الوقت والمال.
وفي ختام حديثها تشير الوهادنة، إلى ما أضافه الفن لها، حيث ساعدها على بناء حياة أكثر إيجابية، وساهم في توسع دائرة علاقاتها، إضافة إلى تحوله إلى مصدر رزق إضافي لها.
ويذكر أن جذور فن "الديكوباج" تعود إلى القرن السابع عشر، وكان يعرف قديما بـ"فن الفقراء"، نظرا لأن الفقير كان يستعين بأدوات بسيطة تساعده على تجديد ديكورات وأدوات منزله مستخدما مواد بسيطة من البيئة أو من المواد المهملة في بيته. في حين كان الأغنياء يستعينون برسامين ومصممين ليقوموا بصيانة بيوتهم وتزيينها.
اقرأ أيضاً:
"الديكوباج": فن التزيين بأبسط الخامات