العدالة الاجتماعية والأمن.. معادلة ثابتة

AdobeStock_221048670
العدالة الاجتماعية
الطريق إلى الأمن لا بد أن يمر بالعدالة الاجتماعية، وعليه فإن بعض بلدان العالم العربي بشكل عام تعاني من تراجع أشكال العدالة الاجتماعية كافة، نتيجة الإخفاقات أو التحديات الاقتصادية والاجتماعية، والتي ساهمت وعلى مدى أعوام من الركود الاقتصادي بارتفاع معدلات البطالة وتزايد الفقر وعدم المساواة وانتشار التمييز بكافة أشكاله، ما أفضى إلى ازدياد معدلات الجريمة التي انعكست بدورها على الأمن.اضافة اعلان
في حديثنا عن العدالة الاجتماعية، لا بد من تحديد معنى دقيق ومقبول لمفهوم العدالة من خلال استعراض التباينات الأساسية التي تقوم عليها أسس العدالة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء، بين رأس المال والعمال، بين تكافؤ الفرص والواسطة والمحسوبية، وأيضا، بين توزيع الثروة وارتفاع معدلات الفقر، وبين الاستثمار المستدام والاستثمار المستغل.
لحل تلك المفارقات، لا بد من ترسيخ أسس العدالة الاجتماعية القائمة على حظر التمييز والتهميش والإقصاء الاجتماعي، من خلال توفير الفرص بتكافؤ بين الجميع، والتوزيع العادل للموارد والأعباء، وجعل النظام المالي في خدمة الاقتصاد الحقيقي، إضافة إلى تطوير أسواق العمل بما يتناسب مع مخرجات التعليم الجامعي والمهني على حد سواء.
في معرض محاولتنا لتحديد معنى دقيق للعدالة لا يفوتنا أن ننوه إلى أن العدالة الاجتماعية هي مبدأ قديم، وقد جاء ذكره للمرة الأولى على لسان الملك الفرنسي لويس السادس عشر عندما قال «هناك حقوق مقدسة للبشرية، ومن بينها العدالة الاجتماعية».
طرحنا في هذا المقال العدالة الاجتماعية وتأثيرها على الحالة الأمنية في ضوء الإخفاقات المتكررة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول، بحيث يعتبر الهاجس الأمني من أكبر التحديات التي تواجهها في العصر الحالي، إذ لا غنى عن تحقيق العدالة الاجتماعية لتحقيق السلام والأمن.
وتأسيسا على ذلك، فقد أظهر التقرير الإحصائي الجنائي للعام 2022 الذي نشرته مديرية الأمن العام الأردنية على موقعها الإلكتروني، الى ارتفاع معدل الجريمة في المملكة إلى 20 بالمائة لكل 10 آلاف نسمة، مقارنة بـ19 بالمائة للعام الذي سبقه. ووفق التقرير فقد تصدرت جرائم الأموال على قائمة التقرير بواقع (15395) جريمة، ووصل عدد الجرائم المرتكبة في العام 2022 نحو 22895 جريمة، مقابل 20991 جريمة العام 2021، وبمعدل ارتكاب جريمة واحدة كل 22 دقيقة و57 ثانية. فيما بلغت نسبة الاكتشاف 92.89 بالمائة.
واستخلاصا لما سبق ذكره في التقرير الإحصائي بخصوص جرائم الأموال التي تصدرت قائمة التقرير، فإن هذا يقودنا الى نتيجة مؤداها أن الكثير من المشاكل الاقتصادية كتزايد معدلات البطالة وانتشار الفقر، فضلا عن انخفاض الأجور مقابل الارتفاع المتواصل في أسعار السلع والخدمات، انعكست على الأوضاع الاجتماعية، وبالتالي على معدلات ارتفاع الجريمة التي بدورها تنعكس على الأوضاع الأمنية المتعلقة بالأموال، قد تكون مرتبطة باختلال ميزان العدالة الاجتماعية، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الدراسات لكي نعرف المسببات بالضبط. 
إن الفكرة الملهمة التي انطلقت فيما يسمى إعلان كوبنهاغن في مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في العام 1995، تؤكد بوجود علاقة تبادلية بين العدالة الاجتماعية والأمن والسلام، فإذا تحققت العدالة الاجتماعية تحقق الأمن، وهي معادلة ثابتة على مر الأزمان.