ليس كما يعتقد البعض ممن يتبنون الفكر التقليدي في الإدارة، وفي عالم متسارع التطور تحكمه وتوجهه التقنيات الحديثة، لم يعد بالإمكان تقبل فكرة أن تدريب الموظفين وتأهليهم في كافة المؤسسات والقطاعات هي ترف، لا بل على العكس هي استثمار مهم ومجد سيعود بالنفع على كل أطراف المعادلة: الموظف والإدارة والمؤسسة والاقتصاد، الى جانب ما يصنعه في رفع الميزة التنافسية للمؤسسات والشركات في السوق.
ويعرف التدريب بأنه العملية المستمرة التي يتم من خلالها تزويد الموظف المتدرب بالمعلومات والمهارات اللازمة، لكي يكون قادرا على أداء مهام محددة بشكل أفضل، وإحداث تطوير إيجابي في أدائه، وإعداده للتأقلم مع تطورات المستقبل، وبناء عليه يعد التدريب خياراً استراتيجياً لأي جهة تتطلع الى إعداد كوادر بشرية قادرة على تلبية حاجات العمل ومواكبة التطورات والتغيرات السريعة التي تحدث في مجالات العمل، وخصوصا في قطاع متسارع النمو والتغير كقطاع التقنية.
يعتبر الموظف واحدا من أهم مكونات الشركة، والاستثمار بتدريبه وتاهيله وتزويده بأحدث المهارات هو أمر غاية في الأهمية، وخصوصا مع التحول الرقمي الذي تشهده معظم القطاعات الاقتصادية حيث تزداد أهمية المهارات الرقمية والتعامل مع العامل التقني، فالعناية بمفهوم التدريب سيسهم في زيادة الإنتاجية، ورفع القدرة التنافسية لأية مؤسسة، فكيف لا تستطيع أي شركة تحقيق أهدافها إذا قام كل شخص فيها بعمله على أكفأ وجه؟
على المؤسسات والشركات التي تسعى إلى النجاح في أي قطاع كان، ان تخصص نسبة من إيراداتها السنوية لصالح البحث والتطوير ويشمل ذلك الإنفاق على محور تدريب الموظفين، وفي هذا الاطار عليها وضع خطة تدريب شهرية أو ربعية أو سنوية تتضمن برامج مصمّمة بحيث تجعل التدريب يترك أثرا واضحا على أداء الموظف لعمله، ويزيد مساهمته في تميز المؤسسة.
هذه الخطة يجب تكون واضحة وسليمة وتفاعلية، وان تشتمل على أهداف قابلة للقياس، وتحديد المشاكل والفوارق واحتياجات المؤسسة من مهارات الموظّفين، وتحديد أسلوب التدريب، وتصميمه بالشكل المناسب لتحقيق احتياجات الموظف والمؤسسة، مع ضرورة وضع معايير لتقييم كفاءة هذا التدريب، وتطويره مستقبلا.
حقيقة الأمر، ولدى اعتماد تدريب منظم داخل الشركة فالفوائد عظيمة وكبيرة ومتبادلة، فالمؤسسة تستفيد بتطوير منتجاتها وزيادة الإنتاجية وجودة الإنتاج، تقليل الإشراف على الأعمال ومراقبتها، يقلل الهدر والمصاريف الزائدة، كما ويساعد على تبني التقنيات الحديثة.
واما بالنسبة للموظف فالفوائد متعددة ومتشابكة، لان التدريب يزيد من قيمة المعرفة المضافة له، ويزيد من فرصه للتقدم والترقية، كل ذلك يعزز الشعور بالاستقرار الوظيفي ويرفع معنوياته، ويزيد من ولائه للشركة.
وتتزايد أهمية التدريب وفوائده في قطاع متطور متسارع النمو مثل قطاع التقنية، الذي يشهد كل يوم منتجات وأدوات تقنية حديثة تتطلب تعلم مهارات جديدة
التدريب بكل ما ذكرناه سابقا مهم لتمييز الشركة، لإنتاج وإبداع أفكار ومنتجات جديدة، فالمنتجات الجديدة والمنافسة لا تتولد في بيئة تقليدية محافظة لا تعنى بمفهوم التدريب للموظف الذي سيكون جزءا أساسيا لزيادة مبيعات الشركة وتطويع كل مهاراته الجديدة لنموها، الأمر الذي سينعكس كله على زيادة إيرادات الشركة وأرباحها، وعلى استمراريتها.