"أكشاك" ساحة العين بالسلط.. هل يتجاوز أصحابها تحدي الاستمرار والنجاح؟

عدد من الأكشاك في ساحة العين بالسلط - (الغد)
عدد من الأكشاك في ساحة العين بالسلط - (الغد)

محمد سمور

البلقاء - يشكل مشروع الأكشاك الذي افتتحه وزير السياحة والآثار نايف الفايز، قبل أيام، داخل الوسط التجاري لمدينة السلط في منطقة ساحة العين، بارقة أمل لمجموعة من الشبان والفتيات في تحقيق طموحاتهم المتعلقة بإيجاد مصدر دخل لهم من خلال عمل كل منهم في مجال يختص فيه.اضافة اعلان
وعلى امتداد الساحة، تنتشر 13 كشكا كمشاريع صغيرة لهؤلاء الشبان والفتيات الذين تم اختيارهم بعدما تنافسوا بمشاريعهم مع نحو 40 شابا وفتاة آخرين، ليبدأوا بالفعل اختبار الاستمرارية والنجاح في عملهم، وسط تحديات تفرض نفسها وتجعل الأمر محفوفا بالصعاب.
"الغد" وفي جولة لها على تلك الأكشاك، التقت عددا من أصحابها الذين أكدوا أنهم وبعد سنوات من التعطل عن العمل، باتوا يخوضون تجربة جديدة عنوانها المثابرة والإصرار على النجاح، رغم أنهم أشاروا إلى بعض التحديات التي تواجههم.
أبرز تلك التحديات، تتمثل بعدم توفر سيولة مالية مع عدد منهم لتأمين المواد الأولية والبضائع للكشك الذي يديره، علما أن القائمين على دعم المشروع بأكمله، قاموا بتجهيز الأكشاك بالمعدات والأجهزة اللازمة لانطلاق العمل.
وقالوا، إن ذلك الأمر دفعهم إلى "الاستدانة" لتأمين بعض احتياجاتهم كي يتمكنوا من بدء العمل، مطالبين بهذا الخصوص بإيجاد تسهيلات مالية لهم، أو إيجاد جهة تمول ما يحتاجونه من مواد وبضائع فقط في مرحلة الانطلاق.
ومن بين التحديات الأخرى، هي الخشية من ضعف الحركة الشرائية في الساحة التي تضم الأكشاك، الأمر الذي قد يرتب عليهم التزامات مالية أو لا تحقق مشاريعهم الدخل المادي المرجو، مشددين بهذا السياق على ضرورة أن تشمل المسارات السياحية في مدينة السلط، ساحة العين، ليستفيدوا من الحركة الشرائية للزوار والسياح، لا سيما المجموعات التي تزور المدينة من خلال برنامج "أردننا جنة".
الشاب محمد رسول الفاعوري، البالغ من العمر 32 عاما، يقول إنه تخرج عام 2017 بتخصص إدارة مكتبات، لكنه لم يجد فرصة عمل في مجال تخصصه، وظل يعمل بشكل متقطع في العديد من الأماكن والمجالات بينها عامل مطعم وسائق "تاكسي" وعامل خدمات بأحد المستشفيات، قبل أن يتم اختياره بمشروع الأكشاك الذي افتتح فيه كشكا لبيع الحلويات (كلاج، كرابيج، عوامة).
وأضاف الفاعوري، أنه يطمح من هذا المشروع للوصول إلى حالة من الاستقرار المالي بما يمكنه من أداء التزاماته المالية على المستوى الشخصي، وعلى مستوى عائلته، لافتا إلى أن الكشك هو مصدر دخله الوحيد حاليا.
وأبدى الفاعوري أمنياته بأن يتم إدراج ساحة العين ضمن المسارات السياحية في مدينة السلط، لما ذلك من دور في تنشيط الحركة الشرائية التي سيستفيد منها أصحاب الأكشاك.
الشابة علا الدباس البالغة من العمر 25 عاما، اختارت أن تعمل في مجال بيع "خبز الشراك والمعجنات" في كشكها، رغم أنها حاصلة على درجة البكالوريوس في الترجمة، وذلك خشية أن يطول انتظار حصولها على فرصة عمل في مجال دراستها.
الدباس أشارت كذلك إلى أن الكشك هو مصدر دخلها الوحيد الذي تتطلع إلى أن تؤمن من خلاله مصاريفها الشخصية، وتساعد في الوقت ذاته عائلتها التي يقتصر دخلها على راتب تقاعدي لوالدتها قدره 190 دينارا، مشيرة إلى أن إيجار منزل اسرتها وحده يبلغ 180 دينارا.
وطالبت بضرورة أن يتم دعم الأكشاك بمبالغ مالية تمكن أصحابها من تأمين المستلزمات والمواد الأولية والبضائع، مشيرة إلى أن كشكها يكاد يكون فارغا بسبب عدم القدرة على شراء احتياجاته، ومشيرة أيضا أن ذلك دفع البعض إلى الوقوع في فخ الديون مع بداية انطلاق المشروع.
ولا يختلف الحال بالنسبة للشاب سليمان أبو هزيم البالغ من العمر 30 عاما، الذي أكد أنه ظل متعطلا عن العمل لسنوات طويلة، فيما يطمح بأن يشكل له كشكه الذي يبيع فيه "كريب، وافل، بوظة"، مصدر دخل يسنده في تأمين احتياجاته المادية.
ورغم ثنائه على ما قدمه القائمون على المشروع، إلا أنه أشار إلى اضطراره لاستدانة مبلغ مالي لشراء مستلزمات انطلاق العمل من مواد أولية وبضائع متعددة.
ويطالب أبو هزيم، بتوفير دعم مالي أو تسهيلات لأصحاب الأكشاك لمساندتهم في انطلاقتهم بمشاريعهم، لا سيما أنها جديدة وتحتاج إلى إسناد في بداياتها، لافتا كذلك إلى ضرورة إدراج ساحة العين في المسارات السياحية بمدينة السلط.
يشار إلى أن كل كشك منفصل عن الأكشاك الأخرى بطبيعة عمله، وهي "منسف ومكمورة، مخبوزات الدار، قهوة السلطانة، تحف وهدايا، بلقيس للفنون، فول أيام زمان، حلويات السلط، مهجة السلط للكوكتيلات، ستوديو نور السلط، بطاطا المدينة، مطعم الساحة، قلعة السلط للبوظة والوافل، وسالتوس للورود"، فيما يشار كذلك إلى أن مشروع الأكشاك يأتي ضمن مشروع "عزم" المدعوم من منظمة اليونيسف، بالتعاون مركز تطوير الأعمال - BDC، ومحافظة البلقاء، وبلدية السلط الكبرى.
بدوره، أكد مصدر في وزارة السياحة لـ"الغد"، أن الوزارة لن تألو جهدا في تقديم ما أمكن لإنجاح تلك الأكشاك وضمان استمرارية عملها، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه سيتم بحث إدراج ساحة العين ضمن المسارات السياحية في مدينة السلط، بالإضافة إلى أي جزئيات أخرى من شأنها أن تساهم في إنجاح المشروع برمته.
ووفق ما ذكرت وزارة السياحة عبر صفحتها في موقع "فيسبوك"، فقد أكد وزيرها نايف الفايز، أهمية مثل هذه المشاريع التي تعتبر إضافة للمنتج السياحي الأردني، وتساهم في مساعدة الشباب على الانخراط في العمل بالقطاع السياحي، لافتا إلى أن مثل هذه المشاريع والتجارب الناجحة ستكون انطلاقة لمشاريع مشابهة في محافظات أخرى وذلك بالتعاون مع الجهات الداعمة.
ونقلت عن محافظ البلقاء الدكتور فراس أبو قاعود قوله، إن المشروع وفر 26 فرصة عمل لنحو 26 عائلة، وإن المهن اختيرت بطريقة لا تؤدي إلى تنافس بين كشك وآخر، فيما نقلت في الوقت ذاته عن ممثلة اليونيسف بالإنابة في الأردن شيروز موجي، قولها إن برنامج التعلم من أجل الكسب التابع لليونيسف يدعم الاقتصاد الشامل لضمان تمتع جميع الشباب بالمهارات والفرص لإطلاق العنان لإمكاناتهم بالكامل ليصبحوا مواطنين نشيطين يتمتعون بالمرونة الاجتماعية والاقتصادية.
وأضافت أنه "بالتعاون مع شركائنا في مركز تطوير الأعمال - BDC وبالعمل عن كثب مع الحكومة الأردنية، سيساعد هذا البرنامج الشباب على الانخراط في سوق العمل، وتنمية المهارات المبنية على الطلب وريادة الأعمال، والانتقال بنجاح إلى مرحلة البلوغ".
من جهته، أكد رئيس بلدية السلط، المهندس محمد الحياري، دعم البلدية المتواصل لتمكين الشباب ومساعدتهم في إيجاد مشاريع اقتصادية لهم من خلال الاستثمار واستغلال الموارد المحلية للبلدية مثل مشروع ساحة العين، مشددا على البلدية على استعداد لتقديم العون لأبناء السلط والجهات الداعمة للشباب وصولا إلى مشاريع تنموية مستدامة.