"البحث عن عُلا".. حياة المرأة لا تتوقف عند الطلاق -(صور)

الممثلة هند صبري
الممثلة هند صبري
إسراء الردايدة-  بعد 12 عاما؛ تعود الممثلة هند صبري لتجسد دور “علا عبد الصبور” في مسلسل “البحث عن عُلا”، لكن هذه المرة بشخصية مختلفة تكمل من خلالها مشوارها بمواجهة معضلة أخرى هي الطلاق. المسلسل ليس استمرارًا للعمل الذي عرض العام 2010، “عايزة أتجوز”، إنما يظهر شكل حياة البطلة بعد عقد من الزمان، والتحولات في طريقة التفكير والنضج بالشخصية. يحاول “Finding Ola” امتاع الجمهور بحسه الفكاهي ومضمونه القوي، إذ استطاعت شخصيات العمل أن تقوم بأدوار مهمة، كل منها يوصل رسالة ما. تعيد البطلة في المسلسل اكتشاف ذاتها، وهي التي أصبحت أما لطفلين، وزوجة فقدت نفسها في روتين الحياة لتواجه قرار الزوج “هاني عادل” بشخصية هشام، برغبته في الانفصال بحجة “الملل”.

الحياة لا تنتهي بالطلاق

الثيمة الرئيسة في المسلسل هي اكتشاف الذات الإرادة، وأن الحياة لا تنتهي عند الطلاق، بل تبدأ حياة وفرصة جديدة. منذ البداية نلمس أن الطلاق أزمة وجودية وهنالك صعوبة في تقبلها وفهم المشكلة ومعرفة السبب الحقيقي وراء قرار الزوج، خصوصا حينما لا يكون القرار مشتركا، فتبدأ مرحلة لوم الذات. في العمل تكسر هند صبري الصورة النمطية في المسلسلات التي تناقش هذا الموضوع، فهي تتحدث مباشرة مع الجمهور عن الضعف في عائلتها، لتقدم سلسلة من التغييرات الجوهرية التي تنقلها من مرحلة لأخرى بنضج ومعالجة درامية عميقة. المسلسل أطلقته شبكة نتفلكس يوم الخميس الماضي ليتصدر الأكثر مشاهدة على منصتها. وفيه هند صبري تشارك كبطلة ومنتجة منفذة، يقع في ست حلقات، تمثل مراحل تأقلمها مع الطلاق وإيجاد نفسها والوقوق على قدميها. الحلقة الأولى حملت عنوان “رجعني”، الحلقة الثانية بعنوان “دفع الفواتير” فيما الثالثة “سمكة في البحر” والرابعة “40 بشكل جديد”. بينما الحلقةالخامسة  كانت بعنوان “دون رجل لا بكاء” والحلقة السادسة بعنوان “الزوجة السابقة الوفية”. فيما شارك كضيوف شرف في كل حلقة كل من الممثلة دينا، يسرا وشيرين رضا، خالد النبوي، فتحي عبد الوهاب وعمرو صالح وبيومي فؤاد. مراحل التعامل مع الصدمات في الحلقة الأولى تظهر علا غير مستوعبة لقرار زوج هشام بالطلاق والإنفصال، فتعيش حالة من نكران الذات وهي مرحلة طبيعية بعد التعرض لصدمة قوية من الناحية النفسية، في محاولة منها للهرب من الواقع حتى تنتقل لمرحلة ثانية وهي التعامل مع المشكلة. [caption id="attachment_1127035" align="alignnone" width="2560"]مشهد من مسلسل البحث عن علا مشهد من مسلسل البحث عن علا[/caption] وفي نفس الوقت تقدم جانبا في التعامل مع الأطفال في مرحلة عمرية معينة في نقل حالة التحول في الأسرة والتي تمثل انقلابا كبيرة يحمل جوانب نفسية مختلفة وله أثر عميق على الصغار. فتعامل صناع المسلسل مع الأزمة النفسية وأثر الطلاق على الطفل بعمق وجانب نفسي مدروس. وفرض واقع الحياة العصرية وتواجد الطفل في محيط فيه من يعاني من الصدمة على فهم الطلاق وحتى اثر السوشال ميديا. فهنالك الطفلة “ناديا” في مرحلة المراهقة كانت ملمة بتفاصيل الوضع وبحسب التربية التي نشأت عليها كانت هي العنصر الأقوى والداعم الأكبر لوالدتها “علا” بينما الطفل الاصغر “سليم” كان هروبه من الواقع لما حدث بالانغماس في عالم ألعاب الفيديو ليتحول لإدمان تطلب تدخلا طبيا. [caption id="attachment_1127032" align="alignnone" width="2560"]مشهد من مسلسل البحث عن علا مشهد من مسلسل البحث عن علا[/caption]

التحول في شخصية علا

علا عبد الصبور التي عرفها الجمهور من خلال مسلسل “عايزة أتجوز” في العام 2010 كانت مختلفة، فهي فتاة تربت بطريقة تقليدية، تعيش في قالب أسرة محافظة تبحث عن عريس لابنتها قبل أن تصل لسن 30 كي لا تتحول لعانس. ويسلط المسلسل الضوء على التغيير ويظهر تمكين المرأة في جوهرها، ومع مرور عقد من الزمان وتغيير كبير في الظروف السياسية والاجتماعية، تعيش النساء حياتهن بشكل مختلف. وربما يكمن سر النجاح للمسلسل حتى الآن هو السن الذي تمثله وهو 40، إذ تغير دور المرأة منذ 10 عقود. وأصبحت تنظر لتحقيق أحلامها وعدم الوقوف أو التخلي عنها، ويأتي ذلك بالعناية بجمالها. [caption id="attachment_1127028" align="alignnone" width="2560"]مشهد من مسلسل البحث عن علا مشهد من مسلسل البحث عن علا[/caption] وحتى شخصية الأم “سوسن بدر” التي تعكس أهمية العناية بالذات وكسر النمطية بدور الجدة لتتحول لمتابعة بشدة للسوشال ميديا تهتم بجمالها وشبابها فهو جزء حيوي من الرضا عن النفس والصحة النفسية. وفي المسلسل شخصية أخرى أنثوية منها الريادية الفتاة “أمنية” التي تمثل جيل الألفية، حيث يتميز هذا الجيل بمهارته باستخدام السوشال ميديا والتكنولوجيا لصالحه، سيما أنهم ولدوا في طفرة وتطور تكنولوجي هائل. في المقابل صديقة علا المقربة نسرين الممثلة (ندى موسى) تمثل الفتاة المتحررة، الداعمة لصديقتها، وبذات الوقت ملمة بأهمية الصداقة.

كوميديا حقيقية

لكل حلقة عنوان، ونحن نقف أمام مسلسل ناضج، كوميديا هادفة، بعيدا عن الصورة النمطية، تقدمها الممثلة التونسية هند صبري بلهجة مصرية تتقنها. فيما الجهد في الكتابة يقدم عملا دراميا ناضجا بعيدا عن الاستسهال، من خلال فريق العمل مها عبد العال ومها الوزير كمؤلفتين للعمل، وإخراج هادي الباجوري. العمل جاء بأسلوب الراوي الذي تقدمه صبري وهي تخاطب الجمهور في مشاهد مختلفة لتروي معاناتها ومراحل تطور شخصيتها ومواقف مختلفة.

دائما هنالك فرصة ثانية

ما يؤكده مسلسل “البحث عن عُلا” وجود فرصة ثانية دائما للفرد ليبدأ من جديد، فيما الشخصية الرئيسة تسعى لالتقاط أنفاسها، ومتابعة أحلامها. وبنفس الوقت تبرز أهمية فكرة الأعمال الريادية، إذ تعتمد على تأسيس مشروع صغير من دون الاعتماد على فكرة الوظيفة. ويؤكد أن البدء من جديد لا يعتمد على السن، وأن عمر الأربعين لا يعني نهاية الكون بالنسبة للمرأة بل مرحلة عمرية تعني النضج والفهم والأنوثة التي تكون في أوجها وأن الحياة ما زالت مستمرة وأمامها باسطة ذراعيها. “البحث عن عُلا” يقدم دروسا مختلفة في الحياة وللمرأة العربية تحديدا؛ أن الحياة تجارب وكل مرحلة نمر بها لا تعني نهاية الكون، بل نقطة الانطلاق الجديدة. وأن النضج يكمن في تحمل المسؤولية وأيضا في تقديم عمل ناضج فنيا وممتع بكل المعايير. والأكثر من ذلك أهمية دعم المرأة للمرأة وتمكينها وقوة وتأثير منصات التواصل الاجتماعي، وأهمية كسر الصورة النمطية المجتمعية للعيش برضا والمضي قدما. [gallery type="slideshow" size="full" columns="1" ids="1127029,1127031,1127033,1127036,1127037,1127027,1127026,1127025,1127024,1127023,1127021,1127020,1127019,1127018"]اضافة اعلان