البحر الميت يواصل انخفاضه السنوي.. وتحذيرات من جفافه

جانب من التدرجات الطبوغرافية التي تكشف عن مراحل انحسار مياه البحر الميت خلال  سنوات - (الغد)
جانب من التدرجات الطبوغرافية التي تكشف عن مراحل انحسار مياه البحر الميت خلال سنوات - (الغد)
حابس العدوان البحر الميت - حذرت جمعية أصدقاء البحر الميت، من خطورة انخفاض مستوى مياه البحر الميت، إذ وصلت الى 437 مترا تحت مستوى سطح البحر، مسجلًا بذلك أدنى مستوياته في التاريخ، في وقت كانت قد كشفت دراسة حوله منسوبه العام الماضي، بأن انخفاضه عن مستوى سطح البحر وصل الى نحو 436 مترا. انحسار مياه البحر الميت عن الشواطئ التي كانت تغمرها المياه قبل سنوات، يشكل خطراً على وجوده ومحيطه الحيوي، ناهيك عن الظواهر غير الطبيعية التي بدأت بالظهور في نطاقه، وعلى نحو متتال، من الحفر الانهدامية الى تلون المياه السطحية في بعض مناطقه، وبروز شواطئ غير مؤهلة نتيجة انحسار منسوبه. ويوضح الرئيس التنفيذي للجمعية زيد السوالقة، ان البحر الميت بات مهددا بالجفاف، في ظل عدم وجود اي خطط لإنقاذه. ويشير السوالقة، إلى ان هذا الامر، ستكون له انعكاسات كارثية على البيئة والسياحة في المنطقة، فمعظم المنتجعات التي اقيمت على شواطئه اصبحت بعيدة عن المياه، ما سيؤثر في الحركة السياحية، كونه احدى اهم الوجهات للسياحة العالمية، بسبب ملوحته العالية وطينه الغني بالأملاح المعدنية وخصائصهما العلاجية الفريدة. ويوضح، ان تحويل اسرائيل لمياه نهر الأردن عن مجراه الطبيعي الذي يصب في البحر الميت، السبب الرئيس لجفافه، في حين ان الصناعات المقامة على جانبيه، اسهمت باستنزاف مياهه بنسبة 40 %، ما ادى لاختفاء الجزء الجنوبي منه عن الخريطة. ويشير السوالقة، الى ان الدراسات تؤكد أن الصناعات المقامة على شواطئه، باتت تستنزف بين 350 الى 400 مليون م3 سنويا، في حين ان التبخر بفعل درجات الحرارة المرتفعة، يؤدي الى فقدان بين 700 الى 900 مليون م3 سنويا. ويلفت الى ان هذا الانحسار، تسبب بظهور الحفر الانهدامية، ما ادى إلى خسران مساحات كبيرة من الشواطئ والاراضي الزراعية، ناهيك عن خطور هذه المظاهر على السياح والبيئة، عازيا أسباب حدوثها الى انحسار سطح البحر، وذوبان الكتل الملحيّة الموجودة في التربة، جراء هبوط مستوى المياه الجوفية. ويحذّر السوالقة، من أن استمرار هذه العوامل، سيؤدي الى انحسار البحر الميت على نحو شبه كامل في النصف قرن المقبل، اذا لم يجر تدارك الامر عبر تعويض ما يخسره من مياه سنويا، او - على الاقل- الحفاظ على ما هو موجود حاليا من مياه فيه. ويشدد على اهمية البحث عن حلول لهذه المسألة، على غرار الاستفادة من مشروع قناة البحرين، لتغطية النقص في مياهه، والذي جرى غض النظر عنه عالميا، بالرغم من انه كان سيعيد البحر الميت الى ما كان عليه. وينوه الى ان الجمعية، اطلقت قبل عامين صرخة لإنقاذه تحت عنوان (أنقذوا البحر الميت)، بهدف إعداد رسائل إنسانية، وبثها الى المنظمات والهيئات الدولية، أكانت مهتمة بالبيئة او إنسانية، لمساعدتها بتشكيل ضغط دولي للاستجابة للنداءات المتكررة للحفاظ عليه، بخاصة وانه يعتبر من المواقع الفريدة والنادرة التي لا يوجد لها مثيل في العالم. ويعتبر البحر الميت، أخفض بقعة على وجه الأرض، وسيبدأ مستواه بالانخفاض بمعدل متر سنويا خلال نصف القرن الاخير، في ظل تحويل اسرائيل لمياه نهر الأردن المغذي الرئيس له إلى صحراء النقب في الجنوب، والاستغلال الجائر لثرواته باستخراج البوتاس والمعادن الاخرى على ضفتيه، وإقامة السدود على معظم الروافد التي كانت تغذيه، بالإضافة الى العوامل المناخية التي ادت لتراجع كميات الامطار. ويحذر امين عام سلطة وادي الأردن الاسبق المهندس سعد ابوحمور، من أن البحر الميت، الذي يعتبر أكثر بقعة انخفاضا على وجه الأرض، يواجه خطر الجفاف، اذ خسر ثلث مساحته السطحية في العقود الستة الماضية. ويعزو ابوحمور ذلك إلى عوامل عدة، اهمها انخفاض التدفقات التي تزود البحر الميت سواء من نهر الأردن او الاودية من كلا جانبيه، بالإضافة الى زيادة معدلات التبخر السطحي، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وتناقص كميات الهطل المطري، الى جانب الاستغلال الجائر لمياهه في الصناعة. ويوضح بأن مستويات مياهه، تنخفض أكثر من متر في العام الواحد، ما يزيد من المخاطر البيئية الناجمة عن تشوه شواطئه وتدميرها، وظهور الحفر الانهدامية والتكوينات الجغرافية الخارجة على النمط الجغرافي والبيئي لتكويناته السابقة. ويبين ان مساحات شاسعة، كانت في يوم من الأيام مغمورة بالمياه، لكنها حاليا أصبحت أراضي قاحلةً، تتخلّلها تجاويف وانحدارات كبيرة. ويكشف ان كميات المياه التي ترفده، قبل تحويل روافد دولة الاحتلال الاسرائيلي لمياه نهر الأردن، كانت تزيد على مليار مليون م3 سنويا، معظمها من النهر الرافد الرئيس له، إلا أن الذي يصله اليوم، يعتمد على الهطل المطري، وفي احسن حالاته لا يتجاوز الـ200 مليون م3 سنويا، إذا كان الموسم المطري جيدا، مضيفا ان مساحة البحر الميت، تراجعت منذ العام 2000 بنسبة 30 %، مقارنة بما هي عليه الآن. ويقول "كان الأمل الوحيد لتقليل انحسار البحر الميت، هو إنشاء مشروع ناقل البحرين، والذي كان من أهدافه الرئيسة، نقل مياه من مخرجات محطة التحلية والبحر الأحمر لتقليل انحساره، وكانت المرحلة الأولى لنقل مياه المشروع الى البحر الميت تقدر بـ300 مليون م3 سنويا،" مضيفا ان المشروع ألغي، ما حرم البحر الميت من فرصة ثمينة لإنقاذه. وسبق أن حذرت عدة جهات رسمية وبيئية من تسارع عمليات انخفاض البحر الميت، ووجهت نداءات لإنقاذه، والحفاظ عليه كجزء من التراث البيئي العالمي للكرة الارضية، وأحد النقاط البيئية النادرة في العالم، لكن هذه النداءات والتحذيرات لم تحرك ساكنا الى اليوم، الذي بدأت فيه أصوات ترتفع لإنقاذه من التلاشي، بخاصة وان انخفاض منسوبه بدأ يلحظ على نحو مباشر، ويشكل حالة تدهور بيئي غير مسبوقة في العالم. وتبلغ مساحة البحر الميت نحو 550 كلم2، ويصل عرضه في أقصى حد، إلى نحو 17 كلم، ويصل طوله لـ70 كلم.اضافة اعلان