الحدس.. تراكم للخبرات أم مشاعر غامضة تداهم المرء

Untitled-1
Untitled-1
ربى الرياحي عمان- ما يزال الغموض هو المسيطر وبجدارة على تلك الحالة الغريبة التي يعيشها البعض، الحدس أو كما يسمونها الحاسة السادسة وهذا يحدث بين الناس العاديين، فكثيرا ما نسمع أن هناك من يستطيع قراءة الأفكار، وآخر يؤكد قدرته على التنبؤ ببعض أحداث المستقبل، وأيضا يوجد أشخاص لا يكادون يفكرون بشيء ما حتى يحدث ويصبح واقعا.

الحدس: ملاكنا الحارس وصوت الحكمة فينا

هل ينبغي لنا أن نثق بحدسنا الأخلاقي؟

الحدس والتفكير

قصص ومواقف كثيرة قد يسردها بعض الأشخاص من باب التأكيد على امتلاكهم لهذه الحاسة التي تعتبر حتى اليوم مثيرة للجدل وموضع اختلاف بين العلماء والباحثين. ومما لا شك فيه أن امتلاك الشخص لمثل هذه الحاسة الغامضة قد يكون في كثير من الأحيان سببا في شقائه وحزنه وعزلته، لكونها في بعض المواقف مرهقة للأعصاب ومتعبة للروح والنفسية، خاصة إذا كان التنبؤ في الأمور السلبية. وهذا حتما يدعو الكثيرين للتوقف عند حيثيات الحاسة والبحث في أسرارها ومحاولة فهم تلك المشاعر الغامضة بشكل موضوعي. الثلاثينية رانيا خالد تبين أنها شخصيا لم تكن تؤمن بوجود الحاسة السادسة لدرجة أنها كانت تراها ضربا من الخيال، أوهام لا أصل لها بالواقع، لكن هذه الفكرة تغيرت عندها تماما بعد التقائها بإحدى صديقاتها. تقول في كل مرة أستمع لقصص صديقتي كنت أستغرب كثيرا وتنتابها الدهشة والحيرة متسائلة عن حقيقة امتلاكها للحاسة السادسة. أكثر من موقف حدث أمامها جعلها على يقين ومتأكدة من أن صديقتها قادرة على التنبؤ بالأحداث وأحيانا استشعار الأشياء قبل أن تحصل فعلا. مبينة أنها كثيرا ما تتوقع اتصال أشخاص معينين بها وقد لا تمضي دقائق على ذلك الإحساس حتى يكلمها أحدهم. أما عماد فهو أيضا يؤكد أن لديه حدس قوي يتعبه جدا في كثير من الأحيان، وذلك لأنه يشعر بالأحداث السيئة التي ستصيبه أو حتى تصيب أحد أفراد أسرته قبل أن تحدث بأيام قليلة الأمر الذي يتسبب حتما في قلقه وهلعه وإحساسه بالحزن والضيق. لذا أصبح مؤخرا يكبت تلك المشاعر ويتجاهلها هاربا من تبعاتها القاسية عليه وعلى من حوله. أم إيهاب هي الأخرى تحكي قصتها مع ابنها تقول، “فجأة ودون سابق إنذار شعرت بضيق وبأن قلبها مقبوض، هي لم تكن تعلم سبب تلك المشاعر الغامضة التي اجتاحت أعماقها في ذلك الوقت، لكن كان لديها إحساس بأن أحد أولادها في خطر وفعلا بعد ساعات عدة تعرض ابنها الكبير لحادث سير نتج عنه رضوض وكسور في قدميه. لذا تؤكد أن الحاسة السادسة لا تكذب، وخاصة لدى الأم. الاختصاصي النفسي الدكتور علي الغزو يرى أن الحدس أو ما يطلق عليه الحاسة السادسة هو شعور قائم على تراكم الخبرات والمعارف من جهة، وعلى المشاعر والعواطف من جهة أخرى، موضحا أن التنبؤ ليس شرطا أن يقتصر على الأمور الكبيرة بل قد يكون في أحداث بسيطة ومع أشخاص عاديين. ويلفت إلى أن هذا الإحساس يتكون أحيانا نتيجة الاستناد إلى أمور واقعية توجدها الخبرة والمعرفة والدراية، وامتلاك الشخص للحدس له وجهان، أحدهما إيجابي ومفيد وباعثا على الخير والفرح، لكن بعيدا عن التأميل الذي قد يتسبب بالخيبة والألم. ويتابع، أما الوجه الآخر فله تأثير نفسي سيء على الشخص نفسه وعلى من حوله، وخاصة إذا كان التنبؤ يتعلق بالأحداث السلبية كالتنبؤ بالموت أو وقوع الحوادث أو غيرها من المواقف التي ينتج عنها مشاعر حزن وضيق. ووفق رأي الغزو، فإن التأثير المرافق للتنبؤ السلبي يتسبب في جلد الشخص لذاته وتلويمها وبالتالي يترتب على ذلك أحيانا دخول الشخص في عزلة يبتعد عن مخالطة الآخرين ويحجم أفكاره ومشاعره مقررا في بعض الأحيان عدم التصريح عنها ومشاركتها مع من حوله. وينوه إلى ضرورة تقييم الشخص لما سيقوله، مع الانتباه للتأثير الذي قد يصاحب ذلك الإحساس وتقديره الجيد للموقف ومعرفة إلى أي درجة يحتمل التصريح عنه. مؤكدا على أن الإحساس إذا كان باعثا على الفرح فجميل التصريح به لكن دون مبالغة. ويختم حديثه بالتشديد على توخي الدقة ومخاطبة العقول لا القلوب، وتخير الأشخاص بناء على قدرة تحملهم.اضافة اعلان