الربيع فرصة الصغار للانطلاق نحو مساحات خضراء تضفي الفرح

جانب من أجواء الربيع في قرى وألوية الشمال- (من المصدر)
جانب من أجواء الربيع في قرى وألوية الشمال- (من المصدر)
ديمة محبوبة عمان- مع اقتراب فصل الربيع واعتدال الأحوال الجوية، وإشراقة الشمس المصاحبة للهواء العليل، يجد أهال أن هذه الأجواء فرصة من المهم استثمارها لتحسين صحة الأطفال نفسيا وجسديا عبر اصطحابهم لأماكن واسعة بعيدة عن الشقق السكنية الضيقة التي تحد من الحركة. وجود مساحات كبيرة محاطة بالأعشاب والأشجار يساعد الأطفال على الترويح عن أنفسهم بعيدا عن الحياة الروتينية التي عاشوها خلال فترة العطلة، وفق ما تقوله سماح أمين، لافتة إلى أن أولادها وعبر الفترات الماضية “تحددت” أوقات خروجهم من المنزل، بسبب انتشار فيروس كورونا والخوف من التقاط العدوى، وتفاديا لبرودة الطقس خلال الفترة الماضية. سماح أم لثلاثة أطفال، تؤكد أن ما عاناه الصغار خلال هذه الفترة من ضيق ورتابة وروتين أثر نفسيا عليهم، وكذلك جسديا، إذ بات طفلها الذي يبلغ من العمر سبعة أعوام يفتقد لياقته أكثر من المعتاد، وذلك لقلة الحركة. لذلك تنتهز أي فرصة تعتدل فيها درجة الحرارة هذه الأيام لتعوض أطفالها عن جلوسهم في البيت، واستعادة النشاطات الجسدية لهم في مساحات مفتوحة، تسهم في الانطلاق واللعب براحة ومن دون قيود، والاستمتاع بأجواء الربيع. وتتحدث رقية عبد الرحمن وهي أم لطفلين تتراوح أعمارهما بين 6 و10 أعوام، أن الأجواء الربيعية الدافئة تساعدها على تحسين علاقتها بطفليها والجلوس معهما وممارسة نشاطات مشتركة تكون ممتعة لهم جميعا كاللعب بكرة القدم في مناطق واسعة وتحت أشعة الشمس مع الهواء، ما يجعلهم يستعيدون نشاطهم. وتبين أن طفليها لم يحظيا بالتدريب على قيادة ركوب الدراجة الهوائية، والسبب، على حد تعبيرها، ما تعرض له العالم من اجتياح الفيروس الخطير كورونا على مدى عامين، ما جعل فكرة الخروج من البيت لأماكن محددة فقط خوفا من الإصابة بالفيروس. وتظهر قلقها في ضعف عضلات ابنها الذي لا يقوى على اللعب بشكل جيد جسديا، فطوال الفترة الماضية كان يلعب مع أشقائه داخل مساحة البيت الصغيرة، لذلك افتقد للياقته وسهولة الحركة. وتتحدث إسراء عبد الرحمن عن طفلها الذي خضع لعملية جراحية بسيطة، بسبب ضعف شديد في عضلات الرجل، أسهم فيه جلوسه الطويل على الكمبيوتر والأجهزة اللوحية للدراسة عبر المنصات، وكذلك اللعب فقط عبر الفيديو، ونصيحة الطبيب الذي قام بهذا التدخل الجراحي بأن يقوم ابنها بعد أن يتعافى ويقوي عضلاته باللعب التقليدي، وكذلك المشي ولعب الكرة وقيادة الدراجات الهوائية ضمن مساحات مفتوحة. وهو ما قامت به إسراء، مع تحسن الطقس عبر الذهاب لمناطق خضراء مفتوحة، إذ بدأ الصغير يلعب بدراجته الهوائية، ما أسهم بتحسين صحته واستعادة لياقته وقوته. اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، يؤكد أن ما تعرض له العالم من صدمة وخوف بتبدل تفاصيل الحياة المعتادة بسبب كورونا هو أمر ليس بسيطا ولم يتم تجاوزه سريعا، وأصبحت الخروجات ضمن ضوابط معينة، ما أفقد الأطفال حريتهم والتصرف براحتهم في كل مكان، إذ ابتعدوا عن اللعب التقليدي الذي يخرج طاقتهم الجسدية. ويلفت إلى أن معظم السكان يعيشون في شقق سكنية، ما يمنع الأطفال اللعب بمناطق واسعة، ما أثر على سلوكاتهم وجعلهم أكثر عدوانية، فضلا عن الضعف الجسدي، ومنهم من عانى سمنة ومشاكل نفسية كعدم الرغبة في الخروج من المنزل أو غياب الشعور بالراحة عند التعامل مع الآخر. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يتفق مع خزاعي بأن جلوس الأطفال فترات طويلة في بيوتهم بعيدا عن الاختلاط مع من هم في جيلهم جعلهم يعانون مشاكل نفسية تصل إلى الاكتئاب والخوف من الآخر، وكذلك مشاكل جسدية كضعف العضلات والتعود على الجلوس والراحة، فبات أي مجهود بدني يتعبهم. ويؤكد أن الخروج واستنشاق الهواء العليل والتعرض إلى الشمس كلها أمور تسهم بتحسين النفسية وتجدد طريقة التفكير وتكسر الروتين والرتابة، واللعب في هذه الأجواء مع الأطفال يقرب المسافات بين الأهالي والأطفال. وينصح بأن يتم استغلال هذه الأوقات لمساعدة الأطفال على استعادة نشاطهم وحيويتهم وكسر الروتين بما يسهم بالنمو الطبيعي الصحي على عكس ألعاب الفيديو التي أدت إلى حالة من الكسل والانطواء والعزلة عن الآخر. اقرأ المزيد: اضافة اعلان