السعي نحو تغيير "طباع" الآخر.. كيف يؤثر في العلاقات؟

12
12
ديمة محبوبة عمان- لم تدرك فداء عبد الله التي تعمل في المجال القانوني، أن طلاقها من زوجها هو نتيجة لرغبته الدائمة في تغيير صفاتها والسيطرة على شخصيتها، وهو ما لم ترضه هي، محاولة أن تقنعه دائما أن تلك الأمور لا يتم تغييرها في يوم وليلة. شخصيتها القوية وقدرتها على تجاوز الصعاب وحل مشاكلها بذاتها، هي ما لفت زوجها لها في البداية، إذ كان يميل لطباعها وأسلوبها وطريقتها في إدارة حياتها، وهو ما لم يعد يعجبه بعد الارتباط، وأصبح دائم الانتقاد لها ويطالبها بالتغيير بما يتماشى مع شخصيته. تستذكر فداء كلمات زوجها سابقا وكيف كان يحب طريقتها في الاعتماد على ذاتها وتعاطيها مع كل شيء، إلا أنه وبعد الزواج باتت هذه الصفات التي كانت سببا في حبه لها تزعجه، ليلجأ لأسلوب العقاب كأن يقاطعها ولا يحدثها لأيام وأسابيع. تعترف فداء أنها بدأت تخضع لرغباته أحيانا بتغيير ما يضايقه لأنها تكن له مشاعر الحب وترغب باستمرار هذه الحياة برفقته، غير أنها كلما غيرت إحدى الصفات التي لا تعجبه، كان يطلب المزيد، وصارحته في إحدى المرات أنها حينما ارتبطت به تقبلت كل طباعه وشخصيته ولم تحاول تغييرها، لكنه بالمقابل لم يبادلها الشيء ذاته، وبالنهاية حصل الطلاق بينهما. وتستغرب من الأشخاص الذين يكونون في البداية معجبين بصفات الطرف الآخر ويتقبلونها، لكن بعد وقت ينفرون منها، ويبدأون بالعمل على تغييرها، بالرغم من أن “الطبع عادة ما يغلب التطبع”، لكن لا يدركون هذا الأمر. ويرى خبراء أن على الفرد تقبل الآخر واحترام طباعه، فكل إنسان وبمبادرة شخصية منه يمكن أن يغير مع الوقت صفات يراها تزعج غيره، ولكن إن شعر أن غيره يجبره على ذلك قد ينفر ولا يتقبل. اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، يؤكد أن تغيير سلوك ما أو طباع محددة ينبغي ألا يكون هدفا بين العلاقات، مبينا أنه ليس من العدل مضايقة شريك الحياة باستمرار لجعله يقوم بالأشياء على الطريقة التي يرغب بها، وفي الحقيقة الشخص الوحيد الذي يمكن تغييره هو “ذاته”. وإن كانت هناك صفة سلبية، من المهم محاولة تغييرها تدريجيا وليس بالفرض والانتقاد السلبي الدائم، كما يبين خزاعي، لافتا إلى أن بعض الأزواج يحاولون ذلك من باب السيطرة أو الفرض في العلاقة وهو أمر غير محبب، ومن الضرورة تقبل الشريك كما هو. ويؤكد أن الاختلافات في شخصيتي الزوجين قد تكون أمرا إيجابيا، وكأنهما فريق متكامل، فالاختلاف لا يفسد العلاقات في الأصل ولا يقلل من الود، حيث يمكن أن يكونا مكملين لبعضهما بعضا، كأن يكون أحدهما حنونا والآخر حازما، أو شخص لا يجامل والآخر يجامل في علاقته مع الآخرين. بعض الأزواج يصرون على تغيير سلوكات معينة بالطرف الآخر، فمنهم من يتقبل ذلك التغيير ويظهر أثره سريعا، لكنهم ما يلبثوا بعد فترة بالعودة إلى سلوكهم السابق. ويؤكد خزاعي أن هناك من يتعامل مع الشريك بمبدأ المعاقبة أو فرض الشروط، فعلى سبيل المثال، يتعمد ألا يكون جيدا ومحبا ومعطاء كما كان في السابق، إلا عندما يقوم الآخر بما يريده وكأنه حب مشروط. وينوه اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، إلى أن الكثير من الأفراد بمرحلة الخطوبة يخططون لتغيير بعض الصفات بالشريك بعد الزواج بالرغم من أن هذه الصفات كانت مرضية في البداية ولم تكن تشكل له مشكلة. ووفق مطارنة، فإن تغيير الإنسان عملية شديدة التعقيد، وتدخل عوامل كثيرة فيها، وتعمل على استنزاف الجهد، وقد لا يتغير شيء، مبينا أن محاولات التغيير لطباع سلبية ومزعجة يجب أن تتم من خلال التفكير العميق واحترام الآخر والحديث بشكل لائق وشرح مبررات طلب التغيير. ويرى أن الصحة النفسية تتأثر في حال استخدام أساليب سلبية و”قمعية” لتغيير الآخر، ما يجعل الشخص يشعر بأنه مسلوب الحق في حياته. الأهم دائما هو احترام الآخر ودعم طباعه وتقبلها في حال لم تؤثر سلبا على العائلة، فالاختلاف لا يعني الحرب بين الطرفين بل على العكس من الممكن أن يكونا مكملين لبعضهما بعضا إن كانا على درجة من الوعي والثقة بالذات. وإن كانت هناك صفات تؤذي الأطراف جميعها فمن المهم التعاون على تجاوزها وتغييرها تدريجيا، بالحوار والاتفاق.

اقرأ المزيد:

اضافة اعلان