انتقائية في التعاطف

د. هيثم أبو كركي

تابعت بكل حزن تداعيات كارثة الفيضان في السودان حيث تعيش معظم ولايات ومناطق السودان أوضاعا كارثية بعد أن زاد عدد قتلى الفيضانات التي تشهدها البلاد على 100 قتيل وشردت مئات الآلاف من السكان وأدت لانهيار أكثر من 100 ألف منزل.اضافة اعلان
الا ان حزني كان اعمق عندما لم اجد لمعاناة هذا الشعب الطيب أثرا في خطابنا الاعلامي وفي مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس ما جرى بعد احداث كارثة انفجار مرفأ بيروت التي ذهب ضحيتها العشرات وشردت مئات الالاف من اللبنانيين، ففي حينها ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الكارثة و تصدرت وسوم التعاطف مع لبنان في ازمته الكارثية مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها.
اتساءل عن سبب الانتقائية الذي دفعنا للتضامن مع لبنان الشقيق لاصابته بجرح ادمى قلوبنا جميعا وهو تعاطف واجب لا ننكره –لا سمح الله- بل كنا نتمنى ان تسمح الامكانات لنا ان نقدم اكثر مما قدمنا نصرة لاشقائنا في محنتهم التي باتت حديث العالم اجمع، الا انني وفي ذات الوقت تمنيت لو ان السودان الشقيق حظي بنفس التعاطف الذي حظي به لبنان ، علما ان الكارثة على السودان الشقيق – فرج الله عنه وعن اهله- تقارب وقد تتفوق في الفداحة على كارثة مرفأ بيروت، الا انه لم يحظ بالكم المطلوب من التعاطف.
ان نظرة سريعة لهذا البلد الطيب تظهر انه قد ترك وحيدا في مواجهة ازمات تنوء بها الجبال فمن حربين اهليتين راح ضحية الحرب الثانية منهما ما يقارب المليوني انسان على مدار احد عشر عاما وشردت ما يقارب اربعة ملايين انسان، الى كوارث طبيعية من فيضان وجفاف وما سينتج عنها كنتيجة طبيعية من تردي للاوضاع الصحية وفقر وبطالة.
وتاتي الفيضانات الاخيرة لتضيف عبئا على عبء و تحديا كبيرا امام الشعب السوداني يحتاج معه لكل ما يمكن ان نقدمه له من دعم ومساعدة و مؤازرة للتغلب على المشكلة الانية واتخاذ ما يلزم من اجراءات لمنع تكرارها مستقبلا وهو ما لم اجد له الصدى المنشود سواء في الخطاب الرسمي لدول العالم او على مستوى الافراد مما تعكسة مواقع التواصل الاجتماعي.
ان الصور المتداولة من كارثة الاشقاء في السودان تدمي القلب حزنا وتشعل النفس لوعة وحسرة ولا اقل من ان نتعاطف مع الضحايا والمنكوبين ولو بالدعاء و ان لا نكون انتقائيين حتى في مواستنا، انني في هذا المقام لا اقلل من شأن وحجم وتداعيات انفجار بيروت –لاسمح الله- فهو يستحق وصف الكارثة بكل المقاييس الا انني وفي ذات الوقت احب ان تحظى فيضانات السودان على انتباه يوازي ما حصل عليه انفجار بيروت فكلاهما في نفس الدرجة من الشدة و الجسامة بل ان السودان معرض لا سمح الله لان تتكرر هذه الكارثة في حال لم يتم اتخاذ ما يلزم من اجراءات للتحكم بمنسوب النيل ومنع الفيضان وهو ما سيتطلب الكثير من الجهد والمنال الذي يجب ان يجد فيه الاشقاء السودانيون عونا من قبل العالم اجمع ، فقد عانى هذا البلد الكثير من المصاعب وآن له ان يحظى بالدعم والمساعدة التي يستحق.
انني ابتهل الى العلي القدير ان يرحم ارواح الضحايا ويخفف البلاء عن المصابين في مشارق الارض ومغاربها وان يحفظ بلادنا وبلاد العالم اجمع من كل الشرور والاخطار.