بعد تخفيف الإجراءات.. عائلات تشتاق لاستعادة أجواء رمضان

جانب من صلاة التراويح في الأعوام السابقة- (الغد)
جانب من صلاة التراويح في الأعوام السابقة- (الغد)
تغريد السعايدة عمان- على أعتاب شهر الرحمة والبركة والأجواء الروحانية في رمضان المبارك؛ ينتظر الأردنيون معايشة تفاصيله الخاصة التي غابت عن المجتمع لعامين متتالين، بسبب قيود “كورونا”، لتعلن الحكومة عن إجراءات تخفيفية تتعلق بتفاصيل الشهر التي تبعث على الفرح والتراحم. وعلى مدار موسمين في الأعوام السابقة، غابت تفاصيل الاعتكاف في المساجد، والتجمعات العائلية وصلة الرحم “التقارب الجسدي”، وما أن أعلنت الحكومة عن تلك الإجراءات التخفيفية، حتى بدأ الجميع بالتعبير عن سعادتهم وحماسهم لقرب شهر رمضان بكل تفاصيله الجميلة، وذلك من خلال الاستعداد لإقامة العبادات في المسجد، وهي ما يميز شهر رمضان المبارك عن باقي أشهر العام. عدا عن ذلك، فإن هناك مجموعة من التغيرات التي تنتظرها العائلات، وخاصة الممتدة منها، والمتعلقة بالتجمعات العائلية، وصلة الرحم وإقامة الولائم اليومية للأرحام، بالإضافة إلى ما يقوم به بعض المحسنين والمؤسسات التي تقدم جزءًا من الخدمة المجتمعية في شهر رمضان، والتي تتمثل بإقامة موائد الرحمن للمحتاجين والفقراء، والتي غابت لمدة عامين، بكل ما تمثله من ترابط وأجواء تكافيلة تميز مختلف المجتمعات الإسلامية في رمضان. أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية الدكتور منذر زيتون يؤكد، أن العودة لتلك الحياة المحببة للناس، والمرتبطة بشهر رمضان المبارك، من إعادة طقوس العبادة وإحياء ليالي رمضان، والتجمعات العائلية والخيرية، هي أمور مبشرة وتبعث على السعادة وتبث الحماس في النفوس للاستعداد للشهر الفضيل على أحسن صورة. هذا الأمر، وفق زيتون يقتضي منا ألا نهمل الأسباب الوقائية والصحية التي تحمينا من خطر العدوى، وأن يتم اتباع التعليمات بشكل مناسب، خاصة فيما يتعلق بارتداء الكمامة، والتي من شأنها أن تحمي الجميع، بعد التوكل على الله، وعلينا الأخذ بالأسباب. هذه الإجراءات تعيد روح العبادات إلى المجتمع، على حد تعبير زيتون، لأن الصلاة في المسجد مع الجماعة، لها أثر كبير في إعادة الاجتماعيات واللقاءات والاحتكاك المباشر بين الناس، وهذا يضفي على قلوبهم الطمأنينة والمحبة ويعيد تواصلهم من جديد مع أنفسهم ومع بيوت الله، ومع روح الشهر الكريم، ووجود الدعوات بين الأقارب والأرحام، عدا عن موائد الرحمن التي ستعود لهذا العام، والتي من شأنها كذلك أن تعيد روح التكافل الاجتماعي في المجتمع الواحد. ويؤكد زيتون أن العلاقات في المجتمع، بالأصل يجب أن تكون متلاصقة متقاربة ومتحابة ومتواصلة، وما كان من إجراءات سابقة ما هي إلا استثنائية، واضطر الجميع إلى التباعد لحماية أنفسهم وغيرهم من العدوى، وكان يُطلق عليه مصطلح “تباعد اجتماعي”، على الرغم من أن زيتون يرى أنه تباعد جسدي فقط ولم يكن اجتماعيا، ولكن تحول الأمر إلى تباعد اجتماعي في النهاية، ونحن الآن بصدد إزالة تلك الحواجز فيما بين أفراد المجتمع. ولا ينكر زيتون أن هذه الإجراءات السابقة خلقت أفراداً بالفعل منعزلين عن المجتمع، حتى وقتنا هذا، وما زال في قلبهم خوف من الناس، وهذا أمر وارد جداً، والتلاصق والتقارب هو أمر شرعي في الصلاة الجماعية، ومن شأنه أن يقرب الناس كذلك من بعضهم، لذلك نتأمل في هذا الشهر الفضيل أن تعود تلك العلاقات الإيجابية بين الناس، ونشجع الجميع للتوجه للمساجد لأداء صلاة التراويح والعبادات الاجتماعية المختلفة، التي تمثل شعورا موحدا بين الناس للتقرب إلى الله. كان وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول قد تحدث قبل أيام عن مجموعة من الإجراءات التخفيفية والنشاطات والفعاليات في شهر رمضان المبارك، يلمسها المواطن بشكل جلي وتعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل جائحة كورونا، والهدف منها الاحتفال بالأجواء الرمضانية والربيعية، بعدما حدت جائحة كورونا من الاستمتاع بهذه الطقوس والفعاليات الدينية المرتبطة بشهر رمضان، وسيتم تكفل تسهيل إقامتها حتى يتم ضبط التجمعات ضمن الضوابط والإجراءات الوقائية وخاصة في الأماكن المفتوحة. أخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يبين أن هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن الشهر المبارك، وهو شهر يمنح الإنسان فرصة لإعادة الإحساس والشعور بأهمية هذا الشهر الفضيل، بعد أكثر من عامين من البعد والعزلة وعشنا فيه خلال السنوات الماضية طقوسا مختلفة بسبب إسقاطات الإجراءات الاحترازية للحد من العدوى في التجمعات. ووفق جريبيع فإن رمضان بالنسبة للمجتمع الأردني والإسلامي بشكل عام، يمثل لهم العديد من الطقوس والتفاصيل المختلفة، وهو ليس، فقط، شهرا للامتناع عن الأكل والشرب، وإنما هو شهر للعبادة والتواصل و”جرد الحساب” كما يُقال، بين الإنسان وذاته وفرصة لإعداة التلاحم والتسامح، وأن يلتقي الجميع مع بعضهم البعض، وخاصة في ظل هذه الظروف الحياتية التي أصبحت صعبة ومعقدة، وتبعد الأفراد بحكم انشغالات الحياة. ويعتقد جريبيع أن القرارات التخفيفية التي تم اتخاذها من قِبل الحكومة، ستساهم في إعادة الحياة في رمضان كما كانت، وكانت هذه القرارات مدار حديث الناس، يتبادلونها ببهجة وسعادة، وأثلجت صدور الجميع، خاصة وأن نسبة كبيرة من تلك القرارات لها علاقة بالجانب الديني والروحاني المتعلق بشهر رمضان المبارك. “نحن مجتمع علاقاتنا المترابطة وحياتنا قائمة على روابط الدم وصلة الرحم ولا نستطيع أن نعيش حياة منفصلة عن بعضنا البعض”، يقول جريبيع، كما أن المجتمع الأردني دائماً في حالة تلاحم وتعاضد، حتى وإن كان بين بعضهم خِصام، فإنهم يعتبرون شهر رمضان المبارك فرصة لإعادة تلك العلاقات والتلاحم بينهم، خاصة وأن رمضان هو شهر متميز ومختلف وله وقع في نفوس الجميع، ويعتبر شهر الصلة بالله والتقرب إليه بالعبادات اليومية على اختلافها. اقرأ المزيد: اضافة اعلان