حزب الميثاق.. الرهان على قيمة المحتوى

مكرم أحمد الطراونة خلال اجتماعه الأسبوعي الأول، ذهب المكتب السياسي لحزب الميثاق الوطني إلى تقييم جهود الحكومة في التعامل مع رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي، والذي اعتبره ما يزال قاصرا ولم يرتق إلى المستوى المطلوب. ما يلفت الانتباه في هذه الرسالة التي وجهها الحزب، الذي عقد مؤتمره العام بحضور حاشد بداية الشهر الحالي، أنه وعند تفسيره للقصور في أداء الحكومة في هذا الجانب، استند إلى أن الغالبية العظمى من الأردنيين ما تزال غير مطلعة على مضامين الرؤية الاقتصادية، وأن الخبراء الاقتصاديين أيضا يمتلكون معلومات متضاربة وتقييمات متباينة حولها، إلى جانب تساؤلات اقتصادية طرحها الحزب. من الجيد أن يستند هذا الحزب، الذي 40 % من أعضائه المؤسسين من الشباب، و25 % من النساء، في تقييمه لأداء الحكومة إلى التغذية الراجعة، وهي هنا الناس، والخبراء في الميدان، وهذا مؤشر إيجابي على أهمية الاشتباك مع المجتمع في كافة التفاصيل، كونه العامل المشترك الأول في هذه المعادلات. عندما أطلق التحديث السياسي كمنهج للدولة للوصول إلى حياة حزبية قوية في غضون سنوات قليلة، راهن البعض على فشل التجربة انطلاقا من أن الأولوية يجب أن تكون للمشاريع الإصلاحية التي تتعلق بحياة الناس المعيشية، والمقصود هنا هو الاقتصاد، بيد أنه ورغم البداية الصعبة لتكوين الأحزاب، إلا أننا اليوم أمام واقع لا بد وأن نجني ثماره مستقبلا مهما كانت تكلفته، لكن كيف؟ ناقشت الدكتور محمد المومني أمين عام حزب الميثاق حول أمرين اثنين أعتقد أنهما الأهم في هذا المشروع الحزبي، الأول كان حول هوية الحزب وبماذا يختلف عن غيره، أي لماذا على المواطن أن يثق به ويتبنى هذا المشروع، والثاني حول برنامج الحزب المنوي تقديمه للناس، وإلى أي مدى سيكون هذا البرنامج واقعيا وموضوعيا ومقنعا وقابلا للتنفيذ، أو على أقل تقدير قدرته على تطبيق أغلب ما يأتي فيه. كانت إجابة الدكتور المومني غير حالمة، وسأترك سردها على لسانه في مقابلة معه ستنشرها "الغد" لاحقا. يقول الحزب، إن هويته وسطية محافظة، وإنه سيكون منتجا يليق بالأردن ووعي مواطنيه السياسي المتقدم الذي سئم الانتخاب على أسس مناطقية أو فئوية أو شخصية. يدرك الحزب ما يريده المواطن، الأمر الذي يحتم عليه أن يملك محتوى قيما، وغيره من الأحزاب الجديدة التي تشكلت، أو تلك التي طالما كانت موجودة على الساحة، لسبب مهم، وهو أن بعض الفرص لا تأتي مرارا، ومنها فرصة الإصلاح السياسي، والحياة الحزبية التي ستصل بنا إلى حكومات برلمانية في نهاية المطاف. وجود 40 % من أعضاء الحزب المؤسسين من الشباب و25 % من النساء فرصة مثمرة أمامه للمضي قدما، شريطة أن تكون بدايته قوية بحجم الطموح، وأن يمنح هؤلاء مساحة واسعة لعكس قدراتهم وفهمهم للمرحلة، كون الشباب هم نواة المئوية الثانية للدولة الأردنية، والنساء يمتلكن فكرا وإمكانيات لم يتمكنّ حتى اليوم من عكسها على أرض الواقع والاستفادة منها، وهذا التحدي الأكبر الذي ستواجهه الأحزاب من هذه الزاوية، حيث تكمن الخطورة في التموضع في ذات المكان الذي تموضع فيه من سبقها من أحزاب قديمة، حيث يحكم قبضته صاحب الرأي الأوحد! بالنسبة إلينا، نحن المراقبين، يتوجب علينا أن ننظر للأحزاب كافة بشكل إيجابي، ومن بينها حزب الميثاق الوطني، خصوصا عند تحليل آلية عملها المختلفة، ونهج تكوينها وإدراكها أنها أسست كجزء من مشروع إصلاحي يريده الجميع ولا بديل عنه سوى البقاء في دائرة التخبط السياسي. نحب أن نتفاءل بما ستأتي به الأيام القادمة، فبالتأكيد، سيكون التنظير أكثر سهولة من التطبيق العملي. لكننا اليوم أمام تجربة وليدة، ومسؤوليتنا أن نعمل على إنجاحها. المقال السابق للكاتب الرقابة لا تراقب.. فمن يحاسب؟اضافة اعلان