حساسية الرفض.. كيف يواجه الفرد أثرها النفسي؟

ديمة محبوبة لا يحتمل الإنسان في كثير من الأحيان الشعور تجاهه بالرفض، سواء بتكوين العلاقات أو في نطاق العمل، بل وفي مجمل مناحي الحياة، حيث ينسحب ذلك الشعور بردود فعل، قد تكون عنيفة أحيانا، وفيها إيذاء للنفس وللآخرين. ذلك الشعور قد يكون قاسيا، لكن هنالك من يتقبله وينظر لنفسه عله يبحث عن الأسباب ويعالجها، وهنالك من لا يستطيع أن يتعايش مع تلك الفكرة فيرفضها وتتغير سلوكاته بناء على ذلك. هذه الحالة تسمى بـ”حساسية الرفض” وعادة ما تكون عامة، وأكثرها تأثيرا تلك التي تهز المشاعر حينما يكون الرفض عاطفيا. دراسات أجريت سابقا، أكدت أن من يعانون من حساسية الرفض يطرأ عليهم شعور الخوف، وعند تعرضهم لهذه المواقف، فإن الإشارات التي ترسل إلى أقسام الأجهزة المعينة بهذه المشاعر تسبب الألم الجسدي. سليمان وهو طالب جامعي، يقول “لا أستوعب فكرة رفض شخص لي، فأنا عندما كنت صغيرا وطالبا في المدرسة ويرفض أحدهم اللعب معي، كان ينتابني شعور بالقهر والألم يخترق قلبي”، مبينا أنه حينها كان يلجأ للعزلة بعيدا عن محيطه أو يتعمد أن يكون مؤذيا وكأنه ينتقم من الآخر. ويرى سليمان أنه وفي مراحل حياته المتعددة تعرض للرفض، سواء بعلاقات فاشلة ولم تستمر وكذلك الأمر مع الزملاء والأصدقاء، لافتا إلى أن ذلك الحال جعل منه شخصا عصبيا ومتوترا في أغلب الأحيان يحاول أن يحمي ذاته من الآخرين بالقسوة تجاههم، خوفا من أن يتعرض للخذلان. يبحث دائما عن إجابة عن سبب الرفض الذي اختبره في مواقف متعددة، وبعد محاولات كثيرة ومراجعات لعلاقاته المختلفة، شعر أن عصبيته وعدم فهمه الآخرين هما السبب، والتقبل هو ما جعله يفكر بشكل حقيقي في تخفيف هذه الصفات السلبية، وأن يدرب ذاته بكيفية كسب الآخرين ممن سيضيفون الإيجابية على حياته، كما وجد أن تعزيز ثقته بذاته ينهي مشكلة الخوف من الرفض وحساسيته المبالغ فيها. ويستذكر كامل محمود نفسه أيام المراهقة، فكانت شخصيته قوية، ولكن صدمته الكبرى عندما حاول التقرب من ابنة الحي الذي يقطن به، لكنها رفضته، ما جعله يصر على الحديث معها وحينما زاد رفضها له، تصرف معها بطريقة مسيئة. اليوم، عندما يتذكر هذا الموقف يجد نفسه خاطئا ومتهورا، وذلك نتيجة عدم ثقته بذاته، فالحب لا يأتي بهذه الطريقة، وبعد أن وصل لعمر 38 عاما تغيرت وجهة نظره؛ إذ إن الرفض حق الناس جميعا، وإن كان فيه ألم إلا أنه مقبول، فهو ليس نهاية العالم، والثقة بالذات وإيجاد وسيلة لتطبيب النفس أمر يعني تصالح الشخص مع ذاته. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يؤكد أن حساسية الرفض موجودة بالفعل والتعامل معها ليس سهلا، لأن أصحابها يبحثون عن المشاكل وينبشون عليها، ما يعني طريقة فهمهم للأشياء والمواقف تكون حسب فهمهم للشخص وليس حسب الموقف. لكن عند التعامل مع هذه الشخصيات، من المهم إدراك أن الرفض ليس رفضا لذات الشخص، وإنما الرفض هو حق للآخر، ومن الخطأ التخوف من ذلك وبناء عليه اتباع أسلوب المسايرة فقط كي لا يؤذي مشاعر الآخر، على العكس يجب المواجهة، لكن أن تكون بشكل لطيف ومقبول، وفق مطارنة. أما من يعاني من حساسية الرفض، فيؤكد مطارنة أهمية تعديل السلوك وطريقة التفكير قبل أن يكون الأمر عدائيا وعنيفا وضارا بذات الشخص أولا وبالآخرين. وفي حالة الغضب المبالغ فيه عند الشعور بالرفض في العمل أو عاطفيا وقتها، يجب أن يثق الشخص مع ذاته وأن يكون محبا وأن يغير من سلوكه إن تطلب الأمر ذلك، وأن من حقه هو أيضا أن يرفض آخرين لسبب ما يخصه، وأن هذا الحق موجود عند الجميع. ويقول مطارنة “أيهما أفضل العيش بخداع خوفا من أن تتأثر مشاعر أحد الأطراف أم أن تتم المواجهة وأن يعيش ألمه ومن ثم يعيش حياته التي يستحقها؟”. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان