حسام جربوع.. فلسطيني يهزم الإعاقة بصناعة بلاط المباني 

الجربوع
الجربوع
رفح (قطاع غزة)- لم تقتل الإعاقة شغف الفلسطيني حسام جربوع (29 عاما) من قطاع غزة، بمهنة صناعة بلاط أرضيات المباني، رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها هذه المهنة. وفقد جربوع قدمه اليُمنى (من أعلى الفخذ)، في أبريل/ نيسان 2018، إثر إصابته برصاص إسرائيلي، خلال مشاركته بمسيرة العودة وكسر الحصار، قرب السياج الأمني، شرقي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة. وعلى مدار سنوات الإعاقة، عمل جربوع، جاهدا، على تطوير مهاراته في المهنة التي اعتاد أن يعمل بها قبل إصابته، وهي تركيب حجارة الأرضيات (البلاط)، داخل المنازل. ونظرا للتغيرات الصحية التي طرأت على جربوع، لجأ إلى الانتقال لمرحلة جديدة من مهنته، وهي صناعة الحجارة الصغيرة الملّونة، المستخدمة في رصف الطرقات والحدائق. ورغم الصعوبات التي يتعرض لها جربوع بسبب المشاق الذي تحمله هذه المهنة، إلا أنه استمر في العمل بها لسببن، الأول شغفه بها، والثاني عدم حصوله على فرصة عمل في مجال تخصصه الجامعي. وحصل جربوع، وهو والد لطفلة، على شهادة البكالوريوس في الإدارة الصحية، ودبلوم في السكرتارية الدولية. ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) لعام 2019، فقد بلغ عدد ذوي الإعاقة في غزة، نحو 48 ألفا. **عودة تدريجية يقول جربوع إنه بدأ منذ تخرّجه من الجامعة، في العمل بمهنة تركيب حجارة أرضيات المنازل، لعدم حصوله على مهنة في مجال تخصصه. لكنه توقّف عن أداء المهنة، نظرا للظروف الصحية التي طرأت عليه، بعد أن بترت قدمه، فاقدا بذلك مصدر رزقه. وبعد أن استعاد صحته الجسدية والنفسية، بدأ بشكل تدريجي العمل في هذه المهنة، بما يتلاءم مع ظروفه الصحية الجديدة، على حدّ قوله. وتابع: "العودة التدريجية كانت أمر مهم، خاصة في ظل ما تحتاجه هذه المهنة من جهد ومشقة عالية". ويوضح أن عودته للعمل، لم تكن سهلة أو سلسلة، إنما حالت إصابته بتأدية الكثير من المهام والأنشطة. لذا لجأ على مدار السنوات الماضية، إلى تطوير مهاراته، والعمل داخل مشغل صغير، بإمكانيات متواضعة. **صعوبات متعددة وفي مشغل صغير، يعود لصديقه، لا تتجاوز مساحته الـ10 أمتار، في مدينة رفح، يبدأ جربوع بمراحل صناعة (البلاط)، وهو يستند إلى عكّازيه، اللذين يعتبرهما بمثابة البديل عن قدمه التي فقدها. بعد أن انتهى من صناعة العجينة الإسمنتية المكوّنة للحجارة، بألوانها المختلفة، انتقل إلى مرحلة سكبها داخل القوالب متعددة الأشكال، وتركها ليوم كاملٍ حتّى تجف تماما، وتصبح صلبة. وقال جربوع، "نواجه العديد من الصعوبات في هذه المهنة، نتيجة ضعف الإمكانيات المادية لهذا المشغل". وأوضح أن عدد القوالب ذات الأشكال المختلفة، و الخاصة بتشكيل الحجارة، يصل إلى 80 فقط، ما يقوّض المجال لإنتاج أعداد كبيرة من الحجارة يوميا، بحيث يصل الإنتاج اليومي إلى حوالي 5 أمتار فقط. وتابع: "لو توفرت لدينا قوالب إضافية وإمكانيات وتمويل للمشروع، من المؤكد أننا سنوفّر عددا من الماكينات والآلات الحديثة، كما سيتاح لنا العمل بعدد ساعات أكبر، مع تشغيل عدد أكبر من الأيدي العاملة". ويذكر أن دعم هذه المشاريع الرائدة تنعكس إيجابيا على قطاع العمّال بغزة، ما يترتب عليه زيادة في إنتاج المشاغل، أو المصانع الصغيرة، بالتالي زيادة في الربح وفي المردود المالي الخاص بالعمّال. وأشار أن المشغل يعتمد في عمله على أدوات بدائية لخلط العجينة الخاصة بصناعة الحجارة، إضافة إلى مولدات خاصة بأجهزة كهربائية تالفة مثل "غسالة الملابس الكهربائية". إلى جانب ذلك، فإن انقطاع التيار الكهربائي لمدة 8 ساعات يوميا، يعيق من عملية إنتاج الحجارة داخل المشغل، حيث يقول جربوع " إن الانقطاع عن العمل، نتيجة انقطاع التيار، يؤدي إلى قلة الإنتاج ما يؤثر على دخله اليومي". **تجربة وتحدي يقول جربوع إنه لم يكن يمتلك خبرة صناعة هذا النوع من الحجارة في السابق، لكنّه تعلمّ المهنية من خلال التجربة. وأضاف: "خلال هذه المرحلة تلفت كميات كبيرة من الحجارة، لكنني واصلت العمل، وتحديت الظروف، حتى تمكّنت من إنتاجها بالشكل والمعايير المطلوبة". وأعرب جربوع عن أمنياته في أن تحظى المشاريع الصغيرة بدعم واهتمام المؤسسات المعنية، سيما الممولة والحاضنة للمشاريع الصغيرة من أجل تطويرها وتوسعتها لما لها من أهمية في دعم الاقتصاد. ويعاني ما يزيد عن مليوني نسمة في قطاع غزة، من أوضاع اقتصادية متردية للغاية، جرّاء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006، ما تسبب بارتفاع نسب الفقر والبطالة.-(الاناضول)اضافة اعلان