سباق الأعمال الخيرية يصل للنهايات.. كيف نضمن ديمومتها بعد رمضان؟

0
0
تغريد السعايدة عمان- على مشارف نهايات الشهر الفضيل، تواصل مبادرات فردية وجماعية عملها على قدم وساق في سبيل إيصال المساعدات إلى مستحقيها قبيل انقضاء أيام الصيام، على أمل أن يأتي العيد ناشراً فرحته على وجه الأطفال وذويهم، بتقديم “كسوة العيد”. وهناك من يسعى لتقديم المساعدات الخيرية الفردية بالبحث عن المحتاجين بين الأحياء والبيوت، وكأن آخر أيام الشهر الفضيل هي سباق لنهاية تلك الأعمال الخيرية أو السلوكيات الحميدة التي تم تعديلها خلال شهر رمضان، إلا أن المحتاجين والعائلات المعوزة تتمنى أن تبقى هذه الأعمال مستمرة طوال العام. وتنشط الحركة الخيرية والتطوعية خلال شهر رمضان المبارك، كونه شهرا فضيلا تتضاعف فيه الأجور، لذلك يعمد الحاج أبو صالح إلى أن يكون هذا الشهر هو الذي يوزع فيه زكاة أمواله التي يرصدها على مدار العام لهذا الشهر، معللاً ذلك بأن حاجة الناس تزداد في رمضان، والمنفعة لهم تكون أفضل سواء من ناحية حاجتهم لمونة البيت، أو بشراء ملابس العيد للأطفال. وعلى الرغم من أنه لا يتوانى عن تقديم المساعدة طيلة أيام العام، بحسب قدرته، فإنه يتعمد أن يزيد من حجم المساعدات التي يقدمها للمحتاجين من خلال التنسيق مع بعض الجمعيات الخيرية الموثوقة، لضمان أن تصل تلك المساعدات لمستحقيها، فيما هو ينال الأجر والثواب ويسهم في بث روح التكافل في المجتمع. وعلى النهج ذاته، تنشط مئات الجمعيات الخيرية أو المبادرات التطوعية الآنية، لتقديم المساعدات للمحتاجين، وذلك عن طريق تقديم الوجبات الرمضانية من خلال ما يسمى بحملات “إفطار صائم”، أو حملة كسوة العيد، وأحياناً قضاء الديون عن الغارمين، والكثير من المساعدات التي تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي أو التغطيات الإخبارية المختلفة. ولكون التكافل والمساعدة والعون، والسلوك الأخلاقي السليم هي مكونات اجتماعية يجب أن تبقى ثابتة، حتى يستمر التفاعل المجتمعي بين الناس، فإن الأصل أن يكون رمضان هو بداية التغيير أو التحسين للأفضل لما بعد رمضان، وهو ما يراه أمرا ملحا، اختصاصي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع؛ حيث تحدث عن أن هناك مئات المداخل للعمل الخيري الذي يجب أن يستمر على مدار العام، ولا يتوقف بتوقف رمضان، بحجة أن الأعمال في رمضان لها أجور مضاعفة، فالمحتاجون موجودون في كل مكان وعلى مدار العام. ووفق جريبيع، فإن المساعدة لها العديد من الصور المجتمعية، التي يستطيع بها الإنسان أن يبقى محافظاً على عطائه وعمل الخير، حتى وإن اختلفت الأوجه للمساعدة، ويبقى العون على قدر استطاعة الإنسان، إذ يمكن أن يكون بمساعدة طفل طبياً، أو في مسكن أسرة متهالك، أو طالب علم، وغيرها الكثير من الأوجه الخيرية ذات التأثير الكبير والإيجابي. ويشدد جريبيع على أن العمل التطوعي والخيري لا يقتصر على أن يكون مساعدة آنية وسريعة، إنما هو إحدى صور المجتمع المتكاتف المتعاضد، الذي يتسم بالأخلاقيات الحميدة والأسس التربوية السليمة التي تقوم عليها المجتمعات. لذلك، يبين الخبير والمدرب التربوي الدكتور عايش النوايسة، أن تعاملنا ونظرتنا لشهر رمضان هي نظرة آنية في بعض الأحيان، وللأسف، الجميع قد يتعمد تغيير سلوكياته وصفاته في هذه الفترة، وبالتالي نجد منها تزاحماً في أعمال الخير، وكأن باقي السنة لا تحتاج إلى هذه النهج الخيري الفطري. وبالتالي، يرى النوايسة أننا نحتاج لتفكير ونظرة شمولية لفهمنا للدين والقيم والعادات، وأن العمل التطوعي ذو ديمومة واستمرارية ولا يرتبط بشهر رمضان فقط، وإنما هو شهر يمتاز بأنه فترة صيام وقيام، لذلك الأصل فينا أن يكون التبرع والمشاركة في الأعمال الخيرية مستمرين طيلة العام، وألا يرتبطا برمضان فقط. ويتابع النوايسة “هناك رديف لحملات “إفطار صائم” يمكن أن تستمر طيلة العام، كأن يكون هناك “غداء فقير، عشاء فقير، كما في مصطلح غفار صائم” على سبيل المثال، إذ إن المحتاجين متواجدون طيلة العام، وبيوتهم تنتظر من يطرقها للمساعدة، وهناك عائلات تنام وأطفالها جوعى في الكثير من الأيام، لذا، يجب البحث عنهم وإن وجدناهم في رمضان الأصل أن نستمر في مساعدتهم حتى ما بعد رمضان وألا نقطع عنهم المساعدة والدعم. وينوه النوايسة إلى أننا نحتاج إلى إعادة بناء ثقافتنا التي تستند إلى التكافل والتعاون، وأن يكون لدينا نظرة شمولية لسلوكياتنا الأخلاقية المرتبطة بالدين، وهذا يتطلب منا على المستوى التربوي نشر الأفكار الإيجابية في هذا الجانب من خلال المدارس والمناهج والتعلم بالتعليم. ويؤكد النوايسة أهمية أن يكون هناك مبادرات سنوية وليست فقط في رمضان، وأن يكون في المنهاج فكر للعمل التطوعي، مطالباً بتخصيص حصص الأنشطة المعتمدة في وزارة التربية والتعليم إلى أنشطة تضم أفكارا تطوعية وخيرية. ويضيف “من الأفضل أن نستغل مواقع التواصل الاجتماعي لبث هذه الأفكار التوعوية في هذا الجانب، ونحتاج إلى رسالة شاملة عديدة المصادر، من البيت والمدرسة والإعلام والمسجد والخطب التوعوية، وبالتالي تتحول هذه الرسالة إلى سلوك مجتمعي وأخلاقي، وأن يستمر عملنا على مدار العام”. “والقضية الأهم، نحتاج إلى إعادة توجيه العمل التطوعي المؤسسي من خلال الجمعيات والمؤسسات المعنية بالأعمال الخيرية على مدار العام وأن يكون هناك قاعدة بيانات حقيقية توصلنا للأشخاص ذوي الحاجة الفعلية للمساعدة”، على حد تعبير النوايسة، والعمل الجماعي يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع للوصول إلى الفكرة الأساسية من التبرع والتطوع في كل وقت وآن. اقرأ المزيد: اضافة اعلان