صفقة بالأفق بقضايا فساد نتنياهو

نتنياهو  -(أرشيفية)
نتنياهو -(أرشيفية)

هآرتس
غيدي فايس
14/1/2022

المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، قال في السنتين الأخيرتين عددا لا يحصى من المرات، بحماس وقناعة داخلية عميقة، إن ملفات الآلاف يجب أن تتم مناقشتها في المحكمة. المستشار القانوني أوضح أنه بعد أن اتهمه بنيامين نتنياهو ومنظومة إنفاذ القانون بحياكة قضية والقيام بثورة ضد النظام، يجب التحقيق بصورة جذرية للوصول الى الحقيقة والحسم في الملفات من دون اختصارات أو صفقات بشتى الأنواع. أيضا نتنياهو أكد للأشخاص المقربين منه أنه سيذهب حتى النهاية، "وليسقط على سيفه". وإذا حدث أسوأ ما يمكن، قال لهم، فسيكتب كتابا بين جدران السجن.اضافة اعلان
على الرغم من هذه الأقوال إلا أنه في الأشهر الأخيرة جرت خمسة لقاءات سرية فيها ناقش الطرفان عقد تسوية بينهما. المحادثات بدأت بمبادرة من محامي نتنياهو بوعز بنتسور، الذي اعتقد أن هذا مسارا يجب على موكله أن يفحصه. محامي رئيس الحكومة السابق هو ذكي بما فيه الكفاية ليفهم أن الإعلان عن انهيار الملفات لا يبشر بالضرورة بسقوط السماء. وقد شرح لموكله وضعه القانوني وعرض عليه كل السيناريوهات المحتملة ومن بينها الأكثر سوءا. بنتسور أيضا فهم أن ساعة التوقيت تدق، وأن صفقة كهذه يمكن كما يبدو أن تنضج فقط حتى نهاية ولاية مندلبليت في بداية الشهر المقبل.
فقط أربعة من أعضاء وزارة العدل كانوا مطلعين على هذا الأمر وشاركوا في اللقاءات، المستشار نفسه والنائب العام للدولة عميت آيسمان ورئيسة طاقم الادعاء ليئات بن آري ومساعد المستشار للشؤون الجنائية حاغي هاروش. المدعون العامون الذين يمثلون ثلاثة أيام في الأسبوع في المحكمة المركزية في القدس لم يعرفوا ماذا يطبخ في هذه الأثناء من وراء الكواليس. أيضا عدد ممن يحملون سر نتنياهو لم يتم اطلاعهم على التطورات الصاخبة. حتى مؤخرا، عشية كشف الصحفي بن كسبيت بشأن المحادثات السرية، صمموا على أن نتنياهو يخطط لعودته الى رئاسة الحكومة ولا ينوي رفع الراية البيضاء. "هو لن يسمح لهم بأن يوسموه بالعار"، قال للصحيفة في الأسبوع الماضي سياسي مقرب منه.
مندلبليت في الواقع يصمم على أنه لم يقم بإجراء مفاوضات مع بنتسور، بل فقط محادثات تمهيدية لمفاوضات محتملة. ولكن فعليا تم في هذه المحادثات رسم الخطوط العريضة الممكنة للصفقة. إدانة نتنياهو بجرائم احتيال وخرق للثقة في ملفات 4000 و1000 كانت هي العقبة السهلة. أساس الصعوبة ينبع من العقوبة: في وزارة العدل يصممون على العار الذي سيلحق به فورا وعلى السجن الفعلي، الذي سيقضيه نتنياهو في أعمال خدمة. المتهم (نتنياهو) حتى كتابة هذه السطور، يجد صعوبة في التسليم بهذين الشرطين اللذين سيلطخانه ويبعدانه لسبع سنوات عن الحياة العامة. وفقط إذا لانت معارضته فسيكون بالإمكان التقدم.
صيغة درعي
أول من أمس التقى نتنياهو مع آريه درعي لإجراء محادثة شخصية في الكنيست. بعد ذلك بث للأشخاص الذين تحدثوا معه رسالة واضحة: فقط صفقة مثل الصفقة التي وقع عليها درعي. سهلة مثل ريشة بحيث تمكنه من البقاء على الدولاب السياسي، مثل هذه الصفقة فقط هي التي يمكن أن يفكر بها من ناحيته. لا يمكن معرفة هل الأمر يتعلق بتعزية للنفس أو بنقطة بداية متصلبة، لكن مصادر في وزارة العدل أكدت أن رئيس الحكومة السابق لم يعط حتى الآن ضوءا أخضر للمفاوضات. إذا قام بإعطاء هذا الضوء في الأسبوع المقبل، كما قلنا هو بعيد من هناك، سيبدأ صراع شديد لا يقل عن ذلك حول بنود لائحة الاتهام المعدلة. النيابة العامة ستسعى الى الوصول الى لائحة اتهام تشبه بقدر الإمكان تلك التي قدمتها للمحكمة، في حين أن محامي المتهم سيريدون تخفيف المشاهد المجرمة مثل "لقاء الأرائك" مع شاهد الدولة شلومو فلبر، وتقليص عدد علب السيجار وزجاجات الشمبانيا التي حصل عليها الزوجان نتنياهو، وتقليص وضع تضارب المصالح الذي كان نتنياهو فيه. لن يسارع أحد الى التنازل: نتنياهو سيرغب في عرض نفسه بأنه اعترف بجرائم خفيفة وهامشية، في حين أن النيابة ترغب في أن تثبت للجمهور بأنه خلف دخان ملفات الآلاف كانت هناك نار.
إذا سلم نتنياهو بوداع الحياة السياسية ووصمة العار فإن التهمة ضده في ملف 2000 سيتم حفظها. هذه عملية متوقعة بالتأكيد بعد أن اختار مندلبليت بدعم من آيسمان أن يعرض في لائحة الاتهام صيغة مخففة للقضية، رغم الدلائل على وجود مفاوضات حول صفقة رشوة بين رئيس الحكومة السابق وناشر "يديعوت احرونوت"، نوني موزيس. إغلاق الملف ضد نتنياهو من غير المتوقع أن يؤدي الى إغلاق الملف ضد موزيس. ناشر "يديعوت" يدير مؤخرا بواسطة محاميه مفاوضات مع النيابة العامة حول صفقة خاصة به، التي قطعت حتى الآن شوطا كبيرا. أحد الاقتراحات المحتملة التي يتم فحصها من قبل الطرفين هو أن يعترف موزيس بعرض رشوة على نتنياهو، التي مضمونها الممنوع المنسوب له يخفف (على سبيل المثال سيقال إنه لم يكن ينوي أبدا تنفيذ وعده، وإنه قام بخداع رئيس الحكومة)، وإنه سيحكم عليه بالسجن تسعة أشهر فعلية، التي سيتم استبدالها بأعمال خدمة. فعليا، شاؤول وايريس الوفيتش هما المتهمان الوحيدان في ملفات الآلاف اللذان لا يريدان أن يخسرا.
يصعب التقدير إذا كانت ستوقع حقا في الأسابيع القريبة المقبلة صفقة مع نتنياهو. بث الطرفان أول من أمس تشاؤما، لكن اللاعبين الرئيسيين بدأوا يغيرون الاتجاه. مندلبليت الذي أقسم باسم الحكم القضائي في ملفات نتنياهو يشرح الآن لرجاله الأهمية الكبيرة الكامنة في اعتراف من وصف نفسه بـ"درايفوس"، بجرائم جنائية وتركه للمنظومة السياسية. يبدو أن تطلع المستشار لإبعاد نتنياهو من مراكز القوة يقوده الى تنازلات بعيدة المدى، حول جريمة الرشوة في ملف 4000 وبشأن دور نتنياهو في ملف 2000. رئيس الحكومة السابق الذي وعد مؤيديه بعدم التنازل حتى يتم تبدد هذه الملفات وتصبح غبارا، يظهر فجأة مرونة يمكن أن تحوله رسميا الى مجرم للمرة الأولى في حياته.
إذا لم تخرج هذه الصفقة الى حيز التنفيذ في الأسابيع القريبة المقبلة فمن الممكن أن تسمع في المحكمة المركزية في القدس شهادات دراماتيكية، شهادة شاهد الملك شلومو فلبر وبعده شهادة هداس كلاين، وربما هذه هي الشاهدة الأكثر فتكا من ناحية نتنياهو، التي ستشرح كيف أقام ارنون ملتشن وجيمس باكر مشروعا للامتيازات لصالح رئيس الحكومة السابق وأبناء عائلته. محكمة الآلاف التي بدأت بتكاسل تسارعت في الأشهر الأخيرة، بحيث إنه حتى في غياب تسوية فإنه الآن أو في موعد لاحق لن يكون بعيدا اليوم الذي فيه سنعرف هل نتنياهو مذنب أم بريء. هذه احتمالية جديرة ومعقولة أفضل بكثير من صفقة بين الطرفين.