عندما نتوقف عن التفكير.. ماذا يحدث في الدماغ؟

أسيل محارمة وجانب من لوحاتها- (من المصدر)
أسيل محارمة وجانب من لوحاتها- (من المصدر)
عمان- نحن دائما نفكر ولا نستطيع التوقف عن التفكير. تظهر الأبحاث لنا أنها حالة مليئة بالأحداث المدهشة، ويمكن أن يرتبط مدى نجاحها أو لا بمجموعة واسعة من الأمراض العقلية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياة الشخص. بحسب ما نشر موقع “Psychology Today”. تمت صياغة مصطلح “شبكة الوضع الافتراضي”Dmn في العام 2011 من قبل عالم الأعصاب ماركوس رايتشل، لأنه يصف نظامًا يتم تشغيله عندما لا يحدث شيء آخر. إنه الافتراضي في غياب أي شيء آخر. بعبارة أخرى، فإن شبكة الوضع الافتراضي تعمل عندما لا يركز الشخص على ما يدور من حوله في الوقت الحاضر، وهي مخصصة لأحلام اليقظة والإبداع، للتخيل والتركيز على الذات وما يمكن أن نطلق عليه “السفر الذهني عبر الزمن” وللتخطيط والتذكر. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن شبكة الوضع الافتراضي تشارك أيضًا في دمج المعلومات الخارجية مع المعلومات الداخلية (على سبيل المثال معتقدات المرء وعواطفه ومعرفته السابقة) من أجل فهم الأحداث التي تحدث في العالم الخارجي.

الهدف من شبكة الوضع الافتراضي DMN

يمتلك الدماغ نظامًا رئيسيًا يجعلنا مستعدين لنكون اجتماعيين في لحظات فراغنا. تعد شبكة DMN جزءًا رئيسيًا من هذا النظام، حيث نخلق من خلاله روايات عن العالم وكيف تلائمنا جميعًا وتتناسب معه. فنحن كبشر نجعل كل ما نراه ملائمًا لقصة شخص ما وما يفكر فيه. الإدراك الاجتماعي هو حرفياً الحالة الافتراضية للدماغ. حتى التجارب الخاصة بك ولو كانت بسيطة لها دور أيضا. إذا رأيت وجهًا لشخص ما، فربما لا يمكنك منع نفسك من استنتاج ما يعنيه تعبيره أو عما يفكر فيه ويشعر به على الأرجح وربما لا تستنتج تلقائيًا الحالات العاطفية له. شبكة الوضع الافتراضي تكون متأصلة غريزيا فينا منذ الولادة تتطور في الدماغ طوال فترة الطفولة والمراهقة من أجل فهم عالمنا البشري اجتماعيًا بشكل مختلف عن كيفية فهمنا للعالم. وجد أن شبكة DMN حساسة لكيفية فهمنا للعالم اجتماعيًا. تم إجراء تجربة حيث طلب من المشاركين الاستماع إلى قصة قصيرة وتم استخدام ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس استجابة دماغهم في الوقت نفسه. قبل الاستماع إلى القصة، تم تقديم قصة واحدة من سياقين مختلفين لكل مشترك من أجل رؤية كيفية تفسيرهم لسلوك الشخصيات في القصة. لوحظ أن استجابة القشرة السمعية (منطقة في الدماغ تعالج الصوت) كانت متشابهة، بغض النظر عن كيفية تفسير المشاركين للقصة. هذا منطقي، لأن المدخلات السمعية كانت متطابقة تمامًا. لكن، لم يكن هذا الحال مع شبكة DMN. الطريقة التي فسر بها المشاركون القصة المشاعر والمعتقدات والنوايا التي ينسبونها إلى الشخصيات حيث شكلت استجابة لشبكة DMN. شبكة الـ DMN مثل خطوط القطار، حيث تربط بين المناطق الدماغ والتي تشمل قشرة الفص الجبهي الإنسي والقشرة الحزامية الخلفية والتلفيف الزاوي. عندما تعمل شبكة DMN بشكل صحيح، فإن السفر على هذا الخط يجعل من الممكن للدماغ معالجة ودمج المعلومات بين العالم الخارجي وداخل العقل، من أجل المساعدة في فهم العالم. ولكن إذا لم تعمل شبكة DMN ولم تكن متصلة بشكل جيد بما فيه الكفاية، فيمكننا أن نتخيل أن المشاكل ستنشأ في شبكة DMN، يمكن أن يرتبط نقص نشاطها بمرض الزهايمر أو مرض باركنسون أو اضطراب طيف التوحد. قد تنشأ الصعوبات أيضا من النشاط المفرط لشبكة DMN مثل: الاكتئاب والقلق والوحدة والفصام. من الصعب تحديد ما إذا كان عدم تنظيم DMN يتسبب في الأمراض العقلية أو ينتج عنها أو يرتبط به بناءً على البحث الذي تم إجراؤه حتى الآن، ولكن العلاقة واضحة. هناك أيضًا تدخلات سلوكية ودوائية يمكن أن تساعد DMN في تقليل التنظيم وإعادة التنظيم. تم العثور مرارًا وتكرارًا على أن التأمل يقلل من نشاط تنظيم DMN ليس فقط أثناء التأمل ولكن أيضًا خارج الممارسة. البحث في مجال مخدر هرمون السيروتونين واعد أيضا، حيث تتم دراسة سيلوسيبين في التجارب السريرية لإمكانية استخدامه في إعادة ضبط بعض حالات الصحة العقلية الشديدة، مثل الاكتئاب الذي لم يستجب لمثبطات السيروتونين التقليدية أو العلاج المضاد للاكتئاب. قد تغير العلاجات استجابة DMN، وتتلاعب بها من أجل علاج هذه الأمراض المنهكة. تقوم شبكة DMN بتوصيل البشر ليكونوا اجتماعيين. نحن نخطط للمستقبل، ونفكر في الماضي. نحن نتخيل ما يفكر فيه الآخرون، ونفكر فيما يفكرون فيه. عندما تعمل شبكة DMN، فإنها تدمج المعلومات من أفكارنا ومشاعرنا وكذلك مع العالم الخارجي، لمحاولة فهم كل ذلك. عندما لا تعمل بشكل صحيح، يمكن أن نضيع في الأفكار أو لا نتواصل معهم. كما حصل أخيرًا على الاهتمام الذي يستحقه لدوره المهم في صحتنا العقلية. ترجمة: حلا محمود مصطفى اقرأ المزيد: اضافة اعلان