غزة: قنبلة "إسرائيلية" تُفقد فلسطينيا فمه وأحلامه

خان يونس- تزداد معاناة الجريح الفلسطيني هيثم أبو سَبَلة، يوما بعد يوم، بسبب مضاعفات إصابته بقنبلة غاز في فمه، أطلقتها قوات الجيش الإسرائيلي قبل نحو 4 أعوام. أبو سَبَلة (28 عاما) من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، عانى من جروح بليغة، بعد إصابة فمه بقنبلة غاز إسرائيلية بشكل مباشر، واستقرت فيه، خلال مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار الحدودية، في يونيو/ حزيران 2018. وانطلقت مسيرات العودة السلمية، في 30 مارس/ آذار 2018، قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة، واستمرت لمدة تجاوزت 21 شهرا، تعرضت خلالها لقمع الجيش الإسرائيلي ما أسفر عن إصابة واستشهاد عشرات الفلسطينيين. حياة الشاب الفلسطيني، الذي كان يطمح آنذاك لتحسين أوضاعه الاقتصادية وتطوير أعماله في مهنة "كهرباء المنازل"، تغيرت، ولم تعد كما كانت. ** لحظة الإصابة ما زالت لحظة الإصابة قبل 4 أعوام تراود ذهن أبو سَبَلة، كأنها حدثت بالأمس. وفور إصابته انتشرت صورة لأبو سَبَلة، ودخان القنبلة الأبيض يخرج من أنفه وفمه، بعد اختراقها وجهه، واستقرارها هناك. وقال للأناضول: "كانت أياما صعبة جدا، وما زالت هذه المعاناة تزداد في ظل عدم حصولي على العلاج اللازم للشفاء". ** مضاعفات الإصابة وبفعل الإصابة، يعاني الشاب أبو سَبَلة من تهشم في "عظم الفك العلوي، مع فقدان أكثر من ثلثي أسنانه، بالإضافة إلى وجود ثقب في سقف الحلق، وجرح خارجي". وأضاف: "كانت إصابتي خطيرة، وكنت أقرب إلى الموت، كما عانيت كثيرا خلال رحلتي في العلاج". وخضع لعملية جراحية "لزراعة عظم للفك العلوي والفم في الأردن"، لكنها وفق قوله "لم يكتب لها النجاح". وتكبّد الشاب الفلسطيني، الذي يعاني من تردي أوضاعه الاقتصادية، نفقات التنقل والسكن والمعيشة، خلال رحلته للعلاج. وتعوق هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، سفر أبو سبلة لإجراء عملية جراحية جديدة، لزراعة عظم الفم والأسنان، وإغلاق الثقب في سقف حلقه. وقال إن تكاليف إجراء العملية الجديدة في الأردن، تكفّلت بها منظمة أطباء بلا حدود ـ فرنسا، فيما يُفرض عليه تحمّل أعباء تكاليف التنقل والسكن. وأضاف: "غياب مصدر الدخل، وحالة الفقر، وعدم توفر التكاليف، تعوق السفر إلى الأردن لاستكمال العلاج". وأوضح أنه أيضا بحاجة إلى عمليات تجميلية في الوجه، بعد أن تشوّه بشكل كبير، جراء الإصابة بقنبلة الغاز. من جانب آخر، يشير إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنعه، منذ نحو 14 شهرا، من الانتقال إلى مدينة القدس، لتلقي العلاج في أحد المستشفيات العاملة هناك، والتي تقدم خدماتها الطبية للفلسطينيين. وأكمل: "كنت أحتاج إلى إجراء تنظيفات في الفك بعد فشل العملية التي خضعت لها في الأردن، إلا أن إسرائيل منعت خروجي وما زالت تفعل ذلك، دون إبداء الأسباب". ** حرمته من الحياة داخل منزله المتهالك المسقوف بألواح الصفيح، يحاول الشاب أبو سَبَلة التأقلم مع ظروف حياته الجديدة التي خلفتها الإصابة. هذه الإصابة حرمت الشاب أبو سبلة من تفاصيل صغيرة في الحياة، لم يكن يلقي لها بالا، وبات يتمناها اليوم. وتابع: "حرمتني الإصابة من تناول الكثير من أصناف المأكولات، فيجب أن تكون الأطعمة لينة، من أجل تسهيل عملية المضغ دون أن تؤذي الفم". كما أفقدت هذه الإصابة أبو سَبَلة عمله في مهنة "كهرباء المنازل"، حيث لم يعد يتحمّل العمل لأوقات طويلة، أو رفع أي معدات أو أدوات ثقيلة. وأردف: "العمل في الكهرباء يسبب لي حالة من الإغماء والإجهاد، فضلا عن إصابتي بالضغط المزمن، والجيوب الأنفية، بالتالي لم أعد أعمل في المهنة". وبات أبو سَبَلة عاطلا عن العمل، يقضي معظم أوقاته داخل المنزل، بعد أن كان يتقاضى أجرا يصل إلى 31 دولارا يوميا، في مهنته. وبعد شهر تقريبا، وفي ظل هذه الظروف الصحية والاقتصادية، يعتزم أبو سبلة إقامة حفل زفافه، الذي طالما حلم به. ويقول إن الحياة بعد "الزواج والمسؤوليات الحياتية الجديدة في ظل فقدان العمل" قد تكون أصعب. وختم الشاب الفلسطيني حديثه متسائلا: "لا أعلم كيف سأكمل حياتي في هذا الوضع الذي تسبب به الاحتلال؟".-(الاناضول)اضافة اعلان