"فاتن أمل حربي" دراما تفتح النار على قانون الأحوال الشخصية المصري

مشهد من المسلسل- (أرشيفية)
مشهد من المسلسل- (أرشيفية)
منى أبوحمور عمان- من جديد تثير الدراما المصرية الجدل حول قانون الأحوال الشخصية من خلال تتبع أحداث مسلسل “فاتن أمل حربي”، الذي يتناول قضية النساء المطلقات، وما يتعرضن له بعد الانفصال. المسلسل الذي تقوم ببطولته الفنانة نيللي كريم، ويعرض على القنوات الفضائية خلال شهر رمضان، أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد عرض حلقاته الأولى، حيث يستعرض بصورة درامية واقعية مشاكل نساء مصريات وجدن أنفسهن “فاتن أمل حربي”، من خلال هذا العمل الدرامي، وهو ما أوجد حالة كبيرة من التعاطف والإقبال على المسلسل. ما تتعرض له المرأة بعد الطلاق بقضايا الولاية التعليمية للأطفال في حالة الطلاق، وحضانة الأم للأبناء في حال زواجها مرة أخرى، وغيرها من الأحداث الشائكة التي طرحها المسلسل، أحدث جدلاً واسعا في الشارع المصري لتعديل بنود قانون الأحوال الشخصية الخاصة بالمطلقات. في أحداث درامية واقعية، عرضت تفاصيل حياة الكثير من النساء المصريات، بظهور فاتن أمل حربي بشخصية بسيطة، تكرر ذات الملابس طوال الحلقات، ناهيك عن تجاعيد بشرتها وشحوبها، إلى جانب علامات التعب والقلق في وجهها. طرحت قصة “فاتن أمل حربي” من قلب البيئة المصرية البسيطة والشعبية التي كانت واضحة من خلال طريقة حياة البطلة، وتصاميم البيوت القديمة المتهالكة وجدران المنازل المتآكلة والأثاث القديم، وأرضيات من البلاط القديم بعيدا، جعل شخصية فاتن تمثل حال الكثير من المطلقات أو المتزوجات اللواتي يبقين على زواجهن، رغم الإهانات من أجل الأطفال أو بسبب عدم وجود دخل أو سكن خاص بالزوجة. يفتح المسلسل الباب على مصراعيه أمام قانون الأحوال الشخصية، من خلال عرض ملفات قضايا المرأة المصرية، وخلق من جديد حالة من الجدل الكبير حيث كشف النقاب عن جملة من المشاكل التي تعانيها المرأة المصرية بعد الطلاق التي تفقد وبحسب قانون الأحوال الشخصية المصري، حقها في حضانة أطفالها بمجرد الزواج مجدداً. قضية أخرى أثارها المسلسل تتعلق بتعنت كثير من الفنادق المصرية مع النساء المصريات دون سن الأربعين، فلا يسمح لهن بحجز إقامة إلا في حال وجود محرم. هذه القضية التي أثارها “فاتن أمل حربي” دفعت المجلس القومي للمرأة لإصدار بيان عبر موقعها الرسمي أكدت من خلاله عدم وجود تعليمات أو قرارات للفنادق والمنشآت السياحية بعدم السماح للسيدات المصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي تقل أعمارهن عن (40 عاماً) بالإقامة بها دون “محرم”. وأشار المجلس في بيانه، إلى أنه “من حق أي سيدة أو فتاة الإقامة في الفنادق وأنه ليس هناك قانون يمنع ذلك”، وأن ما يحدث لا يتخطى كونه عرفا، فأصبح ملزما أكثر من القانون. ومن أبرز القضايا التي يناقشها المسلسل في حلقاته الأولى قضية الولاية التعليمية للأبناء المحصورة بيد الأب بحسب القانون دون شقاق أو انفصال بين الأزواج، ولا يمكن للأم أن تخطو أي خطوة في دراسة الأبناء دون موافقة الأب. تزامنا مع عرض الحلقة الرابعة، التي عرضت مشكلة الولاية التعليمية بعد تهديد الأب بتغيير مدارس بناته إلى مدارس حكومية، أصدر المجلس القومي للمرأة بيانا من خلال صفحته الرسمية أوضح فيه انتقال الولاية بعد انقضاء العلاقة الزوجية للحاضن دون الحاجة إلى حكم قضائي. وأكد المجلس القومي للمرأة أن “المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008 تضمنت أن التعليم حق لجميع الأطفال بمدارس الدولة بالمجان وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى يرفع أي من ذوي الشأن الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمور الوقتية ليصدر قراره بأمر على عريضة”، بحسب نص البيان. وأضاف المجلس أن الكتاب الدوري رقم 29 لسنة 2017 لوزارة التربية والتعليم، حدد أنّ “في حالة انقضاء العلاقة الزوجية تكون الولاية التعليمية للحاضن دون حاجة لصدور حكم قضائي بذلك”. من جديد تفتح الأعمال الدرامية المصرية النار على الكثير من القضايا الشائكة في القوانين وتتمكن من خلال عرضها إحداث تغيير حقيقي نابع من قصص واقعية عرضها أبطال هذه العمل. “فاتن أمل حربي” ليس العمل الدرامي الأول أو الأخير الذي يتناول حقوق المرأة، ويكشف النقاب عن الانتهاكات التي تتعرض لها النساء أثناء المطالبة بحقوقهن، بسبب قانون الأحوال الشخصية حيث سبقها فيلم “أريد حلا” الذي عرض في العام 1975، والذي قدم قصة واقعية تحدث في بيوت كثيرة في المجتمع المصري، ساهم في التأثير على الرأي العام بصورة كبيرة، وعمل على تغيير القوانين التي تخص بيت الطاعة، وعمل أيضا على إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية وقانون الخلع. فيلم “آسفة أرفض الطلاق” من إنتاج العام 1980، ناقش القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، وتناول قضية حق الزوج بتطليق زوجته غيابيا. وبعد عرض الفيلم، ساهم بمساعدة بعض الجمعيات النسائية في إلغاء بعض القوانين المتعلقة بحق الطاعة، وجعله بأمر القاضي. فيلم 678 من إنتاج العام 2010، تناول ظاهرة التحرش في طبقات المجتمع المختلفة من خلال 3 قصص لنساء مختلفة، وكان السبب في تفعيل قانون التحرش، والحكم على المتحرش بعقوبة تصل إلى 3 سنوات. ومن جديد يكشف مسلسل فاتن أمل حربي، الدور الكبير الذي تقوم به الدراما في تسليط الضوء على العديد من القضايا المجتمعية والقوانين التي ما تزال تقيد حياة الكثيرين وسلطة الدراما التي تدخل جميع البيوت دون استئذان في التغيير. هذا ما أكدته المخرجة الأردنية غادة سابا من خلال صفحتها الرسمية عبر موقع إنستعرام، لافتة إلى أن التغيير الحقيقي لن يأتي إلا إذا كان الإعلام والدراما شريكا رئيسيا. وشكرت من خلال منشورها كل من ساهم في تناول قضايا غيبتها الأعمال الفنية لسنوات طويلة، ولكل من استطاع من خلال عمل درامي أو سينمائي ألا يقبل بالنمطية والتخلف وتشويه الحقائق وتزييف الواقع. فاتن، واحدة من مئات النساء في العالم العربي اللواتي ما تزال قضاياهن منظورة في المحاكم رافضات الاستسلام، متمسكات في الحصول على حقوقهن وحقوق أبنائهن ويبقى السؤال، هل ستنجح الدراما في تحقيق تغييرات عجزت عنها حكومات ومجالس برلمانية؟ اقرأ المزيد: اضافة اعلان