فرص واعدة

الفرص الواعدة المتاحة كثيرة وعلينا أن نعمل على تحقيقها ونحاسب المقصرين ونشعل الشموع بدل لعن الظلام. برغم الأزمة الاقتصادية المعقدة التي نعيشها داخلياً، يبدو أن الظروف الموضوعية الإقليمية تسير نحو بعض الانفراج في بعض الملفات المهمة للأردن (العراق وسورية) ونحو التعقيد في ملفات أخرى مهمة للأردن كذلك (فلسطين وعملية السلام ومكافحة التطرف والإرهاب). وقد يُساهم هذا الانفراج، في حال وصوله إلى نهاياته الموضوعية، في تخفيف وطأة الإجراءات الاقتصادية الداخلية إذا ما تم التصرف بحصافة ورويّة سياسية تضع مصالح الأردن وشعبه الطيب الصبور قبل أي اعتبار آخر. ويرتكز هذا على قدرة الحكومة على تحويل النوافذ التي يفتحها جلالة الملك إلى فرص قابلة للتحقيق. العمق الاقتصادي الاستراتيجي للأردن يتمحور حول فرص بناء علاقات أكثر تميزاً مع شركاء الأردن الاقتصاديين الإقليميين مثل الكويت (أكبر مستثمر عربي في الأردن) والسعودية والإمارات والعراق وسورية وفلسطين ومصر والدوليين مثل الولايات المتحدة (أكبر داعم اقتصادي للأردن) وفرنسا (أكبر مستثمر أجنبي بالأردن) وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والصين واليابان. الفرص الأخرى مع قطر وأفريقيا الناهضة لا تقل أهمية وتتطلب مزيدا من الجهد لخلق فرص تصديرية لهذه الأسواق الواعدة. الفرص الأكثر أهمية مع الجيران تكمن بأهمية فتح أبواب التبادل التجاري مع العراق وسورية لإنعاش الحركة التجارية التصديرية إليهما ومن خلالهما. وهذا يتطلب إعادة النظر في العلاقات مع إيران التي تؤثر في القرار العراقي والسوري إلى حد لا يُمكن تجاهله إطلاقاً على الرغم من التوازنات الاقليمية التي تدخل في حسابات الأردن في هذا المضمار. القدرة على إحداث التوازن بين مصالحنا ومصالح الشركاء تتطلب تفهما وفهما متبادلين وليس إملاءات لا تخلو من الغلو غير العقلاني وغير المنطقي أحياناً. الفرص اللازمة لتحفيز الاقتصاد تتطلب تحويل العلاقات السياسية مع الشركاء جميعاً، ومع الصين تحديدا، إلى سكك لنقل الاستثمارات الصينية في قطاع البنية التحتية إلى الأردن وبأسرع وقت ممكن من خلال أنظمة التصميم والبناء والتشغيل والإعادة للأردن (DBOT). في ظل تراجع الإنفاق الرأسمالي، وعدم وجود جدوى للاقتراض بسعر فائدة مرتفع من السوق العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة المحلية مما يشجع الادخار على حساب الاستثمار، ومزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على الاقتراض المحلي بسعر فائدة يجعل الاقتراض لقطاع الأعمال مرتفع الكلفة مقارنة بالعائد المتوقع في ظل الركود الراهن، و5 % تضخم متوقع عام 2019، و 18 % بطالة (تصل 28 % بين الإناث)، لا يمكن الركون إلى محاولات متواضعة في جذب الاستثمارات الصينية تحديداً للأردن. لدينا مشلكة متابعة عميقة من قبل المعنيين وفي المواقع كافة وينبغي أن نغير من الرؤية والطرق والأدوات لنتمكن من تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى مثل سكة الحديد الرمثا – العقبة وربطها بسورية والعراق والسعودية ومصر، يكفي أعذار لتبرير التقصير. ويكفي اختلاق مشاكل ومعيقات بدل البحث عن حلول لها. ليس مقبولاً أن يزور المغطس نحو 100 ألف زائر فقط في العام 2017! ينبغي أن يصل إلى مليون حاج مسيحي غير السائحين الآخرين. وليس مقبولاً أن يصبح امتلاك منزل متواضع لعائلة أردنية مستحيلا بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات ونبقى غير قادرين على بناء مدن سكنية جديدة على أراضي الخزينة تحرك الاقتصاد الآن وتخفف عن كاهل الناس لاحقاً وتمكنهم من امتلاك منزل. وليس مقبولاً أن يصل سعر إنتاج كيلواط الكهرباء قرشا وسبعة فلسات، ولم نبدأ بتحلية مياه البحر ونقلها للمدن الأخرى بأسعار معقولة وبلا خسائر لوزارة المياه حتى الآن، وليس مقبولاً أن لا نستغل انخفاض كلفة إنتاج الطاقة المتجددة لبناء مدن صناعية للمواد الأولية في الجنوب الغائر بفقره وحرمانه. علينا أن نحاسب المقصرين والمتعذرين بكل شيء إلا أن يقولوا أنجزنا المهمة. هكذا نخرج من ثقل عام 2018 وندخل ما بعده محاولين السير للأمام ونحن ننظر للأمام بأمل وليس للخلف بحسرة. وإن شاء الله خيرا. * رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجيةاضافة اعلان