في العشر الأواخر.. طلبة يشترون بمصروفهم طرود الخير لتوزع على المحتاجين

في العشر الأواخر.. طلبة يشترون بمصروفهم طرود الخير لتوزع على المحتاجين
في العشر الأواخر.. طلبة يشترون بمصروفهم طرود الخير لتوزع على المحتاجين
منى أبوحمور عمان- منذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك، والمبادرات الإنسانية لا تتوقف ومستمرة برسم البسمة على وجوه أتعبتها الحاجة والعوز وسد حاجة محتاج شعر بأيادي العطاء تمتد حوله لتربت على كتفيه وتقول له "لا تحزن نحن معك". وفي العشر الأواخر من الشهر الكريم، تضاعف حجم المبادرات، لتكشف حجم الإحساس بالمسؤولية لدى عدد من طلاب المدارس تجاه العائلات الفقيرة والمحتاجة، ليظهر حبهم للآخرين، عبر جمع مصروفهم اليومي ومنحه لمن يحتاجه ويستحقه. في مدينة السلط، وبمبادرة فردية، فكر طلاب الصف العاشر في مدرسة هبة الله في طريقة لمساعدة الأسر المحتاجة في العشر الأواخر من شهر رمضان، تجسيدا لروح التكافل الاجتماعي وأهمية الصدقة في هذا الوقت. الحديث المستمر عن عظمة وأجر الصدقة الكبير في الحياة، دفع الطالب أحمد عبدالله أبوهزيم من الصف العاشر للتفكير برفقة زملائه بمبادرة يتمكنون من خلالها من مساعدة الأسر المحتاجة والفقيرة. وفي مبادرة هي الأولى من نوعها في المدرسة، قرر أبو هزيم، بالتعاون مع زميليه في الصف، مؤمن وليد خليفات ومحمد عودة الفاعوري، أن يطلقوا مبادرة تعتمد على جمع مصروفهم المدرسي خلال شهر رمضان وشراء طرود خير للأسر الفقيرة. انطلقت هذه المبادرة، بحسب أحمد أبو هزيم، الناطق باسم المبادرة من الصف العاشر، لتعمم بعد على ذلك على جميع طلاب المدرسة الذين تشجعوا كثيرا للمبادرة وبادروا للتبرع بمصروفهم، فضلا عن الهيئات التدريسية التي دعمت المبادرة وساندتها. وبحسب أبو هزيم، استمر وزملاؤه بالمبادرة بجمع التبرعات لمدة 14 يوما ومن ثم قام بشراء الطرود، ومن خلال عمل منظم، استعانوا بأستاذ التربية الإسلامية الذي بدوره رافقهم في توزيع المساعدات وساعدهم على الوصول إلى عائلات محتاجة. ويقول أبو هزيم "نحن كمنظمين شعرنا بمسؤولية وبأننا كبرنا ومن المهم أن يكون لنا بصمتنا.. وكنا في غاية السعادة"، فقد منحتهم المبادرة الإحساس بالآخرين وأصبحوا أكثر تفكيرا بحاجات غيرهم ومستلزماتهم الأساسية لعيش كريم. اللافت للنظر، وفق أبو هزيم، حماس طلبة الصفوف الصغيرة على التبرع وتقديم المساعدة لتحضير أكبر عدد ممكن من طرود الخير. ويتوجه أبو هزيم مخاطبا الطلاب بأماكنهم وأعمارهم كافة، قائلا "فكروا بمن هم لا يملكون ما تملكون ويعيشون حياة صعبة"، واصفا الفرحة الكبيرة التي رآها على وجوه تلك الأسر التي استقبلتهم بحفاوة وشكرتهم على تلك الطرود. المشاعر العظيمة التي شعر بها أبو هزيم دفعتهم للتفكير بمبادرة أخرى تحت عنوان "كسوة عيد" يجمع من خلالها هو ورفاقه تبرعات لشراء ملابس العيد للأسر العفيفة لرسم البسمة على وجوه الأطفال الفقراء والأيتام. في المدرسة ذاتها، انطلقت طالبات الصف العاشر بمبادرة جديدة هي الأولى من نوعها قمن من خلالها بجمع تبرعات لبناء بئر سقيا ماء عنها في إحدى المناطق الفقيرة لتبقى صدقة جارية عنها خلال شهر رمضان. فكرت كندا الحديدي طالبة الصف العاشر ومنظمة المبادرة، منذ بداية الشهر الفضيل، بشيء جماعي تؤجر عليه هي وزميلاتها، فكانت فكرة بئر الماء مميزة وتعد صدقة جارية. ردود فعل إيجابية من قبل الأهالي والهيئات التدريسية شجعت الحديدي وزميلاتها في الصف العاشر على الاستمرار بهذه المبادرة، وهو ما حثهن على التمسك أكثر بعملهن التطوعي. ورغم استغراب الكثيرين لفكرة بناء البئر، بحسب الحديدي، إلا أنهن كن يبحثن عن فكرة مميزة وفي الوقت ذاته يكون أثرها كبيرا والحاجة لها مستمرة فكانت فكرة "سقيا الماء". اختصاصي أصول الفقه وعلوم القرآن الدكتور أحمد أبوحمور والمشرف على مبادرات الطلاب الخيرية في شهر رمضان المبارك، يشيد بالدور الطلابي المسؤول تجاه الفقراء من جهة، والحرص على تقديم الصدقة لعظمتها من جهة أخرى. ويبين أبوحمور أن هذا الجيل من الشباب توجهه فطرته، لافتا إلى أن الأصل بالمشرفين التربويين والمعلمين البحث عن بقعة الضوء في دواخل هؤلاء الشباب. ويرى أبوحمور ضرورة تثقيف الطلبة في أمور دينهم، وكيف يكون الطالب فعالا في مجتمعه ومشاركا وإيجابيا لتغيير النظرة السلبية عن هذا الجيل الذي نمطه المجتمع بكثير من الأوصاف. الحديث عن الصدقة خلال شهر رمضان يأتي باعتبارها جبرا للخواطر في الدنيا، وتقي الإنسان من السوء وتبقى حارسا تحميه في الدنيا وتعوضه في الآخرة، بحسب أبو حمور، مشيرا إلى عظمتها وأجرها الكبير في الحياة والآخرة. ويشيد أبو حمور بالمبادرات الفردية للطلاب التي يعتبرها بذرة خير تحتاج لأن تسقى دائما، لذلك فإننا بحاجة إلى مربين وموجهين لقيادة حياة هؤلاء الطلبة بشكل إيجابي، لافتا إلى أن المدرسة والأسرة رافدان حقيقيان لهؤلاء الشباب. الاختصاصي التربوي الدكتور عايش النوايسة، يؤكد أهمية الجانب التربوي في عمليات التعلم والتعليم، وضرورة أن يعي الطالب الأمور التي تنعكس على حياته وسلوكه وثقافته وعلاقاته وتفاعله الاجتماعي. إعداد الطلبة من أجل الحياة والتعليم، بحسب النوايسة، يعني إشراكهم في الواقع نفسه فيما يتعلق بالقيم والسلوك والحس الاجتماعي وجبر الخواطر والقيم والعادات والتقاليد المجتمعية والإسلامية. ووفق النوايسة، "لا يمكن زرع القيم في سلوك الأطفال نظريا من دون أن يطبق ذلك في حياتهم"، حيث إن الجانب العملي هو الأكثر ديمومة وتأثيرا في الشخصية وثباتا فيها، فضلا عن الاستفادة بالجوانب النفسية والانفعالية والعاطفية، وهذا يبين أهمية الدور التربوي في تعزيز هذه القيم وتنمية الحس المجتمعي لدى الطلاب والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. والجانب الآخر الذي من المهم تعلمه هو القيمة الاقتصادية للمال وعدم الإسراف والتبذير وجعل مساعدة الآخرين أولوية. اقرأ المزيد: اضافة اعلان