في عيد الاستقلال.. فعاليات مدرسية ترسم الفرح والفخر بعيون الطلبة

001
001

منى أبوحمور

عمان- "يعيش جلالة الملك المعظم، يحيا الأردن، كيف المعنوية عالية عالية نار بتقدح في الميدان أبو حسين نور العين عاش عاش أبو حسين سريع الخطوة (الله) سريعا"، كلمات يرددها الطفل بحر حازم (5 أعوام) في أرجاء المنزل كافة، في محاولة لحفظ كلماتها، استعدادا للمشاركة في احتفالات مدرسته بمناسبة عيد الاستقلال السادس والسبعين.اضافة اعلان
وبحماس وعزيمة كبيرين، يرتب بحر بدلته العسكرية والبورية وبارودته، منذ أكثر من خمسة أيام منتظرا ارتداءها يوم الاستقلال، احتفالا بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوب الأردنيين.
الحماس الكبير الذي أشعلته المدرسة في قلب الصغير بحر وأصدقائه المشاركين باحتفالات المدرسة في عيد الاستقلال، ولأول مرة، تسلل الى منازلهم، إذ أصبح جميع أفراد الأسرة يرددون هذه الكلمات وبشكل يومي، وفق والدة بحر.
ليس بحر وحده من استعد واهتم بالاحتفالات الوطنية هذا الأسبوع، فقد بدأت غالبية المدارس منذ أسبوع تحضيراتها للاحتفال بهذا اليوم الوطني المميز، معززة من خلال الفقرات التي يشارك بها الطلبة قيم الولاء والانتماء والفخر بما حققه الأردنيون منذ الاستقلال، بحسب معلمة الموسيقا غادة كلوب.
وبدور نشمية أردنية ربت أبناءها على حب الوطن ونذرت أبناءها فداء للوطن، فقضوا شهداء على ترابها، تشارك ليلى خالد في الصف العاشر بمسرحية وطنية في يوم الاستقلال في الاحتفالية التي نظمتها مدرستها.
تقول ليلى "دوري في المسرحية مؤثر جدا وشعرت نفسي أنني أم حقيقية استشهد ولدها.. وقرأت المزيد عن يوم الاستقلال، وتعرفت إلى قصص الأبطال الأردنيين وتحمست للمشاركة بهذا اليوم المميز الذي آمنت أن أكون جزءا منه".
فعاليات كثيرة ومتميزة تقيمها مدارس وزارة التربية والتعليم بقطاعيها الحكومي والخاص، احتفالا بعيد الاستقلال السادس والسبعين، بعد انقطاع عامين عن التعليم الوجاهي، الأمر الذي لاقى إقبالا كبيرا من قبل الطلبة وأولياء الأمور للمشاركة في الاحتفالات الوطنية.
وكعادتها، تحضر أم أحمد وهي أم لأربعة أطفال في المرحلة الأساسية "دلات القهوة العربية السادة"، لترسلها إلى مدرسة أبنائها في يوم الاستقلال، فضلا عن "صرر الملبس والحلويات"، ليتسنى لأبنائها توزيعها على زملائهم والمعلمين.
أما في الطابور الصباحي، فتصدح الإذاعات المدرسية بالأغاني الوطنية والهتافات التي تحيي في نفوس المتقاعدين العسكرين ممن يسمعهم، وأولياء الأمور في منازلهم، ذكرى هذا اليوم الوطني، الى جانب مشاعر الفرح والفخر بهذا الإنجاز الوطني، التي تنتاب الطلبة المشاركين بهذه الفعاليات.
مشاركة الأبناء في الاحتفالات والمناسبات الوطنية من الأمور المهمة التي يجب أن يلتفت لها المربون، بحسب الاستشاري الأسري مفيد سرحان، سواء أكانت هذه الاحتفالات في المدارس أو المؤسسات القريبة من أماكن السكن.
ويعزو أهمية هذه المشاركة لكونها تشعر الطفل بالعزة، وهو يستمع إلى إنجازات وطنه، وأيضا وجود أعداد كبيرة من هذه المناسبات يعد من عناصر التحفيز وزيادة الدافعية للعمل، فنحن نركز على العمل والإنجاز، لأن الوطن يقاس بحجم الإنجازات ويكون بتوضيح ما يتبادر إلى ذهن الأبناء حول المعلومات أو الصور أو الخرائط والحرص على إيصال المعلومة، والتأكد من معرفتهم بالمعلومات الأساسية عن الوطن؛ كمعرفة حدود وطنه وآثاره، وأهم كنوزه.
المستشارة التربوية الدكتورة بشرى عربيات، تلفت إلى الدور الكبير والمهم للأسرة والمدرسة في ترسيخ مفاهيم الاستقلال، في الوقت الذي يقضي فيه طلاب هذا الجيل وقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية.
وتلفت بشرى إلى الدور الكبير الذي يقع على عاتق المدرسة في تعزيز مفهوم الاستقلال وتاريخ الأردن في كثير من النشاطات التي يمكن إقامتها، كالإذاعة المدرسية والنشيد الوطني.
وتضيف "تسهم الاحتفالات الوطنية التي تقوم بها المدرسة خلال المناسبات الوطنية، وتدريب الطلاب على أداء القصائد الوطنية والمشاركة في المسرحيات التي تجسد تاريخ الأردن، في تعزيز المخزون المعرفي لدى الطلاب بتاريخ بلادهم وأهمية الاستقلال بالنسبة للدولة".
ويقول سرحان "الاهتمام بالمناسبات الوطنية وشرح معانيها ودلالاتها للأبناء والمشاركة في المتاح منها وتربية الأبناء على حب الآخرين، ونشر الألفة والبعد عن الإساءة للأشخاص والمؤسسات، تعد من مسؤوليات نشر ثقافة الحوار والالتزام بمنهج الوسطية والاعتدال".
ومن جهة أخرى، تلقي عربيات مسؤولية أخرى على عاتق الأسرة في تعزيز هذه المفاهيم من خلال إجراء قنوات حوار مع الأبناء، وبيان مدى أهمية الاستقلال بالنسبة للأردن وللشعب وأهم منجزات الوطن من تاريخ الاستقلال حتى اليوم.
اطلاع الأبناء على التغيرات الكبيرة التي حدثت في تاريخ الأردن ونهضته من بعد الاستقلال في جميع المجالات، يبين للأبناء، وفق عربيات، أهمية هذه المناسبة الوطنية ويشعرهم بمزيد من الفخر والانتماء للوطن.
ويشير الاستشاري سرحان، إلى أن حب الوطن والاعتزاز بالانتماء اليه فطرة غريزية متأصلة في نفس الإنسان، وهي بحاجة إلى رعاية واهتمام وتوجيه حتى تبقى قوية في جميع المراحل العمرية، وفي جميع الظروف، وحب الوطن حاجة للإنسان كما هو حاجة للوطن أيضا، والحب هنا ليس شعارات ترفع أو كلمات تقال في المناسبات، فحب الوطن يجب أن يكون مفهوما عمليا واقعيا ومترجما على أرض الواقع سلوكا وفعلا في ظروف الشدة كما في ظروف الرخاء، كما في ظروف الشدة لا تحكمه مصلحة مادية أو منفعة شخصية، بل دافعه الشعور بالواجب ومصلحة الوطن.
ويبين أن غرس حب الوطن وتعميق الانتماء مسؤولية جماعية تشترك فيها الأسرة والمدرسة والجامعة والإعلام والمجتمع والمؤسسات الرسمية والأهلية، وهي عملية مستمرة لا تتوقف، والأسرة لها دور كبير في تحقيق ذلك لأنها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وصلاحها صلاح للمجتمع.
يبدأ غرس مفهوم الانتماء، بحسب سرحان، من انتماء الشخص لأسرته ومحافظته عليها وأدائه لواجباته تجاه أفرادها، فكلما كان هذا الانتماء قويا وكانت الأسرة متماسكة كان أكثر إدراكا لأهمية الوطن وقيمته، لأن الأسرة جزء رئيس من الوطن، وهي المظلة التي يستظل بها أفرادها.
وتبدأ مسؤولية الأسرة، وفق سرحان، بتربية الأبناء على التمسك بالقيم الأصيلة والمحافظة عليها وأن يكون الآباء قدورة حسنة للأبناء في ذلك، لأن حب الوطن قيمة وهي من أهم القيم، ودور الأبوين يكمن في تعريف الأبناء بتاريخ الوطن ونشأته ودوره القومي والإسلامي، وهذا مصدر فخر واعتزاز.
ويضيف "والحديث عما تم إنجازه عبر الأعوام السابقة من إنجازات متراكمة، وهذا يعني الاهتمام بالتراث والتعريف بجذور الأسرة والعائلة، لأنها جزء من الوطن، وكذلك الاهتمام بالموروث الثقافي والاطلاع عليه والحرص على زيارة الآثار، وأن تحرص الأسرة على توفير المعلومات عن تاريخ الوطن وجغرافيته وأهم ما يتميز به، ونبذة عن الزراعة والصناعة فيه حتى يطلع عليها الأبناء لقراءتها، ومما يعمق الانتماء تربية الأبناء على احترامها والالتزام بها في جميع المجالات، واحترام المعلم والمحافظة على المدرسة جزء أصيل من تربية الجيل، وكذلك على الأماكن العامة".
ويؤكد سرحان أن السلوك والأخلاق عنوان تقدم الشعوب، وتشترك بها الأسرة، والقدوة الحسنة، وعلى الوالدين توضيح أهم وسائل التربية وتوجيه الأبناء وحثهم على المشاركة في الأعمال التطوعية، ما يشعر الإنسان بحاجات الآخرين ويجعله أكثر قربا منهم وأكثر التصاقا بالمجتمع والوطن ليصبح أكثر حفاظا على مكتسبات الوطن.