كلثوم الجبور توفر حياة كريمة لأطفالها بمطبخها الإنتاجي الصغير

منى أبوحمور عمان- تصف الخمسينية كلثوم الجبور بغصة؛ الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي واجهتها هي وأطفالها الأربعة بعد وفاة زوجها، حيث صراع الثبات والصبر والمقاومة، لتستطيع تخطي عقبات الحياة وصعوباتها المعيشية. ثلاث سنوات مضت على وفاة زوج كلثوم بعد صراع مع المرض الذي أودى بحياته، وقلب حياتها رأسا على عقب بعد أن تعثرت ماليا، وتراكمت عليها الديون والقروض بسبب التكاليف المرتفعة في المشافي الخاصة. لم تجد مكانا دافئا يضمها وأطفالها الأربعة بعد أن سرق المرض منهم والدهم حتى قبل أن يفهموا ما يعنيه الموت وما يحمله اليتم، فأصبح الوجع وجعين، وطريقهم كله تحديات، لكن كلثوم واجهتها بقوة إيمانها وحبها لأبنائها وعزيمتها على أن القادم ربما يكون أجمل. الحياة الكريمة ولقمة العيش هو ما كانت تسعى له كلثوم بعد أن تراكمت عليها الديون وضاق الحال عليها وعلى أبنائها حتى تعرفت إلى كارلا هارون، “وهي ناشطة اجتماعية ومؤسسة مبادرات إنسانية” التي لم تتوان عن دعم كلثوم والوقوف إلى جانبها وتشجيعها لتحضير أطباق شعبية وبيعها حتى ولو بتكاليف بسيطة. بدأت كلثوم تحضير أطباق شعبية بمكونات غذائية متوازنة، رغم عدم توفر المال إلا أنها توجهت لمحلات البقالة لشراء المواد التموينية الخاصة بإعداد المأكولات، والذين سمحوا لها بأخذ كل ما تحتاجه دون أن تدفع مباشرة والسداد بعد بيع أطباقها. تقول “كان المفتول واللزاقيات سبيلي الوحيد حتى أسند عائلتي من دون حاجة لأن ألجأ للآخرين”. وجدت كلثوم نفسها معيلة لأربعة أطفال صغار، وأصبحت الأم والأب “السند والظهر لهم”، استطاعت أن تقوي نفسها بدعم من أهلها وأخواتها ومعارفها الذين زادوا من عزيمتها وشجعوها على أن تخطو أولى خطوات النجاح. الخوف من الفشل والتورط أكثر في الديون هو ما كان يقلقها، لكن أملها الكبير بالله وإصرارها على تأمين حياة كريمة لأبنائها جعلها تخطو أول خطوة في مشروعها المنزلي. انطلقت كلثوم بمجموعة من قوالب الكيك المنزلية البسيطة والأكلات الشعبية كالمفتول، الشيشبرك واللزاقيات التي تهافت عليها الناس، إلا أن ردة فعل متذوقي الأطباق لم تكن متوقعة ورفعت معنوياتها وبلحظة تلاشى الخوف، وبدأ الأمل والطموح يقودانها نحو الأفضل. حاولت كلثوم من خلال أطباقها أن تقدم المذاق البيتي البسيط بعيدا عن إضافة أي نكهات تغير من الطعم الأصلي وهو ما زاد الإقبال على منتوجاتها، فضلا عن إتقانها للزاقيات وهي الحلوى الشعبية المعروفة، وكذلك إعداد وجبة “الكرشات والفوارغ”. وإلى جانب الأطباق الشعبية، تبدع كلثوم في صناعة أقراص الكعك والسبانخ والمعجنات بحشواتها المختلفة والكبة والعديد من أنواع السلطات، وهي حريصة في كل مرة على أن تكون أطباقها ذات قيمة غذائية متوازنة وتحتوي على كافة العناصر الغذائية المهمة. وتقول كلثوم “الدعم والمساعدة اساسا من كارلا فلم تقصر معي كأم أرملة ولدي 4 ابناء، حيث تيسر الحال”. أصبحت كلثوم تقرأ كتبا في فنون الطهي وتثقف نفسها في التغذية الصحية وأمن وسلامة الغذاء وكانت باستمرار تحاول الدخول إلى اليوتيوب، كلما توفر الإنترنت لتعلم الوصفات الجديدة الغربية والشرقية وتطبيقها. في مطبخ البيت تحضر كلثوم أطباقها الشعبية بمعدات بسيطة وقديمة وهو من أكبر التحديات التي تواجهها في مشروعها، فغياب دعم مادي لتأمين كافة احتياجات المطبخ من معدات ومواد تموينية كانت عائقا كبيرا، إلا أنها تسلحت بالصمود والصبر حتى تتجاوز الألم والحزن. وفي كل مرة كانت ترفع كلثوم معنويات أبنائها وتقول لهم “إلى ما إله أب إله رب”، متمنية تحقيق حلمها بمطبخ إنتاجي وتملك المواد التموينية الكافية حتى يتطور مشروعها وتتمكن من تربية أبنائها وتوفير احتياجاتهم الاساسية، ويصبحوا أفضل حالا من دون أن يحتاجوا أحد. وما تأمل به كلثوم أن تحصل على منحة لإنشاء مشرعها الإنتاجي وتحقق حلمها. مبادرة كارلا، حملت الأثر الكبير في حياة كلثوم، حيث قدمت لها الدعم من خلال شراء أطباقها وتوزيعها على الاسر المحتاجة، خصوصا في شهر رمضان المبارك، وفي تزويد ثلاجات الخير التي توزعها في كافة محافظات المملكة. حلم كلثوم أن ترى أبناءها متعلمين، فقد علمت أبناءها أنه لايوجد شيء مستحيل وأن الصدمات يجب أن تجعلنا أقوى والإقدام والاستمرار في الحياة وعدم الوقوف عند أي عقبة تواجههم كعائلة. تضيف، “أولادي سندي في البيت ودائما يقدمون لي الدعم والمساندة”. تسعى كلثوم خلال الأيام القادمة أن توفر خدمة توصيل حتى تتمكن من إيصال الطعام بيسر وسهولة وحتى لا يتعرض الطعام للتلف بسبب التأخير. ففي كثير من الأحيان كانت تحضر أطباقا وفي النهاية يتعرض صاحب الطلب لظرف ولا يتمكن من المجيء، وبالتالي يبقى الطبق في المنزل، وهذا الأمر يعرضها للإحراج، خصوصا وأنها لن تتمكن من بيع الطبق وسداد الدين المتراكم في السوبر ماركت. تبين كلثوم أن الثبات والإصرار هو الطريق الوحيد للنجاح، “أملي بالله كبير”. وكل ما تريده في هذه الدنيا نجاح أبنائها وتوفير حياة كريمة لهم. حصلت على دورة انجليزي في الأكاديمية الأمريكية، متمنية أن تحصل على دورات تتلعق بإدارة المشاريع والمطابخ الإنتاج وصنع أنواع جديدة من الحلويات، حتى تتمكن من تطوير مشروعها وتحسينه. وتوجه كلثوم رسالة لكل سيدة بأن تبقى صامدة وأن تتحلى بالعزيمة والصبر وألا تستسلم أمام الصعاب والتحديات وأن تجعل من الصعاب جسرا لتحقق آمالها وطموحاتها، فالإرادة والتصميم وصفة النجاح. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان