كيف يصقل الأهل مهارات أبنائهم وينمّون إبداعاتهم؟

أم تعلم ابنتها ما يساعد على تطوير مستواها التعليمي وصقل مهاراتها - (ارشيفية)
أم تعلم ابنتها ما يساعد على تطوير مستواها التعليمي وصقل مهاراتها - (ارشيفية)

منى أبو صبح

عمان - حرصت الثلاثينية والدة الطفل “جاد” على تعزيز ثقته بذاته منذ الصغر، فقد أكمل هذا العام العشرة أعوام، لكن من يستمع لكلامه أو يراقب سلوكياته عن قرب يعتقد بأنه أكبر من عمره الحالي.اضافة اعلان
أم “جاد” سعت منذ ولادة طفلها على الاهتمام به كسائر الأمهات،  لكنها حرصت على تعليمه العديد من السلوكيات والمهارات التي اكسبته هذه الثقة، منها الحوار الدائم بينهما، متابعة اهتماماته في الرسم والتقليد وإبداء الإعجاب بما يؤديه.
وأيضا، مكافأته على تحصيله الدراسي المميز، إيكال مهام وواجبات له في المنزل.. انخراطه في أعمال تطوعية.. وغيرها من الأسباب التي ساهمت في تكوين شخصيته الجميلة، والتي تلفت انتباه من حوله.
“جاد” وأطفال آخرون وجدوا من يهتم بهم ويبني شخصياتهم ويصقلها بالاتجاه الصحيح، وهناك العديد من الأهل يطمحون بأن يكون أبناؤهم هكذا.. لكنهم يفشلون في تحقيقه، ولا يعلم الأب أو الأم أنهم الأساس في تكوين شخصية ولدهم، أو طمسها وإهمالها لتصبح شخصية ضعيفة.. وأحيانا يتحول هذا الضعف لرهاب اجتماعي يعاني منه الابن عندما يكبر.
يشير اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة إلى أن بناء شخصية الطفل يتوقف على الأسرة والبيئة الاجتماعية من حوله، وعلى القيم التي يمكن أن يكسبها.
يقول: “الطفل يولد كصفحة بيضاء، يولد على الفطرة ويبدأ يكتسب من الأسرة، والأسرة كنماذج الأب والأم هم الذين يكونون ويشكلون صور الطفل بالعقل الباطن من خلال ما يراه ويشاهده فهو لا يدرك في بداياته، ولذلك يخزن هذه الصور في العقل الباطن كصور يراها، وفي المستقبل تظهر عليه كسلوك”.
ويشير الى ان على الأسرة أن تبدأ منذ ان يأتي الطفل بإعداد وبناء شخصيته، وهذا يتطلب منها أن تكون نماذج ايجابية مدركة لتكوين شخصية الطفل حتى ينشأ تنشئة صحيحة، ويحتسب قيما صحيحة ويكون شخصية قادرة على التكيف والمرونة وعلى التعامل مع المستقبل في ظل المستجدات والمتغيرات والمشكلات الحياتية.
ولبناء شخصية قادرة على التعامل والتفاعل الاجتماعي قادرة على النجاح لا بد من أن نهيئ له جوا مناسبا للمراحل النمائية المختلفة، 3 سنوات مراحل تهيؤ وتكوين الشخصية؛ يجب أن يتهيأ لهذه الحالة النمائية الحب والحنان والابتعاد عن الصراخ والضرب والعنف.
ويذهب الى ان الابتسامة الدائمة بوجه الطفل، الحديث بلطف معه، الاستجابة له وتدريبه على السلوكيات الصحيحة من خلال لغة الجسد، يعرف ما عليه فعله وما عليه الامتناع عنه، اعطاؤه مساحة للتأمل والاكتشاف وتوسيع مداركه واحترام اقتراحاته.. وهكذا يجب أن يكوّن شخصيته ويملك مهارات وسلوكيات تعزز ثقته بنفسه.
الثقة بالنفس هيأت شخصية الطالب محمود الداوود في الصف العاشر ليصبح مدربا في أحد المراكز التدريبية في عمان، عندما انضم قبل خمسة أعوام للعديد من الدورات التي صقلت شخصيته وأكسبتها تميزا فريدا.
يقول محمود: “انتسبت لأكاديمية الهمة الدولية بدورات عدة، منها كيف تحفظ بسرعة، فرسان الهمة، تدريب المدربين... دورات متتالية جعلتني أتعامل مع من حولي كأخ ومدرب وقائد.. أطبق ما تعلمته في البيت، الشارع، المدرسة.. أي مكان أتواجد فيه”.
يضيف محمود، أتحدث لزملائي وأصدقائي دائما عما تعلمته وأقوم به في المركز، وأتقبل الانتقاد من المعلمين وزملائي، فأنا أستفيد من ذلك ويزيدني معرفة في الحياة.
 وزادت ثقتي بنفسي عندما قامت الأكاديمية باختياري “كمدرب” نناقش ونطرح مواضيع مختلفة بحسب الدورة المقررة، يتخللها العصف الذهني، دراسة الحالة، قصة لأي متدرب حسب فهمه ويكمل شرحه لها.. لعب الأدوار (التمثيل) النقاش ضمن مجموعات، عمل دراما اجتماعية، وهكذا..
وعن دور الأسرة في تنمية الثقة بالنفس لدى الأبناء تشاركنا الخبيرة التربوية مدربة الدماغ د. خولة يوسف حسنين برأيها: “الثقة بالنفس تعني رضا الفرد عن نفسه وإيمانه بإمكاناته ومقدرته على تحقيق أهدافه، فمن صفات الفرد الواثق بنفسه أنه يتمتع بالاستقلالية ويتحمل المسؤولية ويفتخر بإنجازاته، ويمتلك المقدرة على التأثير في الآخرين”.
تشير، وللأسرة دور كبير في تنمية وتعزيز الثقة بالنفس لدى الابن من خلال تقبله بما هو عليه بغض النظر عما فيه من أمور خَلقية لا يرغب بها الوالدان كالإعاقة أو خلل أو عيب خَلقي في المظهر  ليس له يد فيه ولا مجال لتغييره.
وتضيف ينبغي مساعدته على تقبل نفسه والتصالح معها ودعمه والتركيز على نقاط القوة لديه. وإن كانت هناك نقاط ضعف يمكن تحسينها عليهم مساعدته وتدريبه على تطويرها والتغلب عليها؛ وحتى يكون الابن واثقاً من نفسه وسعيداً في حياته معتزاً بما لديه من مقدرات على الأسرة منحه حباً غير مشروط مرتبطا بقيامه بأعمال محددة كالتفوق في المدرسة مثلاً، وتجنب مقارنته بغيره بل مقارنته بنفسه ومدى تقدمه وتحسنه في سلوكه وأدائه.
كما ينبغي مخاطبة الابن بصيغة وعبارات إيجابية والتركيز على صفاته الإيجابية ومدحه بطريقة صادقة غير مبالغ فيها وفق حسنين، وتشجيعه عند القيام بتصرفات مقبولة وتوجيه كلمات التحفيز والتعزيز، ومحاولة التغاضي عن التصرفات التي لا ترضي الأبوين إن كان لا ضرر أو خطر منها، بمعنى التركيز على السلوك الإيجابي ومكافأته لتعزيزه وضمان واستمراراه، وتجاهل السلوك السلبي غير الخطير بحيث يقل أو يختفي عند الابن إن لم يتم التركيز عليه.
وتنصح، لتنمية الثقة بالنفس لدى الابن يجب معاملته باهتمام واحترام والحوار معه والاستماع له كشخص مهم وعدم السخرية من أفكاره أو تصرفاته أو نقده بطريقة سلبية خاصة أمام الآخرين الأمر الذي يؤدي إلى استهانته بنفسه ونقص تقديره لذاته وعزلته.
تؤكد، ومن المهم احترام حقوقه وخصوصياته واستشارته وإعطائه خيارات في أمور تخصه، ووضع حدود وضوابط داخل البيت بحيث يتم التعامل مع الأبناء بعدل واعتدال بلا دلال زائد أو قسوة شديدة، باختصار على الوالدين تذكر أن الأبناء أمانة وضعها الله تعالى بين يديهم وأن تربيتهم تربية صالحة هي مسؤوليتهم فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.