مسرحية "أدرينالين".. حين يفتك سرطان العنف المجتمعي بجسد المرأة

جانب من المسرحية- (من المصدر)
جانب من المسرحية- (من المصدر)

سوسن مكحل

عمان- في مساحة لا تتعدى 3*3 متر مربع، عرضت الفنانة أسماء مصطفى، العمل المسرحي المونودرامي "أدرينالين" على المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي بعمان، لمدة ثلاثة أيام، نهضت به بهموم المرأة ورفض المجتمع لكينونتها من نواح عدة، من بينها سرطان الثدي.

اضافة اعلان

وناقشت المسرحية التي كتبتها وأخرجتها الممثلة أسماء مواضيع مختلفة في محاولة لاستئصال سرطانات مجتمعية كثيرة منها؛ الاحتلال، قمع النساء، التطرف، العنف، عبر حكاية امرأة مصابة بمرض السرطان.

وتبدأ الممثلة العرض المسرحي برقصة "البوتو" التعبيرية في مساحة ضيقة لا تتعدى الثلاثة أمتار مربعة، لا تخرج منها طوال العرض المسرحي، في دلالة على الحدود التي يرسمها المجتمع للمرأة المريضة بالسرطان.

تنطلق الممثلة إلى حكاية المرأة التي يخبرها الطبيب بوجود ورم سرطاني خبيث، وعليها أن تستأصله للنجاة بالحياة، لتروي الممثلة خلال 45 دقيقة معاناة المرأة مع ذكرياتها منذ مرحلة الطفولة، وصولا إلى المرض، فتستذكر قمع المجتمع لبراءة الطفلة في داخلها، وثم زواجها وطموحها الذي قتل مع زوج قرر تفجير نفسه بعد سنوات طويلة بهدف ديني متطرف.

تنقلت الممثلة خلال العرض بين الكوميديا والتراجيديا، واستطاعت بأداء متمكن التنقل بين تقمص الشخصيات معتمدة على حرية وحركة جسدها فوق الخشبة وفي مساحة ضيقة طوعتها لخدمة العرض.

وعبرت أسماء، خلال العرض، عن معاناة المرأة من حزن وخوف ومرض، ومحاولات متكررة للانتحار، وناقشت مواضيع التهجير القسري للفلسطينيين من قبل الاحتلال وأملهم بالعودة.

استخدمت الفنانة، خلال رحلة علاج المرأة، الذكريات وقمع المجتمع للمرأة مراحل عديدة عبر رقصات ومشاهد تعبيرية أغنت العمل المسرحي للوصول إلى الفكرة.

ومن خلال رحلة العلاج تستعيد البطلة ذكرياتها، وما مرت به من معضلات منذ مراهقتها وتهجيرها من وطنها إلى وطن آخر، إلى جانب رحلة وذكريات ابنها بحر الذي ابتلعه البحر نتيجة الهجرات غير الشرعية.

تقول أسماء عن العرض "اخترت أدرينالين، وهو هرمون يفرز في جسم الإنسان ويسمى بهرمون الكآبة والحزن والخوف واليأس وأيضا هو هرمون السعادة، يفرز لمساعدة الجسم على التوازن وهو دلالة معنوية ودلالية ورمزية وفكرية في العمل، فالشخصية كانت بحاجة ماسة ومهمة لهذا الهرمون، ليساعدها على مقاومة ما مرت به من حزن وكآبة وخوف ويأس ورغبة في الانتحار، بدأ من جلوسها أمام الطبيب وتلقي خبر إصابتها بسرطان الثدي".

تحاول المخرجة والممثلة طوال العرض أن تصرخ أمام المجتمع، وتقول؛ إن سرطانات المجتمع أشد فتكا بالمرأة من سرطان الجسد، وإن ما يقتل المرأة هو الظلم لكيانها وشخصيتها وطموحها والعنف ضدها.

واختتمت المخرجة العرض برقصة صوفية، وظلت تدور حول نفسها في البقعة ذاتها، قبل أن تتقوقع على نفسها وتعود كطفل صغير في رحم الأم والحياة.

انطلقت أسماء بعرضها المسرحي العديد من العواصم العربية منذ العام 2018 وشاركت في مهرجانات مسرحية مثل: قرطاج ومراكش والمدينة والقاهرة، قبل أن تعود لتقدمه مجدداً في عمان.

وحصل العرض المسرحي على جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل في مهرجان تيرو الفني (لبنان)، وأفضل ثيمة مسرحية بمهرحان أربيل الدولي للمسرح، وأفضل إخراج بمهرجان القاهرة الدولي للمونودراما، وأفضل ممثلة في مهرجان البصرة الدولي للمونودراما.

مسرحية "أدرينالين".. حين يفتك سرطان العنف المجتمعي بجسد المرأة