"مع وقف التنفيذ".. حينما تلتقي قسوة الواقع مع رغبة الانتقام

ملصق مسلسل "مع وقف التنفيذ"- (ارشيفية)
ملصق مسلسل "مع وقف التنفيذ"- (ارشيفية)
رشا كناكرية عمان- استطاع مسلسل "مع وقف التنفيذ" أن يحجز مساحة جيدة في قائمة المسلسلات الدرامية لشهر الرمضان الحالي، مؤكدا بذلك عودة الدراما السورية إلى الساحة الفنية وبقوة بعد غياب طال انتظاره. في الموسم الرمضاني، اعتادت الدراما السورية أن تطرح قضايا وأفكارا تلامس المواطن العربي بواقعيتها وإبداعها وإن اختلفت الأوطان ولكن الهم واحد. وجاء "مع وقف التنفيذ" لينقل قسوة الواقع الذي يعيشه الشعب السوري بعد الحرب وما خلفته من أضرار وأوجاع ليس فقط في أرضها وعمرانها بل داخل قلب كل سوري فقد خلالها شخصا ومكانا وذكريات جميلة، لتخلق منهم أشخاصا آخرين ولربما شخصيات مختلفة عمن كانوا يطمحون ويسعون له. "دراما سوداء" هذا ما أطلقه البعض على مسلسل "مع وقف التنفيذ" الذي يسيطر الشر على شخصياته في قصة مليئة بالتشويق، أبطالها سكان "حارة العطارين" العائدون إليها بعد سنوات من الحرب؛ حيث يواجه سكانها مختلف التحديات والأزمات المتتالية سواء أخلاقية أو نفسية أو اجتماعية، وتأخذ كل شخصية خطا دراميا مختلفا يجسد الواقع. المسلسل يعد دراما اجتماعية واقعية، وهو من كتابة علي وجيه ويامن حجلي، وإخراج سيف الدين السبيعي. وتحكي القصة حكايات خمس شخصيات رئيسية تتداخل ظروفها وقصصها. شخصية "حليم" صحفي معارض للنظام الذي قضى سنوات من عمره معتقلا في السجون بعيدا عن أسرته، ما قاده للفشل في حياته العائلية، ويعاني في علاقته مع والده الذي يلعب دوره الفنان غسان مسعود، وتكاد تكون هذه الشخصية الأقرب للمشاهد فهي الأقل شراً مقارنة بالباقين. أما شخصية "فوزان" فيؤدي فيها الفنان "عباس النوري" دور الإنسان الوصولي الذي يزوج ابنتيه ويطلقهما من أجل المال. أما الفنانة سلاف فواخرجي فتجسد شخصية "جنان" وهي نائب في البرلمان تتميز بسحرها وجمالها الذي تخفي خلفه إنسانة قادرة ومخيفة ووصولية تفعل أي شيء لتصل لما تريد. وتأتي شخصية عزام الانتقامية التي يلعب دورها الفنان "يامن حجلي" الضابط العسكري المسرّح؛ حيث يسعى للانتقام من القناص الذي قتل ابنه وزوجته أثناء الحرب، وليخطئ هو بعدها ويدفن ابنه الحي ليكتمل بؤسه. لهذا يكون الانتقام هو همه الوحيد، وفي هذه الشخصية تم تسليط الضوء على الأمراض النفسية التي خلفتها الحرب على الشعب السوري وعن الألم الذي أخذ حيزا كبيرا في أيامهم. و"عتاب أو درة" ابنة العائلة الفقيرة التي تحولت لفنانة قوية ومسيطرة، فتؤديها شخصيتها الفنانة "صفاء سلطان"؛ حيث الأغنية التي قدمتها وهي "الخاروف" تصدرت التريند، وجاءت بمشاركة سهير صالح، وهي من كلمات أدهم مرشد وألحان طاهر ماملي وتوزيع أنس نقشي. الأداء المتميز لنخبة الفنانين السوريين المشاركين في العمل إلى جانب الحبكة المتينة للقصة هو ما صنع نجاح هذا المسلسل، فمع كل حلقة يرى المشاهد ترابط الشخصيات يتضح أكثر، وتتصاعد الصراعات من دون أن يقل الحماس لدى المشاهد إلى جانب التنقل بسلاسة في الحكايات بين الماضي والحاضر، ما أضاف لمسة زمنية مشوقة للمسلسل. والأمر اللافت في العمل، عبارات الأدب السوري التي تفتتح معها الحلقات، فعند التأمل بها يتضح أنها مقولات تصلح لكل زمان ومكان، إضافة إلى "تتر" البداية المؤثر بكلمات تلامس القلب، وهو من كتابة بحر لاوديسا وألحان طاهر مامللي. وفي النهاية، ينقل كاتب العمل في حلقات "مع وقف التنفيذ" الواقع المرير والحياة الصعبة، ويبقى الأمل هو القشة التي يتمسك بها الشعب السوري ليستمر في الحياة بكل ما فيها.اضافة اعلان