من سرق النفط السوري؟ ومن يجرؤ على اتهام اللص؟

figuur-i
figuur-i

تقرير إخباري - (أحوال تركية) 20/9/2020

دمشق وباريس - وسط صمت من الحكومة والمعارضة على حدّ سواء، تزداد الأزمة المعيشية سوءاً لدى فئات الشعب السوري كافة داخل بلاده بعد ما يُقارب 10 سنوات من الحرب والدمار.اضافة اعلان
ودرج من يُسمّون أنفسهم اليوم المعارضة "الشريفة"، القابعون في أوروبا وبعض الدول العربية، على قول إنها مناطق "النظام السوري"، في لهجة تبرير سخيفة، حتى عندما يتعلق الأمر بوباء كورونا، مُتناسين أن من يعيشون هناك اليوم مغلوبون على أمرهم وأنهم الأكثر تضرراً منذ العام 2011 وما يزالون يطلبون الحياة رغم كل الصعوبات، بل ومُتجاهلين أن هؤلاء هم من أهاليهم وأقربائهم وأصدقائهم.
في حين حمّلت الحكومة السورية أزمة النفط الأخيرة في البلاد للعقوبات الأميركية، لم تجرؤ تلك المعارضة التي تعيش في رفاهية مُطلقة أكثر من وزراء النظام السوري، على التعبير حتى عن أدنى درجات التضامن مع آخر من تبقّى من السوريين في بلادهم.
لقد فقدت الحكومة السورية أكثر من 80 بالمائة من مواردها النفطية والغازية بعد سيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية على مناطق إنتاج النفط في محافظتي الحسكة ودير الزور شمال شرق سورية، وقبلها كانت مناطق النفط الغنية تقع تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتعاني سورية أزمات متكررة، بدءا من الطاقة الكهربائية إلى غاز البوتان والبنزين والديزل للتدفئة والسيارات، بينما تمتلك البلاد ثروة نفطية كافية لإطعام وتدفئة مواطنيها، والتي تتم سرقتها تحت حجج مختلفة من دون أن يجرؤ كثيرون على اتهام اللص.
أصدر رئيس الحكومة السورية المهندس حسين عرنوس يوم الجمعة تعميماً بتخفيض مخصصات شهر أيلول (سبتمبر) من العام الحالي من مادة البنزين للسيارات الحكومية للمستويات كافة. وقال وزير النفط السوري بسام طعمة، إن السبب في الأزمة الخانقة التي تشهدها بلاده في نقص مادة البنزين هو الحصار الأميركي إنتاجا وتوريدا، إضافة إلى توقف مصفاة بانياس للصيانة.
وفي أول تصريح رسمي لوزير النفط السوري الجديد، حمل بسام طعمة الولايات المتحدة التي تفرض حصاراً على سورية وتحتل حقول النفط شمال شرقي سورية المسؤولية عن ذلك.
لصوص في وضح النهار
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد صرح مؤخراً بأن بلاده قد تبحث موضوع الحقول النفطية بشرق سورية مع الأكراد. وزعم ترامب، الذي لم يكتفِ بفرض عقوبات قانون قيصر على سورية بحجة مُعاقبة النظام، بينما تأكد فعلاً أنّ من تضرّر ويتضرّر فعلاً هم أبناء الشعب السوري من ذوي الدخل المحدود والمتوسط: "لقد تمكنت من الحفاظ على النفط. ولدينا قوات تقوم بحراسة النفط، وإضافة إلى ذلك نحن خارج سورية".
وأضاف: "من الممكن أن نجري مناقشات مع الأكراد حول النفط، وسنرى كيف سينتهي ذلك، ثم سنغادر". ولم يُقدّم ترامب أي توضيحات بشأن تفاصيل المناقشات المحتملة أو الجهات المحتملة التي ستشارك فيها، أو أيّ مواعيد لها.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن عن نيته سحب جزء من قواته من سورية، مع بقاء بعض القوات في مناطق شرقي سورية من أجل "حماية" المنشآت النفطية وضمان حصول الأكراد على العائدات منها.
وأعلن السناتور الأميركي، ليندسي غراهام، في أواخر تموز (يوليو) عن عقد اتفاقية بين شركة أميركية والأكراد بشمال شرقي سورية حول تطوير الحقول النفطية في المنطقة. وتتهم السلطات السورية الولايات المتحدة بالعمل على "تهريب النفط السوري وبيعه في الخارج لتحرم منه السوريين، في انتهاك فاضح للقانون الدولي".
وأفادت وكالة "سانا" السورية الرسمية مؤخراً بأن القوات الأميركية أخرجت من سورية قافلة مكونة من 30 صهريجا محملة بالنفط السوري باتجاه العراق عبر معبر الوليد. ونقلت الوكالة عن مصادر أهلية أن "قافلة مؤلفة من 30 صهريجاً وناقلة للاحتلال الأميركي محملة بالنفط المسروق من آبار النفط التي تحتلها في الجزيرة السورية غادرت مساء اليوم إلى الأراضي العراقية عبر معبر الوليد غير الشرعي بمنطقة اليعربية بريف الحسكة الشرقي".
وفي آذار (مارس) الماضي، أثار تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنّه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التشارك في إدارة حقول النفط في محافظة دير الزور بشرق سورية بدلاً من القوات التي يقودها الأكراد التي تسيطر على الحقول الآن، كثيراً من التعليقات والردود المستنكرة.
وقال أردوغان حينها: "عرضت على السيد بوتين أنه إذا قدّم الدعم الاقتصادي، فبإمكاننا من خلال النفط المستخرج هنا، مساعدة سورية المدمرة على الوقوف على قدميها".
وكشفت تصريحات أردوغان هذه عن أطماعه هو الآخر في النفط السوري، وفضحت مزاعمه بالحرص على السوريين، وعلى وحدة الأراضي السورية.
طوابير الوقود
خلت شوارع العاصمة دمشق وباقي المدن السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية وتحولت محطات بيع الوقود إلى كراجات وساحة لانتظار السيارات التي تقف في طوابير لتعبئة الوقود، فيما تتخذ الحكومة إجراءات ترقيعية لمواجهة نقص الوقود.
وامتدت طوابير السيارات لنحو كيلومترات عدة في محيط محطات الوقود لتعبئة 30 ليتراً من مادة البنزين. وتحدث عدد من أصحاب السيارات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قائلين إن "البعض من أصحاب السيارات وقفوا لأكثر من يوم كامل في طوابير البنزين، وعندما يقتربون من المحطة تفرغ مادة البنزين، ما يضطرهم لانتظار عودة الشاحنة التي تحمل الوقود".
وقال سائق سيارة أجرة في منطقة العباسيين: "منذ 12 ساعة وأنا أنتظر حتى أملأ سيارتي بالوقود… لم أعد أعمل شيئا، نمضي يومنا لأجل تعبئة الوقود، وحتى الشوارع خلت من المارة، والكلام أن هذا الأمر سوف يستمر إلى نهاية الشهر".
وفي محافظة طرطوس، قال صاحب سيارة: "أمضيت أكثر من 24 ساعة بانتظار تعبئة سيارتي بالوقود وطابور السيارات يمتد لأكثر من 5 كم.. ناهيك عن نصف المسافة للدراجات النارية".
وقال وليد شاهين، الذي يعمل موظفاً في محافظة السويداء: "رفعت سيارات النقل العام في المدينة قيمة الأجرة ألف ليرة سورية من دون حساب تكاليف المشوار، وهو ما أثر بشكل كبير على الأهالي الذين يريدون التنقل ومتابعة أعمالهم اليومية".
وأعلنت وزارة النفط السورية عبر صفحات تابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي السبت عن "تعبئة كل سيارة مرة واحدة لكل آلية خاصة بفارق زمني سبعة أيام من آخر عملية بيع، سواء من الشريحة المدعمة أو غير المدعمة وفق مخصصاتها الشهرية التي هي 100 لتر من البنزين المدعوم ومرة واحدة كل سبعة أيام للدراجات النارية وفق الكمية المخصصة لها اعتباراً من يوم غد الأحد".
وأشارت الوزارة إلى أن "هذا الإجراء مؤقت لحين عودة مصفاة بانياس إلى العمل نهاية الشهر الحالي ووصول توريدات جديدة".