من لواء الغور الشمالي.. راما تنقل شغفها عبر اللوحات

علا عبد اللطيف الغور الشمالي – يفتقد المكان الذي تقطن فيه راما الصوالحة، للكثير من المقومات والخدمات الأساسية، خصوصا أنها تقطن في منطقة نائية، غير أنها ووسط كل ذلك وجدت طريقها لتفرغ طاقاتها وتعبر عن شغفها وهي ترسم لوحاتها القريبة من قلبها، وكأنها تعيش في عالم مزهر يشبه ألوانها الزاهية وأمنيات تأمل بأن تتحقق. الطالبة راما عبدالله الصوالحة (17 عاما) من منطقة الزمالية لواء الغور الشمالي تبين، في بداية حديثها، أن شغفها بالفن متعدد الجهات، فكلما وقعت عيناها على شيء ما، اكتشفت أن بإمكانها أن تحوله لقطعة فنية وبأقل التكاليف. تقول “ليس كل قديم موجود في منزلك عبئا ينبغي التخلص منه.. من الممكن تحويله إلى شيء جميل وجذاب وذي قيمة مادية ومعنوية”. تستخدم راما الفرشاة والألوان لتحول الأشياء القديمة الى قطع جميلة كما في تحويل الملابس والأحذية والأوراق والجدران الى لوحات ذات ألوان زاهية تسر الناظر. تشعر راما بمتعة كبيرة وهي تحول كل ما هو قديم وباهت اللون إلى أشياء جديدة ومبهجة تشع بالحياة، فأعادت تدوير الملابس القديمة لتحولها إلى قطع ترتديها في المناسبات أو قطع ديكور جديدة، ولم تكتفِ بهذا، إنما حرصت على تعليم فتيات وشباب وأطفال فن الرسم بالمجان من دون أي مقابل، مراعاة لظروف أهل البلدة التي ينتشر بها الفقر والحرمان. وتقول راما، في حديثها لـ”الغد”، إنها ومنذ كانت طفلة صغيرة تحب الرسم على الحائط وعلى الأوراق، حيث تستمد الرسومات من الطبيعة الخلابة التي تعيش بها، فالمنطقة النائية التي تعيش بها مشهورة بالزراعة وانتشار القنوات المائية، ولأن هذه المنطقة تفتقد للخدمات الأساسية للأطفال، قررت أن تعبر عن مكنوناتها وما تشعر فيه من خلال الخطوط والألوان علها تجد ذاتها في شيء تحبه ويشبهها. وتوضح راما “بدأت أبحث عن الخامات الموجودة في منزلي وبعض الأحيان أستعين بالجيران”، لتتجه نحو الرسم على الورق وبعدها تنفذ على الملابس ؤسومات عشوائية بالخيوط وباستخدام مادة الكلور في بعض التصميمات. غير أن عدم امتلاكها أنواع الألوان التي تثبت اللون على قطع الملابس كان عائقا أمامها، حيث تتلاشى الألوان سريعا في حال غسل القطع. وتقوم راما بإدخال مادة البرونز والخرز أيضًا للتزيين وكان ذلك من مصروفها الشخصي رغم الظروف المالية الصعبة التي تعاني منها عائلتها. وتتحدث عن الصعوبات التى تواجهها في حياتها اليومية، أبرزها غياب الدعم وعدم توفر جميع الألوان في المكتبات المتواجدة في الأغوار، إلا أن تلك المشاكل لم تقف عائقا أمام رغبتها في تطوير ذاتها، لذلك اتجهت نحو إعادة تدوير الأحذية والقماش وتحويله الى حقائب تستخدم في الخروج وتكفي حاجة عائلتها وصديقاتها في بعض الأحيان. وتعتبر الطالبة راما أن من أهم عوامل نجاحها، دعم أسرتها وإيمانهم الراسخ بالرسم والفن، مما منحها مكانة جيدة في هذا الوسط وعالمها الصغير، تقول: “نجاحي وتقدمي يرتبطان بتشجيع عائلتي وأقاربي وصديقاتي ومعلماتي، الذين حفزوني لمواصلة موهبتي ورسم اللوحات أملا بالوصول لطموحي الكبير الذي أتمناه”. وتضيف: “من متطلبات التميز في الفن، إحساس الإنسان بموهبته وحبه للفن الذي يقوم به، مما يمنحه سمة الإبداع والتفنن والإنجاز بشكل مستمر”. ومن وحي تجربة نجاحها، تنصح الفنانة راما الصوالحة كل صاحب موهبة بالتمسك بها وتطويرها ليرسم طريقه وصولا نحو أحلامه التي يحب، أما ما تأمل به اليوم، فهو أن تمثل الأغوار والأردن كفنانة لإيصال رسالة أهالي منطقتها والتعبير عن مستوى المعيشة والعمل على لفت الجهات المعنية لإيلاء مزيد من الاهتمام باللواء الذي تقطن به. ويقول والد راما، إن غياب التمويل وعدم القدرة على استقطاب المبدعين في اللواء من العراقيل التى تواجه أهالي المنطقة، إذ لا يوجد جهة داعمة تمكن هولاء الطلبة من إبراز مواهبهم وإبداعاتهم والقدرة على تطويرها، راجيا من وزارة التربية والتعليم العمل على إنشاء معارض فنية تمكن الطلبة المبدعين من عرض لوحاتهم وأعمالهم، أو العمل على فتح مراكز داعمة تمكنهم من تطوير قدراتهم الفنية. كما يطالب بتوفير الدعم المالي لهم من خلال شراء بعض الاحتياجات الأساسية للرسم، وخصوصا أن عشرات الأهالي ظروفهم المالية صعبة جدا في ظل الأوضاع المعيشية التي يعاني منها أهالي اللواء جراء الارتفاعات المستمرة بالأسعار وقلة الخدمات، راجيا أن يرى ابنته من أشهر الرسامين لتحقق حلمها الذي يراودها دائما. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان