"منتدى الإستراتيجيات": ضعف أداء الميزان التجاري يجعله أكثر قابلية للتأثر بالأسعار العالمية

+655
+655

عمان - الغد - أصدر منتدى الإستراتيجيات الأردني ملخص سياسات بعنوان "الوقوف على واقع الأسعار في ظل الأحداث العالمية الراهنة" بهدف تسليط الضوء على مسببات أزمة التضخم العالمي ومدى تأثيرها على الأسعار في الأردن.اضافة اعلان
وأشار المنتدى في الملخص إلى مجموعة التدابير المالية المتنوعة التي اتخذتها جميع حكومات العالم في سبيل التخفيف من الآثار الناجمة عن تفشي جائحة كورونا، وخاصة التدابير التي لم يسبق تطبيقها واتخذتها الاقتصادات المتقدمة كالإنفاق الإضافي والمساعدات المرتبطة بتوفير السيولة على نطاق واسع، مبينا أن نسبة التدابير المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول في الفترة التي تتراوح بين 7 كانون الثاني (يناير) 2020 و27 أيلول (سبتمبر) 2021 قد بلغت 46.2 % للولايات المتحدة الأميركية، و45.1 % لبريطانيا، و43.1 % لألمانيا، و36.0 % لليابان، و27.9 % لإيطاليا.
وفي ذات السياق، أوضح المنتدى أن توقعات التضخم في العالم قد برزت نتيجة لانقطاع سلاسل التوريد العالمية المصحوبة بحزمة إغلاقات شهدتها الأسواق المحلية، إضافة للتوسع في التدابير المالية والسياسات النقدية التيسيرية الضخمة التي اعتمدتها الاقتصادات الكبرى، علاوة على الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) 2022.
وبيّن المنتدى أن ارتفاع الأسعار العالمية قد بدأ بالسلع الأساسية التي ارتفعت ارتفاعا كبيرا عقب الإغلاقات التي حدثت عام 2020 وبعد عودة الاقتصادات للعمل في أواخر عام 2020 ومطلع عام 2021، حيث ارتفع مؤشر أسعار الطاقة (الفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي) من 62.92 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) عام 2020 إلى 111.42 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) عام 2021 أي بحوالي نسبة 77 %، إضافة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الزيوت والدهون خلال تلك الفترة (مثل زيت جوز الهند، وزيت السمك، وزيت النخيل، وزيت فول الصويا، وفول الصويا) بنسبة بلغت حوالي 12.5 %، كما ارتفعت أسعار الحبوب (الشعير، والذرة، والأرز، والقمح) بنسبة 19.4 %، وارتفاع أسعار الأسمدة بنسبة 163.9 %، علاوة على ارتفاع مؤشر أسعار الصلب والمعادن (الألمونيوم، والنحاس، والحديد الخام، والنيكل، والقصدير، والزنك) من 99.65 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) عام 2020 إلى 116.72 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) عام 2021 أو بحوالي نسبة 17.1 %. وفي سياق متصل، أشار المنتدى إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، حيث ارتفع مؤشر أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، أي من 101 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) 2019 إلى 108.6 نقطة في كانون الأول (ديسمبر) 2020، وإلى 158.5 في نيسان (ابريل) 2022.
وفيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، بين المنتدى في ملخص السياسات إلى أنها أزمة انسانية تحمل تداعيات اقتصادية كبيرة، إذ كانت أسعار السلع الأساسية العالمية آخذة في الارتفاع قبل الغزو الروسي لأوكرانيا مشيراً إلى أن الغزو سيكون له دور أساسي في مفاقمتها. علاوة على أن الحرب قد جاءت في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العالمي بالعودة لوضعه الطبيعي بعد هبوط الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 3.4 % في عام 2020، وخاصة بعد أن كانت التوقعات تشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي بنسبة 5.5 % عام 2021، و4.1 % عام 2022، و3.2 % في عام 2023. كما أضاف المنتدى بأن الحرب الروسية الأوكرانية قد بدأت بعد فترة وجيزة من عودة السياسات الاقتصادية إلى وضعها الطبيعي وبعد أن بدأت الدول بإلغاء السياسات النقدية التيسيرية الاستثنائية بشكل تدريجي، فضلًا عن إيقاف التدابير المالية الطارئة التي تم اعتمادها.
وفي هذا السياق، بين المنتدى حجم الاقتصادين الروسي والأوكراني في الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنه وبالرغم من كونهما يمثلان ما يقارب 2 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فقط، إلا أنهما قد يتسببان مجتمعان في اضطرابات كبيرة؛ إذ يمثل الاقتصادان معا حوالي 30 % من الصادرات العالمية من القمح، و20 % من الذرة والأسمدة المعدنية والغاز الطبيعي، و11 % من النفط. كما يعدان من أكبر المنتجين للغازات الخاملة (المستخدمة في إنتاج أشباه المُوصِلات) والتيتانيوم (المستخدمة في قطاع الفضاء والدفاع). كما تعد روسيا من أكبر منتجي البلاديوم المستخدم في "محولات السيارات، والنيكل المستخدم في إنتاج الفولاذ وصناعة البطاريات".
وفيما يتعلق بالآثار الناجمة عن الأزمة الروسية الأكرانية على الاقتصاد الأردني، أوضح المنتدى أن واردات الأردن أعلى بكثير من صادراته، حيث بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن 52.2 % كمتوسط للأعوام 2015-2020، مما يؤشر إلى ضعف الأداء التجاري الأردني وقابلية تأثر الاقتصاد بالأسعار العالمية والتي تظهر تداعياتها بشكل أساسي في عجز الميزان التجاري ومعدلات التضخم.
وبالإضافة، بيّن المنتدى تنوّع التركيب السلعي للواردات الأردنية حيث تشمل الآلات ومعدات النقل، المواد الغذائية والحيوانات الحية، الوقود المعدني والمواد المشابهة، البضائع المُصنعة، والمواد الكيماوية، والكثير غير ذلك. بالمقابل، أوضح المنتدى بأن صادرات الأردن مركزة بشكل كبير؛ إذ تمثل بعض الأصناف المصدرة حوالي 60 % من نسبة إجمالي الصادرات الوطنية، مما يعني أن الاقتصاد الأردني سيتأثر تأثرا بالغا في حال بقيت الأسعار العالمية مرتفعة كما هي الآن.
علاوة على ذلك، أشار المنتدى إلى تسارع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى 8.5 % في شهر آذار (مارس) عام 2022، مسجلًا بذلك المعدل الأعلى له منذ عام 1981. إضافة إلى استمرار ارتفاع معدل التضخم حتى نهاية عام 2022. وبحسب المنتدى، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا سيسهم في بقاء أسعار الطاقة مرتفعة لفترة طويلة من هذا العام. فضلًا عن استمرار الحظر الذي تفرضه دول الغرب على روسيا لمدة طويلة حتى وإن انتهت الحرب. وفي هذا السياق أشار المنتدى إلى أنه ثمة توقعات بتزايد الضغوطات الواقعة على أسعار الأغذية وتكاليف الإيجارات والإسكان وغيرها من أسعار الخدمات الأخرى مما أدى إلى زيادة البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي بنسبة نصف نقطة مئوية في الرابع من شهر أيار (مايو) 2020، ومن المتوقع أن يتبع ذلك المزيد من الزيادات.
هذا ويتوقع المنتدى أن يكون ما تبقى من عام 2022 صعبا على الاقتصاد الأردني، إذ سيضطر البنك المركزي الأردني إلى زيادة أسعار الفائدة في حال بقيت أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة، وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في آذار (مارس) 2022 و50 نقطة أساس في أيار (مايو) 2022. علاوة على ذلك، أشار المنتدى إلى مدى خطورة التداعيات على واردات الأردن من النفط الخام والغاز الطبيعي في حال استمرت التوقعات باتجاه بقاء أسعار الطاقة مرتفعة كما هي، إضافة لخطورة التداعيات على واردات الأردن في حال استمرت أسعار الأغذية مرتفعة كما هي. إلا أنه من الناحية الأخرى، بيّن المنتدى بأن بقاء أسعار الأسمدة مرتفعة كما هي سيكون له آثار إيجابية على صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات.