هل ما تطرحه أعمال رمضانية يجذر خطاب التمييز والكراهية؟

هل ما تطرحه أعمال رمضانية يجذر خطاب التمييز والكراهية؟
هل ما تطرحه أعمال رمضانية يجذر خطاب التمييز والكراهية؟
منى أبو حمور عمان- "ارجع للمخيم الذي جئت منه".. "شو جابكم على بلادنا".. "الغني والفقير"؛ والكثير من العبارات المتداولة ضمن المحتوى الدرامي الذي عجت به الأعمال الرمضانية لهذا العام عبر تناول قصص لأسر اللاجئين السوريين والعمالة الوافدة بمفردات وحوارات تعزز خطاب الكراهية في جزء منها. بدا واضحا، خطاب التمييز ضد فئة دون أخرى بأعمال تنتشر في العقد الأخير يراها مختصون أنها ترتبط بالظروف السياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة العربية.

أشكال خطاب الكراهية المتداولة

السلوكيات والحوارات التي تستخدم بقصد أو من غير قصد والألفاظ أو المشاعر التي لها علاقة بالكراهية التمييزية اتجاه فئة معينة من أبناء المجتمع دون غيرها، باتت ثيمة ببعض الأعمال التي تعرض مؤخرا. في بعض المشاهد، تم تنميط اللاجئ السوري على أنه استغلالي ويميل إلى الاستفادة من أي فرصة تسمح له للحصول على المال أو تحقيق مصلحة فردية. وكان أكثر الأعمال التي تطرقت لهذا الأمر، مسلسل "من إلى شارع الهرم" حيث تأثر الطفل خالد الحمصي بكلمات أحد الأطفال المشاركين في العمل الدرامي العربي الذي وصف أطفال سورية بأنهم "أبناء المخيمات وأن وجودهم غير مرغوب به وأنهم يستحقون ما حصل لهم في بلدهم"، حيث عبر عن استيائه لوالدته التي بقيت صامتة أمام كلماته القاسية. مين سمعك هذا الكلام؟ أول ما تبادر على ذهن والدة الحمصي لسؤاله، فهي لم تكن تعلم أن هذه الكلمات كانت سيناريو لعمل درامي رمضاني يشاهده ويسمعه أطفال سورية في كافة المعمورة. ليس هذا العمل وحده وإنما عدد من الأعمال الدرامية الرمضانية لم تأخذ بعين الاعتبار ما تتركه كلمات "ثقيلة وقاسية" على نفس المشاهدين، يمررها سيناريو يبحث عن جذب الانتباه على حساب أي شيء آخر. تكريس الصورة النمطية عن العمالة الوافدة في الأعمال الدرامية وسلوكيات الظلم والاسستبداد التي تمارس، وإظهار الاختلاف الطبقي بين المواطن والعامل الوافد والغني والفقير واستغلال الفقير للغني بشكل دائم داخل الأعمال الدرامية، أوجدت حالة من الاحتقان للمشاهد العربي الذي لم يعد يتقبل الأحكام والصورة التي تنقلها الدراما على أنه واقع.

- ثقافة تقبل الآخر غير موجودة

غياب ثقافة قبول الآخر والتنوع داخل المجتمعات وهو ما تسعى بعض الأعمال الدرامية لتكريسه، ما يعد سببا من أسباب انتشار الخطاب المبني على الكراهية، ومع ذلك تبقى المسألة نسبية تختلف من شخص لآخر تبعاً لثقافة كل فرد ودرجة تعليمه والبيئة التي نشأ فيها"، بحسب اختصاصية علم الاجتماع الدكتورة فادية الإبراهيمي.

- رفض مجتمعي لخطاب التمييز

يلفت أخصائي علم الاجتماع الدكتور د. محمد جريبيع إلى أن هذه الأعمال الدرامية خلقت ردات فعل رافضة لهذا الخطاب والتمييز وفي استخدام مفردات وعبارات مهينة. هذا الخطاب بحسب جريبيع بما يحمله من تلميحات وتأويلات، تكمن خطورته بأنه ينتقل إلى الناس من خلال استخدامه بالدراما والأغاني وكل أنواع الفنون. ويشير جريبيع إلى أن الأحداث العربية في السنوات الأخيرة والأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، أبرزت نوعا من خطاب الكراهية الذي يظهر في الأعمال الدرامية ويقوم على رفض فئة مقابل فئة أخرى ويعزز من النظرة السلبية ويقسم الناس إلى عدة طبقات وتضعهم على مستويات. ويعرف جريبيع خطاب الكراهية بكل شيء منطوق قولا أو عملا وهو رسالة موجهة تحمل معاني متعددة على شكل دراما؛ كلمات ورسوم تعبر عن جزء من خطاب الكراهية.

تحذير مما نشاهد بسبب الأذى النفسي

الأعمال الدرامية التي تدخل كل بيت وكذلك ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ساهم بشكل كبير في نشر بعض الخطابات التي تحتوي على شيء من الكراهية والتمييز، ما يُهدد التماسك الاجتماعي بحسب الابراهيمي، منوهة بأن ذلك ينتقص من قيمة الانسان ويسبب الأذى النفسي، وقد يتحول لحقد ونقمة على المجتمع ويقود للعزلة. وتحذر الابراهيمي من خطورة استخدام لغة التحقير والتمييز اتجاه أي فئة أو جماعة داخل المجتمع من خلال استخدام كلمات معينة داخل المسلسلات أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويحذر جريبيع من توظيف الأعمال الدرامية لإيصال رسائل الكراهية، واستخدام كلمات مسيئة كارثة حقيقية، فحين تترسخ في أذهان المشاهدين فإنها تستحوذ عليهم، وتصبح متداولة مع الزمن وجزء من الخطاب وتتردد في الكلام اليومي.

التربية الأسرية هي الأساس

وفي الوقت نفسه تؤكد الابراهيمي على أن التربية الأسرية هي الأساس في غرس حب واحترام الآخر عند الأطفال، ناصحة بأهمية مراقبة الأعمال الدرامية والفضاء الرقمي ودعمه بالرسائل الايجابية الداعية الى السلام والتسامح.اضافة اعلان