هل ما يزال العراق بحاجة لقوات أجنبية على أرضه؟

العراق - في ظل ما قاله رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس من إن بلاده بحاجة دائمة إلى مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي في ظل تطور القدرات القتالية لقواتها المسلحة، تساءل سياسيون ومحللون هل ما زال العراق يحتاج لقوات أجنبية على أرضه.اضافة اعلان
فقد أكد السوداني في مقال لصحيفة لوموند الفرنسية ونشرته وكالة الأنباء العراقية قبيل زيارة للسوداني إلى باريس "رغبة بلادنا في ترسيخ التعاون العسكري والأمني مع الجانب الفرنسي، تتناغم مع هدفنا في رفع قدرات قواتنا الأمنية القتالية، وهي الآن تحقق تلك الغاية ما يجعل العراق بغير حاجة لقوات قتالية أجنبية، بل لقوات استشارية لسد احتياجات قواتنا من التدريب والتجهيز".
وأضاف السوداني أن الحكومة العراقية اليوم أكثر قناعة برؤيتها لتطوير علاقات البلاد الإقليمية والدولية على أسس "التعاون والتوازن، والابتعاد عن سياسة المحاور، واعتماد سياسة الشراكة مع العديد من دول العالم وفي مقدمتها فرنسا".
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال نشرت في مقابلة يوم 15 الشهر الحالي بأن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دافع عن وجود قوات أميركية في بلاده ولم يحدد جدولا زمنيا لانسحابها.
وأضاف أن الحاجة للقوات الأجنبية لا تزال قائمة وأن القضاء على تنظيم "داعش" يحتاج إلى المزيد من الوقت في إشارة إلى فرق القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي التي تدرب وتساعد الوحدات العراقية في مكافحة متشددي التنظيم.
وكان المتحدث باسم البنتاغون، ديفيد هيرندون، قد قال في بيان، في تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي إن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على القوات الأميركية في البلاد لدعم قوات الأمن العراقية في قتالها المستمر لدحر تنظيم داعش الإرهابي.
يشار إلى أن العراق كان قد أعلن في نهاية 2021 انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي وانسحابها من البلاد بشكل رسمي، منهية بذلك مهمتها القتالية التي كانت مكلفة باستئصال تنظيم داعش، والانتقال إلى مهمة استشارية لمساعدة القوات العراقية.
وأشعلت تصريحات السوداني، حول بقاء القوات الأميركية، حالة من الجدل في الشارع العراقي، بعضها اعتبرها تصريحات سياسية مناهضة له، وبعض تلك التصريحات طالبت بضرورة تحديد جدول زمني لانسحاب تلك القوات.
ويرى مراقبون أن السوداني لا يستطيع الإدلاء بتلك التصريحات بعيدا عن "الإطار التنسيقي" الذي جاء به، وربما تكون مرتبة نظرا لأن التواجد الأميركي الحالي جاء بناء على اتفاق بين الإدارة الأميركية والحكومة السابقة (حكومة الكاظمي)، كما أن لقاءات عدة جمعت بين السفيرة الأميركية في بغداد والسوداني، علاوة على الزيارة التي قام بها السوداني إلى البيت الأبيض، والحديث عن الخلافات داخل الإطار لن تصل لأبعد من وجهات النظر.
وكان المحلل السياسي العراقي، أياد العناز، قال أن تصريحات السوداني حول التواجد الأميركي في خضم التطورات السياسية التي تجتاح المنطقة، والأبعاد الاستراتيجية لدعوة الولايات المتحدة الأميركية العراق لبناء علاقات دولية متوازنة خاصة مع الغرب.
وأضاف أن سياسة واشنطن هي العمل على استقرار الأوضاع العامة في العراق للحفاظ على أسعار الطاقة في السوق العالمية، وانسيابية عملية التصدير بما يخدم المصالح الأميركية ويساهم في تخفيف الأعباء على الدول الأوربية، وهذا ما أدركه رئيس الحكومة الذي حظي بستة لقاءات مع السفيرة الأميركية في بغداد (ألينا رومانوسكي) والتي أعطت انطباعا واضحا عن دعم الإدارة الأميركية ومساندتها لحكومة السوداني.
وتابع العناز، لقاءات السوداني والسفيرة الأميركية في بغداد حملت العديد من الرسائل، منها مدى قدرة حكومة السوداني على الالتزام بالعلاقة مع واشنطن والحفاظ على استمرارها وديمومتها، ومحاولة ميدانية لاختبار مستوى فعالية رئيس الحكومة في التعامل مع القضايا التي تهم السياسة الأمريكية في العراق.
وأشار المحلل السياسي إلى أن تصريحات السوداني مع تأكيد من الولايات المتحدة على لسان أكثر من مسؤول أميركي بأنها عازمة على عدم ترك العراق والمساعدة في عملية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والأمني والاستخباري وبناء ركائز متينة ترسخ البقاء والوجود الأميركي، بيها ما صرح به المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، مؤخرا بأن واشنطن ملتزمة بالحفاظ على القوات الأمريكية في العراق ودعم القوات الأمنية العراقية.
وكان محمد التميمي، القيادي في "الإطار التنسيقي" العراقي، أكد أن قرار إخراج القوات الأميركية من العراق والذي اتخذه مجلس النواب لا تراجع عنه، وأن على الحكومة تنفيذ ذلك لمنع دخول البلاد أتون الحرب ضد الاحتلال الأمريكي.
وقال التميمي في اتصال مع "سبوتنيك"،"إن المقاومة الإسلامية باقية على موقفها الرافض لتواجد القوات العسكرية الأميركية على أراضيها، وأن القرار السابق إقراره من مجلس النواب يجب على حكومة السوداني تنفيذه، وأي قرار يخالف هذا التوجه غير معترف وغير مرحب به وسوف تتخذ ضده إجراءات قاسية.
وكانت القوات الأميركية في العراق تعرضت لسلسلة من الهجمات من قبل مجموعات عراقية موالية لإيران، العام الماضي، كان آخرها في 20 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عندما أطلقت صواريخ على المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، حيث توجد أكثر المواقع العسكرية تحصنا في العراق، إلى جانب احتوائها على مقر السفارة الأميركية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية أخرى.-(وكالات)