"إشراق".. خدمات تعليمية وتدريب للحد من عمالة الأطفال

figuur-i
figuur-i

معتصم الرقاد

عمان- عمل الأطفال، وإن كان لمساعدة الأهل مالياً، ينطوي عليه مخاسر أكبر بكثير من المبالغ الضئيلة التي يجنيها الأطفال العاملون، يخسر الأطفال العاملون طفولتهم وصحتهم وحقوقهم، إضافة لتعرضهم للاستغلال والعنف اللفظي والجسدي.اضافة اعلان
إن عمالة الأطفال هي أحد أشكال الانتهاكات الصريحة لحقوق الطفل التي تنأى بهم عن حقهم بالتعليم والرعاية الصحية والعيش في بيئة آمنة، إضافة الى ذلك، فإن عمل الأطفال يحرمهم من طفولتهم ويجعل منهم فريسة وهدفاً سهلاً للاستغلال ولجميع أشكال العنف اللفظي والجسدي وحتى الجنسي.
صُمم مشروع "إشراق" لمعالجة أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وبالأخص عمالة الأطفال في مجال الزراعة، ويقدم المشروع خدمات استكمال التعليم والتدريب ورفع الوعي للأطفال والمجمتع المحلي لضمان أن يعيش الأطفال طفولتهم بعيداً عن كل أشكال الاستغلال، وأن يتمتعوا بكامل حقوقهم في التعليم والحماية، هذا المشروع ممول من European Union in Jordan.
"الحمد لله، الشغل تعب بس لازم نساعد أهلنا بالمزارع"، يقول سعد سعيد (16 عاماً) الذي يذهب في وقت فراغه للعمل مع عمه في المزارع في الشونة الجنوبية مقابل أجر زهيد لا يتجاوز الدينار بالساعة وفي الكثير من الأحيان من دون أجر.
سعد يعمل في المزارع منذ أن كان في العاشرة من العمر، يرافقه أولاد عمومته وأفراد آخرون من العائلة الى المزارع كل نهاية أسبوع وخلال العطلة الصيفية.
ويقول سعد "نذهب في الصباح الباكر ونعود وقت الظهيرة عندما يشتد الحر، نقوم بتنقيب الأعشاب، والري ورش المبيدات والسقي، خلال فترة الحظر كانت الأوضاع صعبة ولم نعمل أبداً، الآن عدنا الى العمل وهذا جيد".
ويبين عدنان أحمد وهو عم سعد، ويبلغ من العمر 48 عاماً ويعمل في الحقول منذ أن كان في 15 من عمره، أنه بالنسبة له هذه مهنته، فهو تربى عليها، والآن هو يتضمن أراضي زراعية ويعمل فيها.
ويضيف عدنان "الأطفال يوفرون علينا أجرة العمال، ليس كامل الأجرة طبعاً ولكن جزء منها. هذا الوضع الطبيعي هنا، يذهب الأولاد عند وقت فراغهم الى الحقول ويعملون".
العديد من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية طالبت بإجراءات أكثر صرامة للحد من عمالة الأطفال. فالخبراء يرون أن عمالة الأطفال لا تؤثر في تعليمهم فقط بل أيضاً تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم وتضعهم عرضة للاستغلال ولجميع أشكال العنف.
وقالت مديرة مكتب منظمة بلان انترناشونال- الأردن منى عباس "إن العمل على مكافحة عمالة الأطفال يقع ضمن الأولويات الاستراتيجية للمنظمة على الصعيدين المحلي والدولي. ندرك تماماً أنه حين ينسحب الأطفال من التعليم لينضموا إلى سوق العمل كعمالة رخيصة وغير مدربة يسهل استغلالها فهم تلقائيا محكومون بالبقاء في دائرة الفقر والتهميش في المستقبل، الأمر الذي يعيق عملية التنمية الشاملة في مجتمعاتهم والدول التي يعيشون فيها".
تقوم منظمة بلان انترناشونال بالتعاون مع جمعية نساء للتنمية الثقافية "نماء" بتنفيذ مشروع "إشراق" الممول من الاتحاد الأوروبي الذي يهدف الى الحد من أسوأ أشكال عمل الأطفال في قطاع الزراعة في منطقة الشونة الجنوبية (الكرامة والجوفة)، وسيسعى عبر ثلاث سنوات من التنفيذ للتقليل من التهديد الذي تشكله عمالة الأطفال للإناث والذكور معا في قطاع الزراعة.
يضمن المشروع الانخراط في المجتمع المحلي وتحفيز التغيير الإيجابي من خلال العمل مع جميع أطياف هذا المجتمع من أطفال ويافعين وأهل والمجتمع المحلي من خلال تطوير لجان التطوير المحلية ولجان حماية الطفل ومرشدي المدارس والمجتمعات للعمل على منع أسوأ أشكال عمل الأطفال، إضافة الى العمل على المستوى الوطني من خلال تطبيق خطة التنفيذ الوطنية لمنع أسوأ أشكال عمل الأطفال.
وتضيف عباس "ندرك تماما أن الضغوط الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعاني منها العديد من الأسر تدفعهم لاتخاذ خيارات قاسية بحق أطفالهم منها حرمانهم من التعليم وإلحاقهم بسوق العمل أو تسخيرهم للعمل المنزلي غير مدفوع الأجر وذلك لإيجاد حلول مؤقتة وسريعة، إلا أن هذه الحلول على المدى البعيد تبقي هذه المجتمعات والعائلات والأفراد ضحية للفقر وأشكال التهميش الاقتصادي والاجتماعي كافة بعيدا عن الانخراط في عملية التنمية ببساطة لعدم امتلاك المهارات والإمكانات التي تؤهلهم لذلك".
وتتابع "وتعد الفتيات الأكثر عرضة للخطر من ضمن فئة الأطفال المنسحبين من التعليم؛ حيث توكل إليهن في أغلب الأحيان الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، ليحرمن بذلك من فرص تطوير مهاراتهن ومعارفهن لبناء مستقبل أفضل ويصبح خيار الزواج المبكر والقسري وغير المتكافئ هو الخيار الوحيد أمامهن".