"نقطة لون" يخرج أطفال متلازمة داون من عزلتهم

أطفال في مشغل "نقطة لون" يتعلمون مبادىء الرسم والفن وإعادة التدوير - (أرشيفية)
أطفال في مشغل "نقطة لون" يتعلمون مبادىء الرسم والفن وإعادة التدوير - (أرشيفية)

تغريد السعايدة

عمان- شغفها بالفن وعشقها للعمل اليدوي دفعها لأن تتجه إلى مرسمها الخاص تنشر من خلاله الفن الراقي بين صفوف الأطفال، فبعد أن أنهت سماح ياسين مرحلة البكالوريوس بتخصص الإدارة العامة، وجدت شغفها يقودها الى عوالم لم تكن تتخيل أن تصل اليها.
فقامت ياسين بافتتاح مشغل خاص بها أسمته مرسم "نقطة لون" لتجتذب الأطفال في تعليم الرسم والفن وإعادة التدوير، إلا أن ذلك ساقها من خلال تجاربها مع الأطفال إلى أن تعمل مع "أطفال متلازمة داون" فتعلمهم مبادئ الرسم لتخرج بهم من العزلة إلى عالم فسيح من الفن والرقي.
وعن تجربتها مع أطفال داون، تقول ياسين إنها في إحدى الفعاليات التي نظمتها في مرسم "نقطة لون" فاجأت طفلة داون في عيد ميلادها، بتنظيم حفلة رسم، ولاحظت بعد ذلك مدى الإقبال والتفاعل الذي يشعر به طفل متلازمة داون مع الآخرين في إظهار قدراته الفنية والإبداعية الحركية.
بعد ذلك، قررت ياسين أن يكون جزء من عملها بشكل تطوعي مع أطفال متلازمة دوان بالتعاون مع جمعيات مهتمة في الفئة ذاتها، كما في جمعية الياسيمن لأطفال داون، وقامت بإعداد الكثير من الفعاليات وورش العمل التي خصصتها لأطفال داون لتعليم الحرفية في الرسم.
وتقول ياسين إنها تفاجأت بمقدرة الكثير من أطفال داون على التحكم بحركاتهم وأحاسيسهم في اختيار الرسوم وإتقانها بشكل ممتاز لدى البعض، وتؤكد أن تعلم الرسم والفن لا يقف عند حد تعليم شيء جديد بقدر ما هو أبواب تفتتح لهم ليكونوا عناصر متفاعلين مع المجتمع المحيط.
ولزيادة قدرتها على التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة، تقول ياسين إنها قامت بالتسجيل في دورة "البورتيج" التي تُعنى بطريقة التعامل مع أطفال داون، من خلال تعاونها مع جمعية الياسمين، وهذا زاد من معرفتها بالطريقة المثلى للتعامل مع أطفال داون الذين لا تتوانى عن تقديم يد العون لهم لاستخراج مكنوناتهم الفنية، والتي في أكثرها تعبر عما يجول في خاطرهم.
و"البورتيج" هو عبارة عن برنامج منزلي يُعنى بالتدخل المبكر لتثقيف أمهات الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون، من سن الولادة إلى 9 سنوات، يختص بالتدخل المبكر لتدريب الأطفال داخل بيئتهم المحلية وخاصة بالمنرل، وتدور فكرة البرنامج حول تزويد الأم خلال الزيارة المنزلية والتي تكون مرة واحدة بالأسبوع يتعلم خلالها المتدرب الأسس المتعلقة برعاية الطفولة والتعليم الخاص والمؤثرات الحسية التي تؤدي إلى تطوير مهارات الأطفال من هذه الفئة.
وتحدثت ياسين كذلك عن تجربتها مع أطفال دوان من خلال جولتها في المحافظات مع مجموعة كبيرة من المهتمين بهذه الفئة، في سبيل توعية الأفراد بهم وباحتياجاتها، وعدم حصرهم في عالم منغلق؛ إذ إنهم قادرون على التعبير والحركة وخدمة أنفسهم بأنفسهم بدون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، وخاصة في تفاصيل حياتهم اليومية.
وكانت هذه الجولة التي شملت معظم محافظات المملكة تحت شعار "هذا أنا"، وتشتمل على محاضرات وورشات عمل تهتم بأطفال داون، وكانت ياسين خلال هذه التجربة قد اكتسبت الكثير من المهارات في طريقة تعاملها مع ذوي متلازمة داون، ما جعلها مؤهلة للتعامل والتشارك معهم بطريقة تكتشف قدراتهم وخاصة "الفنية منها".
وتؤكد ياسين أن الأطفال الذين تتعامل معهم من خلال ورشات العمل التي تنظمها لهم قادرون على العطاء والتأقلم مع الآخرين، ولديهم الكثير من الإبداعات الخلاقة التي تظهر في أعمالهم الفنية، وتشدد على ضرورة دمجهم مع الأطفال الآخرين في أعمالهم ودراستهم، كون ذلك يساعدهم على تكوين صداقات ومجتمع تفاعلي، يحفزهم في الوقت ذاته على الاعتماد على أنفسهم في المستقبل، وألا يكونوا عالة على الآخرين.
وتشير ياسين إلى أن أعمالها التعليمية الفنية كافة التي تُقيمها لأطفال داون "مجانية تطوعية"، تهدف من ورائها إلى تحفيز الأهل على تنمية مواهب أطفالهم، وعدم تركهم بدون رعاية تعليمية أو حتى تنمية مواهبهم، لأنها تصنع منهم فنانين ومبدعين، كما عملت مع إحدى الفتيات التي قامت ياسين بتدريبها على الرسم، لتكتشف فيها موهبة كبيرة ودقة متناهية في الرسم.
وتمتلك ياسين مرسم "نقطة لون" الذي هو عبارة عن مكان مخصص لتعليم الفنون الجميلة مثل؛ الرسم، والفنون الحرفية، وتنمية المهارات الفنية للنساء والأطفال بأسلوب ممتع، ويستخدم المرسم أرقى وسائل التعليم والإيضاح لتعليم الفنون، كما يتم تنظيم المعارض لمنتجات الأطفال سنوياً في صالات عرض متخصصة.
كما يقوم "نقطة لون" بتوفير الخدمات والأدوات الخاصة بتعليم الفنون في مهارات الخط العربي والرسم على الزجاج وتنسيق الزهور والإكسسوارات والمجسمات والزخارف الإسلامية والتصوير، وغيرها من الفنون وورشات العمل للأطفال والسيدات على حد سواء.
وتوجه ياسين رسالتها إلى الناس بقولها إن الفكرة من مشروع تدريب الرسم لأطفال داون ليست فقط الترفيه، بل يمكن لأي نشاط تعليمي أو ترفيهي يقوم به الأهل مع أطفالهم ذوي الأعاقة أن يكون انطلاقة لهم لجعلهم قادرين على الاعتماد على أنفسهم، وتقديرهم بشكل دائم، وعدم الشعور بالحرج من وجود طفل داون في العائلة؛ فهم "رائعون ولطيفون وعندهم قدرة على الملاحظة والتطبيق".

اضافة اعلان

[email protected]
@tagreed_saidah