"حماية الصحفيين": إعلام "مكبل" وبرلمان يتعامل مع الإعلام كبيئة "معادية"

الزميل نضال منصور يتحدث خلال إطلاق تقرير حول حرية الإعلام في الأردن أمس-(من المصدر)
الزميل نضال منصور يتحدث خلال إطلاق تقرير حول حرية الإعلام في الأردن أمس-(من المصدر)
غادة الشيخ عمان - فيما أوصى تقرير مركز حماية وحرية الصحفيين حول حرية الإعلام في الاردن، أمس، بتبني الحكومة لاستراتيجية وسياسات تدعم حرية التعبير والإعلام، وحث البرلمان على الالتزام بها ايضا، تكرر تصنيف حرية الإعلام لسنة 2021 كـ"حرية مقيدة". وتناول التقرير 6 مؤشرات في هذا الجانب هي: البيئة السياسية، البيئة التشريعية، حق الحصول على المعلومات، الانتهاكات والإفلات من العقاب، واستقلالية وسائل الإعلام، وهي الأقسام الخمسة الثابتة، بينما المؤشر السادس غير ثابت، يتناول قضية طارئة أو ضاغطة تبرز خلال سنة المؤشر، والتي خصصت في العام 2021 لحرية التعبير والإعلام على الإنترنت. ووفق التقرير، حاز الأردن على 215.2 نقطة في مؤشر حرية الإعلام، من مجموع نقاط المؤشر البالغة 600، وحسب معاييره المعتمدة، فهذه النتيجة تقع ضمن تصنيف "مقيد"، وهذا التصنيف يتكرر للسنة الثانية على التوالي، اذ حاز المؤشر في عام 2020 على 227.3 نقطة، لكن اللافت، أن النقاط التي نالها في عام 2021 انخفضت عما كانت عليه في عام 2020، وتراجع مؤشر حرية الإعلام 4%. كما كشف التقرير، عن تراجع تصنيف الأردن في تقرير مرصد "سيفيكوس"، مشيرا إلى ما أسماه "تدهور الحقوق المدنية في الأردن بشكل مطرد"، موضحا أن "إغلاق نقابة المعلمين والإنترنت، والقيود المفروضة على الصحفيين والمجتمع المدني والنشطاء، أدت لخفض التصنيف". ولم يطرأ أي جديد عام 2021 على الاشتراطات التي تمثل قيودا على ترخيص وسائل الإعلام كالصحف الورقية أو المواقع الإلكترونية والإذاعات التي لا يمكن السماح لها بالبث دون ترخيص مسبق، ما أبقى هذا القيد قائما وممتدا على الاستثمار في صناعة الإعلام. كما لم يصدر أي قرار بالتعويض المالي ضد الصحفيين، لكن "تغليظ العقوبات في التعويض المدني على الصحفيين وحتى المواطنين الذين ينشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، أدى وسيؤدي لمزيد من الرقابة الذاتية، ولانخفاض منسوب النقد الموضوعي للمسؤولين العموميين وللشخصيات العامة، ولم يشرع أي قانون يمنع التدخل في عمل وسائل الإعلام، وغياب أي تشريع يحمي الصحفي من مقاضاة من ينتهك حقه وحريته في النشر، بما في ذلك الدستور نفسه، الذي لم ينص على توفير مثل هذه الحماية". مؤسس وعضو مجلس إدارة المركز الزميل نضال منصور، قال في كلمة له خلال حفل إطلاق التقرير، إن "البرلمان يتعامل مع الإعلام كبيئة "معادية"، مضيفا أنه "لا توجد وسائل إعلام مستقلة عن الحكومة إلا من رحم ربي"، مشيرا الى أن "هناك محاولات بالتجديف خارج التيار، لكن الكلفة السياسية عالية جدا"، مؤكدا أنه "لا توجد بيئة سياسية داعمة للإعلام". وأضاف منصور، أن ما توصل له المؤشر، يعكس واقع الحال، فـ"الإعلام لم يعد سلطة رقابية في المجتمع، وكل يوم تضيق هوامش الحريات التي يتحرك بها، وحتى منصات التواصل التي كان يلجأ إليها هروبا من القيود، أصبحت في المرمى، والحكومة تُفكر بتشريعات وأنظمة للسيطرة عليها". وقال التقرير الذي أعده الزميلان وليد حسني وإسلام البطوش بإشراف منصور، إن المركز اعتمد مؤشر القياس بعد مراجعات منهجية وعلمية لأسئلة المؤشر بأقسامه الست، وقد اعتمد الباحثون عام 2021 على 60 سؤالا بدلا من 57 سؤالا في مؤشر عام 2020، لتصبح القيمة الأعلى له 600 نقطة بدلا من 570، كما حازت الأقسام الستة التي تضمنها تقرير 2021 على نتيجة "مقيد"، باستثناء القسم المتعلق بالبيئة التشريعية الذي حصل على نتيجة "مقيد جزئيا". وصنفت 5 أقسام بأنها "مقيدة"، وهي: البيئة السياسية بحصولها على 19.9 درجة من أصل 60، وحافظ مؤشر حق الحصول على المعلومات على تصنيفه "مقيد" للعام الثاني على التوالي بحصوله على 9.8 من أصل 40 درجة، متراجعا نقطة واحدة عن مؤشر العام 2020. وحاز قسم الانتهاكات والإفلات من العقاب على تصنيف "مقيد" أيضا بحصوله على 77.7 نقطة من أصل 210، وكذلك القسم المتعلق باستقلالية وسائل الإعلام الذي حصل على تصنيف "مقيد" بمجموع نقاط 34.9 من أصل 100، وهو التصنيف ذاته الذي حصل عليه عام 2020، ولكن بدرجات أقل وبمجموع نقاط 37.1. والجديد الذي أضافه تقرير 2021، هو القسم المتعلق بحرية التعبير والاعلام على الإنترنت، وهو أول قياس لهذا الجانب في الأردن، وحصل على تصنيف "مقيد" بحصوله على 37.2 من أصل 100 نقطة. وكشف أن مؤشر البيئة التشريعية، هو القسم الوحيد الذي حافظ على تصنيف "مقيد جزئيا" في عامي 2020 و2021، اذ حصل في 2021 على 36,9 نقطة من أصل 90، وهي نتيجة أقل بـ6 درجات عما حصل عليها عام 2020 ، لكنها بقيت ضمن مؤشر "مقيدة جزئيا". ويعزو الباحثون ذلك، الى أن الدستور يكفل حرية الصحافة في المادة (15) منه، مؤكدين أن نص المادة (128/1) يفيد بعدم الجواز للقوانين بتقييد الحقوق الواردة في الدستور أو أن تُفرغ الحق الدستوري من مضمونه، برغم أن هذه المادة لا تطبق ولا يُلتزم بها عند صياغة التشريعات. وأظهرت نتائج المؤشر أيضا، أن 14% من العينة المستطلعة صنفت حالة الإعلام بــ"غير حرة"، بينما رأى 40% منها بأن حالة حرية الإعلام" مقيدة"، مقابل 46% رأوها "مقيدة جزئيا"، ولم يعط أي منهم تصنيف "حرة جزئيا" أو "حرة". ولفت الى أن قسم الانتهاكات والإفلات من العقاب تراجع إلى "مقيد"، خلافا لما كان عليه في عام 2020، بحيث وقع في تصنيف "مقيد جزئيا"، فبرغم تراجع إحصائيات الانتهاكات عدديا عام 2021 مقارنة بـ2020، لكن النتيجة تراجعت. ورأوا أن التدخلات غير المعلن عنها في عمل وسائل الإعلام، والتضييق على الصحفيين والصحفيات، ووسائل الإعلام عن طريق قرارات منع النشر، والمقترح المعدل لأنظمة الإعلام الذي طرحته الحكومة عام 2021، والتجارب السابقة، بخاصة التوقيف والحبس، أدت لهذه النتيجة. وخلص إلى توصيات، أهمها: تبني الحكومة لاستراتيجية وسياسات مُعلنة تدعم حرية التعبير والإعلام، مرتبطة بخطط تنفيذية، لها مؤشرات قياس ومحددة بإطار زمني، وحث البرلمان على الالتزام بمنهج عمل يدعم حرية التعبير والإعلام، ويراقب عبر لجانه ما يقع على الصحفيين والصحفيات من انتهاكات، ومساءلة الحكومة عنها، ومراجعة التشريعات الناظمة للإعلام، والتي تؤثر فيه، لتتواءم مع النصوص الدستورية، بخاصة في المادتين: (15) و(128/1)، اذ تمنعان إقرار أي قوانين تقيد الحقوق المنصوص عليها في الدستور. كما أوصى، بإعطاء صفة الاستعجال لتعديل المواد القانونية التي تفرض عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر وحرية التعبير، كقانون الجرائم الإلكترونية والعقوبات ومنع الإرهاب وإقرار حوافز في التشريعات، تشجع على تنوع وتعددية وسائل الإعلام في المجتمع، وإقرار قانون مستعجل لمجلس الشكاوى، ينصف المجتمع من أخطاء وسائل الإعلام. ودعا السلطة القضائية، لإيلاء اهتمام بمباشرة التحقيق المستقل في الانتهاكات التي تقع على الصحفيين والصحفيات، ووسائل الإعلام بمجرد العلم بها، أو النشر في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، وتأسيس مرصد للانتهاكات الواقعة على حرية التعبير، بخاصة ما يحدث في فضاء منصات التواصل. وحث الحكومة على الالتزام بتشكيل لجان تحقيق مستقلة في الانتهاكات التي تقع على وسائل الإعلام والصحفيين والصحفيات، والتوقف عن إصدار أوامر منع النشر، سواء من الحكومة أو من السلطة القضائية، لتعارضها مع معايير حرية الإعلام واستقلاليته. وأوصى بإطلاق صندوق دعم الإعلام المستقل، ترصد له موازنة مالية سنوية لمساعدة وسائل الإعلام، وفق معايير مهنية معلنة وشفافة، تديره لجنة خبراء مستقلين.

إقرأ المزيد : 

اضافة اعلان