استقالة إبراهيم نصر الله!

مساء الخميس، تقدم الكاتب إبراهيم نصر الله باستقالته من عضوية رابطة الكتاب الأردنيين. جاءت الاستقالة مقتضبة في سطورها، ولم يرد نصر الله منها أي شيء. لكنه سئم من الازدواجية في التعامل معه، وسئم من عدم التقدير الذي اختبره على مدى عقود!اضافة اعلان
في يوم الاثنين الماضي، كنت في جلسة مع أديبنا المهذب الخلوق، يوم تكريمه في منتدى عبد الحميد شومان، وقد بادرت أنا إلى سؤاله: كيف وجد التكريم الأردني بعد فوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية؟
غام وجهه بحزن كبير، وهو يجيب بهدوء: لم يلتفت أحد إلى أنني فزت بجائزة مهمة. كانت إجابة صادمة لي، غير أنه أراد أن يصدمني أكثر وهو يقول مؤكدا: لولا التفاتة مؤسسة عبد الحميد شومان لشككت أنني نلت الجائزة!!
إبراهيم نصر الله الذي تحدث بتحفظ كبير عن ظلم ذوي القربى، أكد أنه لا يريد شيئا من أي أحد أو أي جهة، غير أنه تساءل بمرارة: ما هي الغاية من وراء إهمال المؤسسات الرسمية والأهلية الأردنية لفوزه بجائزة مهمة، كيف لنا كأردنيين، جميعنا، أن لا نفاخر بها!
في الإعلان الرسمي للجائزة، قالت الجهة المنظمة: فوز الروائي الأردني الفلسطيني، أو الروائي الأردني من أصل فلسطيني، وهي صيغة كافية لأن يحق لنا، كأردنيين، مؤسسات وأفرادا، أن نحتفي بهذا الروائي الذي استطاع أن يظفر بجائزة يتوق إليها كل روائي عربي.
لكن نصر الله في جعبته عتب أكثر، فقد أكد أن الإهمال لم يكن من جهة المؤسسات الرسمية كوزارة الثقافة، أو الهيئات الثقافية كرابطة الكتاب الأردنيين، فقط، والتي لم تبادر إلى توجيه ولو مجرد رسالة تهنئة بالجائزة، فالأمر تعدى نحو الإعلام المحلي الذي تجاهل بدوره هذا الفوز، في حين كان الإعلامان العربي والعالمي يحتفيان بنصر الله.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلا بد لنا من التأشير على الطريقة التي تم التعامل بها مع نصر الله، فهناك مبدعون محليون وعرب حاولوا التقليل من شأن الرواية الفائزة، حتى أن ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بمحاولة الغمز من أنها منتحلة، بينما تعدى التجني نحو مؤسسة عبد الحميد شومان التي كرمت الروائي، لتنال هي الأخرى سيلا من الاتهامات والسباب والشتم الذي لا يمكن أن يؤشر على أي جدل صحي تنتجه ساحة معطلة تماما عن الإبداع ولا تحسن سوى الردح!
في وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين مبدعون حقيقيون، ويعرفون تماما أن نصر الله ليس نكرة بل هو أديب كبير وصل للعالمية بما يمتلكه من مشروع أدبي مهم سواء على صعيد الشعر أو على صعيد الرواية، لذلك فإن الإهمال المريب تجاهه لن يضره في شيء، بل سوف يديننا جميعنا باستمرار، وسوف يظل محل استهجان من جميع الذين يقرؤون أدب نصر الله ويتذوقونه.
استقالة نصر الله من عضوية رابطة الكتاب الأردنيين، احتجاجا، هي عار في جبين المؤسسات الثقافية الأردنية وإدانة للازدواجية التي تحكم عمل هذه المؤسسات، خصوصا حين نرصد عشرات التكريمات لأشخاص يراد لهم، عنوة، أن يكونوا أدباء وشعراء وروائيين، من دون أن يمتلكوا منجزا أو موهبة.
على وزارة الثقافة أن تراجع نفسها حيال تجاهل نصر الله، وعلى رابطة الكتاب أن تكف عن تسويق الرداءة وأن تلتفت إلى المبدعين الحقيقيين الذين يملكون مشاريع ثقافية. وإلى ذلك الحين، فإن استقالة إبراهيم نصر الله سوف تظل تصفع عدم نزاهتنا وازدواجيتنا الكريهة.