الفصائل الفلسطينية تطالب بسحب مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن وتعديله

سيدة فلسطينية تنتظر خلف السياج الحدودي لمعبر رفح على أمل مغادرة قطاع غزة - (رويترز)
سيدة فلسطينية تنتظر خلف السياج الحدودي لمعبر رفح على أمل مغادرة قطاع غزة - (رويترز)

نادية سعد الدين

عمان - تواصلت ردود الفعل الفلسطينية المناهضة للمشروع الفلسطيني المعدّل المقدم إلى مجلس الأمن الدولي بانتظار طرحه للتصويت، معتبرة أنه مساسّ بالثوابت والمبادئ الوطنية.
وطالبت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بسحب مشروع القرار، في ظل ضغوط سياسية يتعرض لها الجانب الفلسطيني لاستيعاب تعديلات إضافية أخرى.
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة تيسير خالد إن التعديلات الإضافية تخفض من سقف الموقف السياسي الفلسطيني المنخفض أصلاً في القضايا المتعلقة بالقدس واللاجئين والاستيطان والحدود والموارد الطبيعية.
وأضاف، في تصريح أمس، إن مشروع القرار، الذي تقدم به الجانب الفلسطيني إلى مجلس الأمن في 17 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، يجب سحبه، درءاً للأخطار السياسية المترتبة على الاستمرار في عرضه للتداول".
وأكد أن "مشروع القرار المذكور لم يتم بحثه في أي من الهيئات القيادية لمنظمة التحرير، مما يجرده من الغطاء السياسي الوطني، فيما ينطوي على خفض سقف المواقف والحقوق الوطنية".
وأوضح بأن "نصوص مشروع القرار تشكل قاعدة لانطلاق مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بمحددات واضحة تخفض من سقف الحقوق والمطالب الفلسطينية سلفاً وقبل بدء العملية التفاوضية، بما يتبين من النصوص الخاصة بالقدس والحدود والاستيطان وتبادل الأراضي واللاجئين".
ولفت إلى "ابتعاد المشروع عن موقف اللجنة التنفيذية للمنظمة بالتوجه إلى مجلس الأمن ودعوته لتحمل مسؤولياته في الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 ووضع سقف زمني لا يتجاوز العامين لإنهاء الاحتلال لأراضي دولة فلسطين، بما فيها القدس المحتلة، كأساس لمفاوضات وفق قرارات الشرعية الدولية".
وبين أن ذلك "يفضي إلى تسوية سياسية شاملة ومتوازنة توفر الأمن والاستقرار لشعوب ودول المنطقة، بما فيها دولة فلسطين وعاصمتها القدس المحتلة وتصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها"، قسراً بفعل العدوان الصهيوني العام 1948.
ودعا إلى "التوقف عن سياسة التفرد في الشأن الوطني وإعادة الاعتبار لمؤسسات المنظمة ومهماتها ودعوة الإطار القيادي المؤقت للبحث في الأوضاع الفلسطينية الراهنة والتوافق على استراتيجية وطنية جامعة لحماية حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني ومواجهة عدوان الاحتلال".
وأكد ضرورة "الانضمام إلى المنظمات والوكالات الدولية، وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية ومطالبة المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، تحمل مسؤولياته بوضع سقف زمني لنهاية الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وعودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم".
ويشار هنا إلى حاجة المشروع لتسعة أصوات خالية من "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي من أجل نفاذه، غير أن الجهة صاحبة المصلحة تقوم مسبقاً بحشد التأييد اللازم واستشفاف مواقف الدول قبيل طرحه للتصويت.
من جانبه، قال خبير القانون الدولي أنيس قاسم أنه "جائز قانوناً سحب مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حتى لو كان باللون الأزرق، وإجراء تعديلات عليه ومن ثم إعادته مجدداً، حيث تظل المناقشات قائمة إلى حين طرحه للتصويت".
وأضاف، لـ"الغد"، إن "مشروع القرار المذكور راهناً سيئ، بسبب افتقاره إلى المنهجية الواضحة، وتجاوزه للبرنامج الوطني الفلسطيني كما أقرته القيادات الفلسطينية".
وأوضح بأن "المشروع يطالب بالقدس عاصمة لدولتين، ما يخالف القرارات الفلسطينية المتواترة والثابتة باعتبار أن القدس الشرقية أو القدس الشريف عاصمة للدولة الفلسطينية، بينما يشوبه الغموض الضارّ بالبرنامج الوطني، عند حديثه عن "القدس" دونما تحديد".
ولفت إلى أن "المشروع يتخبط في مجمل الفقرات الواردة بالنص، حيث يطالب في الفقرة الأولى منه انجاز دولة فلسطينية خلال 12 شهراً من تاريخ صدور القرار، بما يفيد أن تكون هناك دولة بعد سنة من صدور القرار".
بينما "تتحدث الفقرات التالية عن المستوطنات والحدود والأمن وغيرها من القضايا الحيوية لمكونات الدولة، ما يقع التناقض بين بند يعدّ بدولة ناجزة، وأخرى تدخل في تفاصيل تحتاج إلى عقود من المفاوضات".
ورجح "مشاركة عدة أطراف في صياغة المشروع، فأضافت شيئاً من أجندتها، بما أنتج مشروعا مشوهاً وغير منسجم".
وبين أن "تركيبة المجلس الحالية غير مشجعة، بحيث يفضل طرح المشروع العربي الفلسطيني في مطلع العام المقبل لاختلاف تركيبته وانضمام دول صديقة لفلسطين في عضويته".
وحول المواقف الأوروبية الأخيرة، قال قاسم إن "اعتراف برلمانات أوروبية بدولة فلسطين يشكل أمراً مهماً لما يمثله في المحصلة وجهة نظر الشعوب المؤيدة للقضية والشعب الفلسطيني ضدّ الاحتلال، ولكنه يظل رمزياً أخلاقياً ولا يؤدي، في المدى المنظور على الأقل، إلى نتائج أو إجراءات عملية".
وبين أن "برلمانات الدول الأوروبية تلك، تعدّ تاريخياً من الدول الداعمة للقضية والشعب الفلسطيني، فيما السويد، وهي أول دولة أوروبية تعترف بدولة فلسطين، قدمت لفلسطين تاريخياً الكثير، حيث كانت لجنة التحقيق المشكلة عام 1930 برئاسة وزير خارجية السويد الأسبق، بينما الكونت برنادوت السويدي يعدّ ملهم القرار 194".
واعتبر أن "المطلوب ليس فقط الاعتراف، رغم أهميته، بل قيام تلك البرلمانات بالضغط على حكوماتها تجاه مقاطعة الاحتلال سياسياً واقتصادياً، من أجل اجباره على الإنسحاب من الأراضي المحتلة".
من جانبها، قالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية إن "مشروع القرار الذي قدم باسم الفلسطينيين والعرب إلى مجلس الأمن بعد تعديله نتيجة الضغوطات تضمن هفوات خطيرة هبطت بسقف المطالب والثوابت الفلسطينية المتفق عليها".
وأوضحت، في بيان أمس، بأن "صيغة القرار تساوي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي المحتل، ويصف نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية جزءاً من صراع بين طرفين يتطلب تحقيق ما يصفه "بالمطالب والتطلعات المشروعة للطرفين".
وتابعت إن "الصيغة تستبدل المطلب الفلسطيني المشروع والمعترف به دولياً بأن القدس الشرقية المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية بأخرى تتحدث عن "القدس عاصمة مشتركة للدولتين"، بما يفتح الباب أمام المشاريع الإسرائيلية بضم واقتطاع معظم أجزاء القدس وتحويل الوجود الفلسطيني فيها إلى رمزي". ولفتت إلى "ضعف الصيغة المقترحة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها"، بينما يصف المشروع المقدم المستوطنات بأنها "ليس لها شرعية قانونية وتشكل عقبة خطيرة أمام السلام".
وأعربت عن استغرابها من "تكرارعبارات "العنف والتحريض والإرهاب" في مشروع القرار دون الإشارة بها للاحتلال، مقابل غياب الذكر عن مشروعية النضال الوطني الفلسطيني، وطلب الامتناع عن ما يسميه "أعمال التحريض وأعمال استفزازية" بشكل يساوي فيه بين الطرفين".
وأشارت إلى "مخاطر ما تضمنه المشروع من تمديد الفترة الزمنية للحل إلى ثلاث سنوات والعودة للحديث عن فترة انتقالية وانسحاب تدريجي، من دون طرح الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67 أو قيام الدولة الفلسطينية ضمنها".
ويتبنى المشروع "المطلب الإسرائيلي بأن الحل الناتج عن التفاوض يضع حداً لكافة المطالب، ما يستهدف في الاساس حقوق اللاجئين وحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة طوال عقود".
وأكدت أن "صيغة القرار المطروح لم تعرض ولم تقر من الهيئات الفلسطينية القيادية"، مطالبة بسحبه، وإعادة صياغته بما يتفق مع الثوابت والحقوق الوطنية، ودعوة الاطار القيادي لتفعيل المنظمة لصياغة رؤية واستراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، والانضمام الفوري لمحكمة الجنايات الدولية و كافة المؤسسات الدولية".
وبالتوازي؛ انتقدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن، وأعربت عن رفضها له بسبب "تعارضه مع مفاصل رئيسة في البرنامج الوطني المتمثّل في حق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة عام 1967".
وأكدت، في بيان أمس، على "خطورة التفرد في صوغ مشروع القرار الذي يتعلق بمستقبل حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله، وفرضه كأمر واقع للتداول في الأوساط الدولية بعيداً عن نقاش وإقرار اللجنة التنفيذية للمنظمة وفصائل العمل الوطني".
واعتبرت أن مشروع القرار "يحوي في طياته صياغات ملتبسة ما يحمل مخاطر فعلية على حقوق الشعب الفلسطيني كافة"، ما "يُفقد الدولة الفلسطينية المأمولة من أي استقلال أو سيادة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، مقابل إعطاء الأولوية بالعودة إلى المفاوضات الثنائية بالرعاية الأميركية على أية التزامات جادة بإنهاء الاحتلال". ورفضت "تأكيد مشروع القرار على الوسائل السلمية فقط لتحقيق الأهداف الفلسطينية وما تضمنه من حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وأن تكون القدس عاصمة للدولتين". ورفضت "ما تضمنه المشروع حول تبادلية للأراضي، وما يُمكن أن يترتب عليه من تشريع وتكريس للاستيطان، واستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم في فلسطين التاريخية".

اضافة اعلان

[email protected]