مسؤولون: المصالحة الفلسطينية مؤجلة لوقت غير منظور

قوات الاحتلال الإسرائيلية تغلق الطريق المؤدية إلى وسط القدس القديمة.-( ا ف ب)
قوات الاحتلال الإسرائيلية تغلق الطريق المؤدية إلى وسط القدس القديمة.-( ا ف ب)

نادية سعد الدين

عمان- باتت خطوات إنجاز المصالحة الفلسطينية في حكم المؤجل، غير المنظور، بعدما أضاف حادث "انفجار العبوة الناسفة" في قطاع غزة، مؤخرا، تحديا وازنا إلى جملة المعوقات القائمة، وعطل لقاء كان قيد الترتيب المصري بين أطراف الإنقسام، فيما يتسبب في إضعاف الجبهة الداخلية المضادة لمساعي تمرير الخطة الأميركية.

اضافة اعلان

وما يزال مسار التحقيق مستمرا في استهداف مركبة رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدلله، بعد عبوره معبر "بيت حانون" نحو قطاع غزة، مؤخرا، إلا أن التراشق الإعلامي المتبادل بين حركتي "فتح" و"حماس" قد استبق النتائج، بما يبرز "عمق الخلافات الثنائية المتراكمة والكامنة خلف المشاهد المعلنة"، وفق مسؤولين فلسطينيين.

واعتبروا، في حديث لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، أن "تلك الخلافات التي تبرز بشكل متواتر بين الطرفين من شأنها أن تؤثر سلبا على مساعي إنجاز المصالحة، وتحقيق الوحدة الوطنية، الكفيلة بصد محاذير تمرير ما يسمى "صفقة القرن" الأميركية".

وقالوا إن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول "الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي"، ونقل سفارة بلاده إليها بالتزامن مع ذكرى "النكبة"، في 15 أيار (مايو) المقبل، يستدعي "ترتيب البيت الداخلي، ووضع استراتيجية وطنية موحدة للتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية".

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، إنه "من المتوقع أن تزداد الضغوط على الجانب الفلسطيني خلال الفترة القادمة للقبول بما يسمى "صفقة القرن"، الأميركية، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية".

وأضاف أبو يوسف، لـ"الغد"، إن "المساعي الأميركية- الإسرائيلية، المتواترة، لتصفية القضية الفلسطينية، عبر "صفقة القرن"، وحصر الحقوق الوطنية ضمن بحث الوضع الإنساني لقطاع غزة، وقرار ترامب الأخير بشأن القدس، تستدعي تحقيق المصالحة، وترتيب البيت الداخلي، ووضع استراتيجية موحدة لقطع الطريق أمام المتربصين للمساس بالحقوق الوطنية".

وأوضح بأن "تفجير العبوة الناسفة" في قطاع غزة، يعد "محاولة لإعطاء المزيد من أوراق القوة بيد الاحتلال الإسرائيلي، وقطع الطريق أمام تحقيق المصالحة الوطنية"، معتبرا أن "هذا الحادث الإجرامي يستهدف تعكير الأجواء المواتية لإنهاء الانقسام"، الممتد منذ العام 2007.

ولم يستبعد أبو يوسف أن يؤثر هذا الأمر على خطوات المصالحة، معتبرا أن "الوضع الفلسطيني الحالي لا يحتمل أحداثا من ذلك؛ مما يتطلب الإعلان عن نتائج التحقيق قريبا ومحاسبة ومحاكمة المسؤولين عن هذا الحادث".

وكانت أنباء قد أفادت مؤخرا بإمكانية إرجاء الإدارة الأميركية لإعلان ما يسمى "صفقة القرن"، التي تتضمن ملامحها، وفق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، "عاصمة دولة فلسطين في ضواحي القدس، وممر آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وضم الكتل الاستيطانية للكيان الإسرائيلي، ونشر قوات الاحتلال على طول نهر الأردن مع إبقاء السيطرة على منطقة الأغوار".

من جانبه، قال نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إنه في ظل "غياب التعقل بالتعاطي مع الأحداث الجارية، فإن المصالحة تبقى الحلقة الأضعف بالتعطيل والتأجيل، غير المحسوم، لأجل إنهاء الإنقسام".

وأضاف خريشة، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الاحتلال هو المستفيد الأول من حالة الإنقسام القائمة، ومن تبعات حادث "انفجار العبوة الناسفة"، فيما هناك لاعبون آخرون، سواء في الساحة الفلسطينية أم لدى الكيان ألإسرائيلي، فضلا عن "عملاء" الاحتلال، إذ يستهدفون الوحدة الوطنية والمس بالمشروع الفلسطيني".

وطالب خريشة بتشكيل لجنة تحقيق وطنية في الحادث بمشاركة "التشريعي" وعدد من القضاة، بالإضافة إلى لجنة التحقيق الفنية المهنية القائمة حاليا، من أجل صد مخططات الأعداء"، لافتا إلى أن "هذا الحادث كان موضع إدانة جمعية ويعد غريبا على المجتمع الفلسطيني".

ورجح تأثير تبعات الحادث على خطوات المصالحة، معتبرا إن "إطالة أمد الإنقسام يفتح المجال أمام تدخل أطراف أخرى مضادة، لكونها المستفيدة من استمراره"، داعياً إلى "تسريع خطوات تحقيق المصالحة وإنجاز الوحدة الوطنية للتصدي للمخطط الكبير الذي يستهدف القضية الفلسطينية".

بدوره، استبعد خبير الدراسات الإسلامية والأكاديمي في جامعة القدس بفلسطين المحتلة، حمزة مصطفى، وقوف "التفجير" في قطاع غزة كحجر عثرة أمام المصالحة، عند "توفر الإرادة الحقيقية لتحقيقها، والتجرد من المصالح الشخصية لصالح الوطن والقضية الفلسطينية".

وقال مصطفى، لـ"الغد"، "لا علاقة لحماس ولا لأي فصيل فلسطيني بهذا الحادث الغريب عن المجتمع الفلسطيني، والذي يستهدف التخريب وزرع الفتنة والشقاق بين بصمات الشعب الفلسطيني".

بينما "بصمات الاحتلال الإسرائيلي حاضرة، ولربما الجهات السلفية الجهادية المتطرفة في غزة التي ترفض الجميع، وذلك بانتظار نتائج التحقيق التي سيتم إعلانها قريباً أمام الجمهور الفلسطيني"، معتبراً أنه في ظل غياب العقلانية قد يكون "حادث غزة" حجر عثرة أمام المصالحة بحيث يمنع الرؤية الصحيحة.

وأكد ضرورة "ترتيب البيت الداخلي، وإنجاز المصالحة، وتحقيق الوحدة الوطنية، لأجل التصدي للمساعي الأمريكية – الإسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والتي تمر في أصعب مراحلها، لاسيما بعد قرار الرئيس ترامب بشأن القدس".

وبعيداً عن تلك الإشكالية؛ تقف الكثير من التحديات أمام إنجاز المصالحة، لأجل إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، في ظل الملفات الملفات الخمسة الشائكة والمؤجلة؛ وهي تفعيل منظمة التحرير، النظام السياسي، إجراء الانتخابات، تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، عدا الأمن.

ويقف تباين البرنامج السياسي حجر عثرة عند الإيغال بعيدا في تطبيقات لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير، التي تستهدف دخول حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تحت مظلتها، في ظل غياب الأرضية السياسية المشتركة بين "فتح" و"حماس"، بدون أن تسهم الوثيقة الرسمية "لحماس"، الصادرة في أيار (مايو) الماضي بالدوحة، في تقريب حدود المسافة البعيدة بينهما.

وقد يبرز الشد هنا عند مشاورات الحكومة القادمة، أو إجراء الانتخابات، فيما تطل قضية التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية والاحتلال برأسها الثقيل على أفق أي تحرك لتحقيق المصالحة، عدا تباين منظور الحركتين حيال تفسير بنود اتفاق المصالحة، والمغزى المستفاد من مضمونه. 

فيما يلعب العامل الإسرائيلي دورا مهما في تغذية الانقسام وتعميقه، وعدم حله، بسبب سيطرته على ثلاثة ملفات على الأقل من تلك المطروحة على طاولة الحوار الفلسطيني، وهي الحكومة، والانتخابات، والأمن، وقدرته على تعطيلها وإفشالها.

بينما لا تزال الخلافات قائمة بين الطرفين حول مسألة تمكين الحكومة الفلسطينية من أداء عملها في قطاع غزة.