نشر الإشاعات من أعظم الجرائم

على المسلم أن يكثر من الطاعات وأن ينشغل فيها خلال الشهر الفضيل - (أ ف ب)
على المسلم أن يكثر من الطاعات وأن ينشغل فيها خلال الشهر الفضيل - (أ ف ب)

إن نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة من أعظم الجرائم التي حذر منها كل من القرآن والسنة، التي من شأنها هدم الدول، فضلا عن البيوت وما تحمله في طياتها من قتل معنوي وإرهاب للناس.اضافة اعلان
قال الحق تعالى في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وفي قراءة أخرى (فتثبتوا)، فهنا نداء من الله لأهل التكليف من المؤمنين بالتبيُّن والتثبت عند تلقي الأخبار وحتى عند نشرها.
فلا يحل للمسلم أن ينشر خبرا من دون أن يكون متأكدا من صحته، بل نقول: ليس كل ما يعرف يقال، بل من الحكمة أن نتعلم متى نتكلم ومتى نسكت، فإن مما علمنا أشياخنا بارك الله في أعمارهم ورحم من مات منهم، أن نكتم بعض العلم عن بعض الناس حتى لا يكون لهم فتنة.
قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم (كفى بالمرء كذِباً أن يُحدِّثَ بكل ما سمع)، قال ابن حبان عند ذكر الخبر السابق: "في هذا الخبر الزجر للمرء أن يحدث بكل ما سمع حتى يعلم على اليقين صحته ثم يحدث به دون ما لا يصح"، قلت أبو أنس: ذلك بأنه قد ينقل كذبا ويشيع فتنة بقصد أو بغير قصد.
بل إنه من أعظم الفساد كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن القيل وقال) أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر ولا تبيّن.
وكثيرون هم من اكتووا المسلمين بنار الإشاعات، ولنتأمل حادثة الإفك، وهي إشاعة أشاعها الفاجر
عبد الله بن أبي بن سلول وتداولها المنافقون وتأثر بها بعض المسلمين والمسلمات بغير تفكير ووعي، ولقد ظل المسلمون شهراً كاملاً تعتصرهم فتنة عاصفة، ويكفينا أن الله سبحانه كَذّبَهَا في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وصدق الله سبحانه إذ يقول: "لا تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ".
فكانت درسا تربويا عظيما لكل من ينقل الأخبار بغير تثبت، نعم... الإشاعات كانت السبب الرئيس في هزيمة المسلمين في غزوة أحد عندما أشاع المشركون مقتل النبي، صلى الله عليه وسلم، الإشاعات كانت السبب الرئيس في مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، عندما أشاع ابن سبأ اليهودي أن عثمان يحرف القرآن، والإشاعات دائما كانت وما تزال مصدرا لكل وقيعة وفتنة.

الدكتور ماهر حنون
عضو رابطة علماء الأردن