الأردنيون العائدون.. هل أسقطناهم من حساباتنا؟

ترى وزارة التربية والتعليم إمكانية بدء العام الدراسي الجديد في الأسبوع الثاني من آب (أغسطس) المقبل، وهو قرار اذا ما اتخذ فسيكون بالتأكيد مبنيا على دراسات موسعة لجميع الظروف التي تحكم عملية التعليم برمتها خصوصا في المرحلة الراهنة التي تستلزم مراعاة لمعايير سلامة استثنائية تفرضها جائحة كورونا. لكن، ورغم ذكاء الوزارة ونظرتها الاستشرافية للمستقبل ومحاولتها استباق الأمور بتقديم موعد بدء الدراسة تحسبا لموجة ثانية لكورونا، إلا أنه غاب عنها أمر بسيط ربما لم يشكل لها أي قلق حقيقي، وهو مسألة أولئك الأردنيين الذين خسروا أعمالهم في الخارج وينتظرون الفرصة المناسبة لكي يعودوا إلى بلدهم. في كل العالم تضطلع وزارات التربية بمهمة وضع السياسات التعليمية، وتنظيم العملية بما يضمن شموليتها وعدالتها، ومتابعة وضبط تنفيذها. لكن وفي ظل تقديرات تتوقع عودة 60 إلى 80 ألف أردني عامل في الخارج وما يرافق هؤلاء العاملين من أبناء في المدارس، فهل نظرت وزارتنا بعدالة إلى الأمر؟! أشك في هذا لسبب بسيط جدا، وهو أن مطاراتنا مغلقة منذ منتصف آذار (مارس) الماضي ولم تستقبل سوى الرحلات التي نظمتها الحكومة لإعادة طلبة او مواطنين تقطعت بهم السبل في الخارج، بينما هنالك آلاف المناشدات الفردية التي انطلقت من أردنيين في أماكن مختلفة من العالم والتي تطالب الحكومة بالنظر بعين الرأفة إلى حالهم، خصوصا اولئك الذين تم إنهاء خدماتهم في الشركات والمؤسسات التي كانوا يعملون فيها، وهم اليوم يأكلون من مدخراتهم ان كانت لديهم مدخرات اصلا. بينما آخرون يضطرون للاستدانة والتسول أحيانا لكي يظلوا قادرين على إعالة أسرهم. هؤلاء منسيون تماما من التفكير المستقبلي الحصيف لوزارة التربية، أو أنها تتذكرهم لكنها لا تبالي أبدا في أن ترميهم هم وأبناءهم تحت مقصلة التعليم الخاص بكل ما ظهر عليه هذا التعليم من استشراس واللا عدالة خلال الاشهر القليلة الماضية. فهل فكرت الوزارة في أن تفعل هذا الأمر عن سابق إصرار وترصد؟ أم أنها وكما هي عادة العمل العام لدينا سوف تتذكرهم لاحقا وسوف تتعامل مع قضايا اولئك الأردنيين بالقطعة؟! لماذا أقول إن الوزارة عمدت إلى ذلك عن سابق اصرار وترصد؟ وهل أتجنى عليها في ذلك؟ أم أنه واقع الحال الذي تفرضه قراءة بسيطة في إجراءات الوزارة عند النظر إلى أنها لم تعمد إلى وضع خطة وإجراءات لاستقبال الطلبة المحتمل عودتهم، حتى أنها لم تشر أبدا إلى العدد المحتمل لهؤلاء الطلبة، ونحن نعلم أن استقبال الطلبة الجدد في المدارس الحكومية ينتهي في الأسابيع الأخيرة السابقة لبداية العام الدراسي، كما نعلم جيدا أيضا أن مدارسنا الحكومية لا يمكنها استقبال طلبة جدد بأعداد كبيرة نظرا للاكتظاظ الشديد الذي تعانيه أصلا. يحق للوزارة، كسلطة متفردة بقرار التعليم أن تأخذ السيناريو الذي تستريح بإمكانيات تطبيقه. لكن بالتأكيد لا يحق لها أن تحرم آلاف الأردنيين من حقهم في أن يندرجوا ضمن التعليم الحكومي لا أن يضطروا مرغمين الى الالتحاق بمدارس خاصة تمتص عرقهم وتبتزهم بسبب أن الوزارة العتيدة لم تضعهم ضمن مخططاتها. عودة الدراسة في الأسبوع الثاني من آب المقبل لا تحمل في طياتها معنى العدالة التي يتوجب على الوزارة تحقيقها لذلك ينبغي لها أن تنظر بعين المسؤولية إلى أولئك الأردنيين الذين ينتظرون العودة إلى بلدهم بعد أن خسروا كل شيء تقريبا لكنهم ما يزالون يؤمنون ببلدهم وبأنه قادر على إنصاف أبنائهم على الأقل. فلننصفهم أرجوكم.اضافة اعلان