البنوك الأوروبية والأميركية

موسى الساكت – بعيدا عن أن الكثير اصبح مختصا في الشأن الاقتصادي، خصوصا في الشأن المالي ويتنبأ بانهيار القطاع المصرفي، تكهن البعض أن هذه النبوؤة ستمنع البنوك المركزية من رفع الفائدة، إلا أن البنك المركزي الأوروبي رفع سعر الفائدة لدول منطقة اليورو الخميس الماضي، بنصف نقطة مئوية (0.5 في المئة) إلى 3 %، ولم يخش المركزي الأوروبي من أضرار استمرار التشديد النقدي على السوق والقطاع المصرفي. لا بد من فهم اقتصادات السوق اولاً والديناميكية التي يعمل من خلالها ودراسة الاقتصاد عن عمق قبل الإدلاء بأي تصريحات “غير علمية”. ثمة فرق بين البنوك الأوروبية والبنوك الاميركية وسياسة كل من المركزي الاوروبي والفيدرالي الاميركي. فالبنوك الاوروبية أفضل من نظيرتها الأميركية نتيجة تشديد السلطات الأوروبية إجراءات الرقابة والمتابعة عقب الأزمة المالية العالمية في 2008، إضافة إلى زيادة الاحتياطي النقدي للبنوك لدى البنك المركزي الاوروبي لضمان عدم تعرضها لأزمات سيولة حادة. كما انه بحسب آخر بيانات في نهاية العام الماضي تفيد بأن البنوك الأوروبية ليست منكشفة على إقراض شركات التكنولوجيا الناشئة أو شركات العملات الرقمية مثل البنوك الأميركية، وتعتمد البنوك الأوروبية في قاعدة تعاملاتها الأوسع على شركات التجزئة الصغيرة والمؤسسات والشركات التجارية. وتفيد هذه البيانات ايضاً أن البنوك الأوروبية أقل انكشافاً على مخاطر الخسائر من انخفاض قيمة السندات نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة عن نظيرتها الأميركية التي تواجه “خسائر غير محققة” نتيجة انخفاض قيمة حيازتها من السندات بما يصل إلى 650 مليار دولار! وعودة الى البنوك الاميركية فإن احد اهم الاسباب الرئيسية لانهيار البنوك الثلاث بالولايات المتحدة؛ “بنك سيليكون فالي” في كاليفورنيا وبنك “سيغنيتشر” في نيويورك وقبلهما “بنك سيلفر غيت” في ساندياغو كان بإعفاء البنوك التي تقل قيمتها السوقية عن 250 مليار دولار من بعض القيود على رأس المال المتوفر لديها ومن اجتياز اختبارات السلامة السنوية التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي، ومن المعلوم ان عدد البنوك التي تغلق ابوابها سنويا في الولايات المتحدة وتأتي بنوك مكانها 15 بنك سنوياً على الاقل! هذا التخفيف سمح للبنوك متوسطة الحجم منها بنك سيليكون فالي من حيازة كميات كبيرة من سندات الدين في فترات انخفاض أسعار الفائدة قرب الصفر، بالتالي تعرضت لخسائر حين احتاجت لبيع تلك السندات لتوفير السيولة بسبب ارتفاع العائد على السندات وانخفاض قيمتها مع رفع البنك المركزي أسعار الفائدة من صفر إلى ما فوق نسبة أربعة في المائة. التضخم يؤرق الاقتصادات المتقدمة ولديها حلولها العلمية والعملية وهذا سيؤثر بالطبع على النمو الاقتصاد بشكل عام وسيؤثر على عالمنا العربي بشكل خاص كون عملات الدول العربية اغلبها مربوط بالدولار وهذا لا يعطي السياسة النقدية في دولنا اي مساحة للتحرك. وحتى لا تتضرر اقتصاداتنا لا بد من تخفيف اعباء وفوائد الاقتراض وضخ مزيد من السيولة لإقامة المزيد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة خصوصا الصناعية منها لأنها الاكثر تشغيلاً للعمالة. بنوكنا الأردنية بخير ولن يحدث اي تداعيات على اثر ما حصل الأسبوع الماضي من اغلاق لبعض البنوك في الولايات المتحدة او التراجع الذي حصل في البنك السويسري. وما نزال نقول ان سياسة بنكنا المركزي من افضل السياسات، ولكن حتى لا نتراجع اقتصادياً فنحن بحاجة لحزم اكبر للقطاعات الانتاجية وان تكون بنوكنا المحلية اكثر سرعة ومرونة في اعطاء هذه القروض ذات الفائدة المنخفضة. المقال السابق للكاتب:  لقاء تفاعلي اقتصادي مميزاضافة اعلان