اللقاحات والفرصة التي يجب ألا نفوتها!

ونحن اليوم أمام فرصة تاريخية قد أصبحت متاحة للتعافي من الجائحة وآثارها، مع بدء توفر اللقاحات في الأردن نصبح من الدول التي أمامها فرصة لبدء مرحلة أخيرة من المواجهة في الطريق الشائك للتعافي من الجائحة. فكما ضربت الجائحة على حين غرة بعنف وألقت اقتصادات العالم في مهب الريح، فإن سمة العام الحالي ستكون التلقيح للجم الجائحة وبدء التعافي الصحي وبالتالي الاقتصادي، والسباق محموم وعلى أشده على اعتبار بأن الفرص الاقتصادية ستكون لائحة أمام من يتعافى أولاً وبسرعة ليحجز له مكاناً في مصاف الدول التي تجاوزت الأزمة.اضافة اعلان
ليس من المستغرب بأن الأردن قد حاز على الصدارة في إحصاءات منظمة الصحة العالمية لقائمة دول العالم بنسبة المدخنين؛ حيث وجدت الإحصائية بأن أكثر من 8 من كل عشرة أشخاص يتعاطى نوعا من النيكوتين بأنواعه، وبأن معدل السجائر اليومي للمدخن بالأردن الأعلى بالعالم، وبأن 18 % من واردات خزينة الدولة تأتي من ضرائب منتجات التدخين بأنواعها. لكن الغريب بحق، أن هناك فئات من المجتمع في الوقت نفسه، ما تزال ترفض الحصول على لقاح كورونا، بل وهناك من يجاهر بأنه يرى فيه خطورة حقيقية وبأن سرعة إنتاج اللقاح مريبة ووراءها مؤامرة كونية!
لم أستطع شخصياً أن أفهم بصراحة المنطق الذي تقيم به تلك الفئة من الناس المعلومات العلمية، ولا أستوعب كم المغالطات العلمية المستشرية بينهم بطريقة تشكل ربما خطراً أكبر بكثير من أي مرض ساري معدٍ. وإن كنت لا أعرف الطريقة التي يأخذ بها البعض قرارات مصيرية على تلك الشاكلة، إلا أن ما لا أستوعب بصراحة أبداً مدى الثقة بالنفس لدى المجتمعات النامية بشكل عام، عند مواصلة التحدث عن نظريات المؤامرة الكونية التي تحاك بالخفاء من عقول شيطانية حولهم وكأننا -في هذه المنطقة من العالم- قد بتنا قاب قوسين أو أدنى من الهبوط على المريخ أو الوصول الى تركيبة إكسير الخلود.
فالحقيقة المؤسفة التي ترفضها ذاتنا العليا جملةً وتفصيلًا بأنه بالأساس ربما لا أحد بالعالم يكترث لوجود سكان العالم النامي من عدمه، وللأسف فهذه المنطقة من العالم لم يعد لها أي تأثير يذكر على مسيرة البشرية طالما نواصل الإصرار على التفكير بالطريقة ذاتها التي عفا عليها الزمن. أليس خيار أخذ قرار بالإقلاع عن التدخين، والابتعاد عن الأكل غير الصحي، والحفاظ على وزن مناسب (والتي ثبت بالأبحاث العلمية المثبتة أن لها جميعها أثرا إيجابيا مباشرا على الصحة والعمر الافتراضي)، سيكون أكثر جدوى منطقياً من قرار رفض تلقي لقاح كورونا على اعتبار أنه غير مدروس بشكل كاف (وهذا قائم على مجموعة من الفرضيات المبنية على معلومات منقوصة لا تمت للعلم بأي صلة) والذي هو في الظرف الحالي فعليًا ليس أحد الخيارات المتاحة من الأساس!
مجدداً، فإن توفر اللقاحات محلياً هو فرصة تاريخية لمحاولة النهوض ونفض آثار الجائحة صحياً واقتصادياً، ومحاولة مواكبة الركب العالمي المتجه بسرعة نحو التعافي وبالتالي معاودة تحقيق نمو اقتصادي. اللقاحات تاريخياً واجهت بعض المقاومة والرفض بالبداية إلا أنها في الوقت نفسه قدمت خدمات جليلة للإنسانية عبر تخفيف نسبة المرض والوفاة وخلصت الإنسانية من أمراض وأوبئة كثيرة لم يعد لها كثير من الذكر، بل وحتى ورفعت من مستوى الرفاهية والتطور للجنس البشري بأكمله. والعلماء والأطباء والطواقم الصحية الذين يمضون عمرهم في البحث والتطوير والدراسة أقل ما يمكن بأن تكافأ جهودهم النبيلة بأن يتمكنوا من حصد نجاحهم وقطف ثمار تعبهم، بدلاً من إضافة المزيد من الهموم التي عليهم بأن يكابدوها من أجل تطور الجنس البشري!